من الغريب حقيقة أن تدعو وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون العرب إلى تقديم مبادرات في اتجاه تطبيع العلاقات مع إسرائيل، وكأنها لا تعلم أن العرب قدموا مبادرة سلام واضحة منذ 2002م، إلا أن التعنت الإسرائيلي وقف في وجه تحقيق أي سلام! فما المطلوب بالضبط من العرب أكثر مما قدموه؟
هل السلام مصلحة عربية بحتة لا علاقة لإسرائيل بها؛ ولذلك تصر على تعطيل أي تحرك تجاهها؟ من الواضح أن الإجابة: نعم، وأن مصلحة إسرائيل تكمن في استمرار الصراع، وافتعال الأزمات، واندلاع الحروب؛ فالتاريخ يقول ذلك والأحداث تؤكده! وإلا لكانت إسرائيل استفادت من مبادرة السلام العربية التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين وتبنتها قمة بيروت العربية في عام 2002م.
والغريب في دعوة كلينتون أنها صاحبتها ليونة وربما تفهم لاستمرار أنشطة الاستيطان الإسرائيلية، مع أن هذه الأنشطة من كبريات العقبات في طريق تحقيق السلام؛ وبالتالي كيف يُطلب من العرب أن يقدموا مبادرات لتشجيع آفاق عملية السلام - وفق تعبيرها - في حين يتم غض الطرف عن تصريحات وأفعال الحكومة الإسرائيلية المتطرفة بقيادة المتطرف بنيامين نتنياهو ووزير خارجيته الأشد تطرفاً أفيغدور ليبرمان! هذا الوزير الذي يعتبر بحد ذاته عقبة في وجه السلام إلى درجة أن الرئيس الفرنسي نيكولاساركوزي طالب نتنياهو بتغييره!
دعوة كلينتون تعيد إلى الأذهان الأخطاء التي وقعت فيها الإدارات الأمريكية السابقة، تلك الأخطاء التي يصر الأمريكيون على ارتكابها على مر العقود، والتي كانت ولا تزال أحد أكبر الأسباب في استمرار الصراع إلى يومنا هذا. ونتساءل إن كان الرئيس الأمريكي باراك أوباما أيضاً يرى أن تحريك السلام بحاجة إلى مبادرات جديدة وتحركات من قبل الطرف العربي وحده، دون النظر إلى الطرف الآخر المتصلب؟!. فإن كان كذلك، فهي نكسة في سياسة أوباما تجاه الشرق الأوسط، وإن كان غير ذلك فنرجو أن يصحح ما ذهبت إليه كلينتون، ويضغط على إسرائيل من أجل أن تعيد الحقوق إلى أصحابها.
***