(الجزيرة) - خاص
من القيم الإسلامية التي حث الشارع الحكيم على الالتزام بها، والحرص عليها.. حسن التعامل مع الجار، والإحسان إليه، والتعاون معه.. وقد ورد في الحديث الصحيح أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه)، وقال - عليه الصلاة والسلام :(كان الله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه).. وكلما زاد الإنسان في إحسانه إلى جاره، كان ذلك دليلا على زيادة إيمانه.. إلا أنه مع حياة المدنية المعاصرة، تأثر الكثير من الناس بذلك، حتى أصبح الجار لا يعرف جاره، ولا يتفاعل معه في فرحه وحزنه، بل أضحى التباعد بين الناس سمة هذا العصر.. فكيف يمكن أن نحافظ على هذه القيمة الإسلامية رغم ضغوط الحياة المدنية المعاصرة، وانشغال الناس عن بعضهم البعض؟
أذية الجار
يقول الشيخ الدكتور مزهر بن محمد القرني (رئيس محاكم منطقة الباحة): حث الإسلام على ترابط المجتمع واجتماع أفراده وحتى يتحقق هذا المبدأ حرم بهت المسلم وغيبته ونميمته والمكر به والسخرية والخديعة والاستهزاء به والكذب عليه حتى يصبح المجتمع المسلم كالبنيان يشد بعضه بعضا وكالجسد الواحد إذا أشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، ثم وضع عدة ضوابط لهذا التلاحم والترابط فأوصى بالجار بقرآن يتلى كما قال تعالى: {وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا} (36) سورة النساء، روي عن ابن عباس ومجاهد وغيرهما في تفسير (الجار ذي القربى) الذي بينك وبينه قرابه (والجار الجنب) الأجنبي عنك (والصاحب بالجنب) الرفيق في السفر وقيل الرفيق بالحضر والسفر وقيل الصاحب بالجنب المرأة، والجيران في عرف الشرع ثلاثة، ولكل منهم حق يناسبه؛ فجار مسلم قريب له ثلاثة حقوق: حق الإسلام وحق القرابة وحق الجوار وجار مسلم له حق الإسلام وحق الجوار وجار مشرك له حق الجوار.
وقد روي عن عبدالله بن عمر أنه أمر بشاة فذبحت فقال لغلامه أهديت لجارنا اليهودي منها شيئاً فإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه،وأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بإكرام الجار في قوله: من كان يؤمن بالله واليوم والآخر، فليكرم جاره، وأمر بالإحسان إليه كما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحسن إلى جاره) ونهى عن أذيته كما روى أبو هريرة أيضا قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره) وقد روي أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن لي جاراً يؤذيني فقال أصبر ثم أتاه فقال أصبر ثم أتاه فقال أعمد إلى متاعك ففرغه في الطريق فإذا أتى عليك آت فقل: إن جاري يؤذيني قال: فتحل أو تجب اللعنة. وفي رواية أخرى للحديث أنطلق فاخرج متاعك إلى الطريق ففعل فاجتمع عليه الناس فقالوا: ماشانك؟ فجعل يقول:جاري يؤذيني فذكرت للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: انطلق فاخرج متاعك إلى الطريق فجعلوا يقولون: اللهم العنه، اللهم أخزه، فبلغه فأتاه فقال: ارجع إلى منزلك فو الله لا أوذيك أبداً .
وقد عدت أذية الجار من أذية النبي صلى الله عليه وسلم ففي حديث فيه مقال عن أنس بن مالك قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من آذى جاره فقد آذاني ومن آذاني فقد حاربني ويشهد له ما رواه ابن مسعود قال قال رسول الله عليه وسلم (والذي نفسي بيده لا يؤمن عبدٌ حتى يأمن جاره بوائقه قلنا: يارسول الله وما بوائقه؟ قال: غشمه وظلمه، وفي روايه: أنه كررها صلى الله عليه وسلم لعظمها وخطرها فقال: والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، قالوا:وما ذاك يارسول الله؟ قال: الجار الذي لا يأمن جارُه بوائقه؟ قالوا يارسول الله وما بوائقه: قال: شره فأذية الجار تبطل الأعمال الصالحه، وتكون سبباً في دخول النار، فقد قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم إن فلانه تصوم النهار، وتقوم الليل، وتؤذي جيرانها، فقال صلى الله عليه وسلم: (هي في النار) وقد عدها ابن حجر الهيثمي كبيرة من الكبائر فقال: الكبيرة العاشرة بعد المائتين إيذاء الجار ولو ذمياً كأن يشرف على حرمه، أو يبني ما يؤذيه مما لا يسوغ له شرعاً، ثم أورد حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذي جاره... إلخ.
وقد جعل النبي -صلى الله عليه وسلم- زنا الرجل بامرأة جاره من اعظم الذنوب، وقرنها بالشرك، وقتل النفس، كما روى عمرو بن شرحبيل قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الذنوب أعظم؟ قال: أن تجعل مع لله ندا،ً وهو خلقك، قلت ثم أي؟ قال: أن تقتل ولدك خشية أن يأكل معك، قلت ثم أي؟ قال: أن تُزني بحليلة جارك. وأنزل الله تصديق قول رسول الله صلى الله عليه وسلم {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ} (68) سورة الفرقان، كماعظّم سرقة منزل الجار، وضخم أمرها، بما رواه المقداد بن الاسود، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ما تقولون في السرقه؟ قلنا حرام حرمها الله، قال: لأن يسرق الرجل من عشرة أبيات، أيسر من أن يسرق من بيت جاره، فما تقولون في الزنا؟ قلنا: حرمه الله ورسوله فهو حرام، قال: لأن يزني الرجل بعشر نسوة أيسر عليه من أن يزني بامرأة جاره، وتبرأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ممن غش مسلماً في أهله وجاره، وروى السمرقندي وابن مفلح وغيرهما عن الحسن قوله: ليس حسن الجوار كف الأذى عن الجار، ولكن حسن الجوار الصبر على الأذى من الجار.
وقال ابن العربي حرمة الجار عظيمه في الجاهلية والإسلام، معقولة، مشروعه مروءة وديانه، وحقوقه عشرة يجمعها الإكرام وكف الأذى، وقد توسع الإمام الغزالي في ذلك حيث قال: وجملة حق الجار أن يبدأه بالسلام ولا يطيل معه الكلام، ولا يكثر عن حاله السؤال، ويعوده في المرض، ويعزيه في المصيبة، ويقوم معه في العزاء، ويهنئه في الفرح، ويظهر الشركة في السرور معه، ويصفح عن زلاته، ولا يتطلع من السطح إلى عوراته، ولا يضايقه في وضع الجذع على جداره، ولا في مصب الماء في ميزابه، ولا في مطرح التراب في فنائه، ولا يضيق طريقه إلى الدار، ولا يتبعه النظر فيما يحمله إلى داره، ويستر ما ينكشف له من عوراته، وينعشه من صرعته إذا نابته نائبه، ولا يغفل عن ملاحظة داره عند غيبته، ولا يسمع عليه كلاماً ويغض بصره عن حرمته، ولا يديم النظر إلى خادمته، ويتلطف بولده في كلمته، ويرشده إلى ما يجهله من أمر دينه ودنياه، وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتدرون ما حق الجار؟ إذا استعان بك أعنته، وإذا استنصرك نصرته، وإذا استقرضك أقرضته، وإذا افتقر عدت عليه، وإن مرض عدته، وإن مات تبعت جنازته، وإن أصابه خير هنأته، وإن أصابته مصيبة عزيته، ولا تستعل عليه بالبناء فتحجب عنه الريح إلا بإذنه، ولا تؤذه وإذا اشتريت فاكهه فأهد له، فإن لم تفعل فأدخلها سراً، ولا يخرج بها ولدك يغيظ بها ولده، ولا يؤذه بقتار قدره، إلا أن تغرف له منها، ثم قال: اتدرون ما حق الجار؟ والذي نفسي بيده لا يبلغ حق الجار إلا من رحمه الله.
المفاخرة بالجيران
وأكد د. مزهر القرني أن العرب كانت تفاخر في جاهليتهم وإسلامهم بحفظ حقوق جيرانهم، قال ابن عباس رضي الله عنهما ثلاثة أخلاق كانت في الجاهلية مستحبه والمسلمون أولى بها:
أولها: لو نزل بهم ضيف لاجتهدوا في بره.
الثاني: لو كانت لواحد منهم امراة كبرت عنده لا يطلقها، ويمسكها مخافة أن تضيع.
والثالث: إذا لحق بجارهم دين، أو أصابه شده، أو جهد اجتهدوا حتى يقضوا دينه، وأخرجوه من تلك الشدة.
وقال السمر قندي: تمام حسن الجوار في أربعة أشياء:
أولها: أن يواسيه بما عنده، وثانيها: أن لا يطمع فيما عنده، والثالث: أن يمنع أذاه عنه والرابع: الصبر على أذاه
ويروى عن سهل التستري أنه كان له جار مجوسي فانفتح من خلائه محل لدار سهل يتساقط منه القذر، فأقام سهل مدة ينحي ما يجتمع منه في بيته نهاراً، فلما مرض أحضر المجوسي، وأخبره، واعتذر بأنه خشي من ورثته أنهم لا يحتملون ذلك، فيخاصمونه، فعجب المجوسي من صبره على هذا الإيذاء العظيم، وقال له: تعاملني بذلك منذ هذا الزمان الطويل وأنا مقيم على كفري، أمدد يدك لأسلم، فمد يده فأسلم، ثم مات سهل رحمه الله.
ولكننا في زمن اندثرت فيه القيم، وتقطعت فيه الأواصر، وتباعدت الاجسام، وتنافرت القلوب، حتى أصبح بعض الناس غريباً في وطنه، ولا يجد من يشاركه شجنه، ويشاطره فرحه وترحه، وإن وجدت أحياناً فكلمات جوفاء، لا تدل على صدق، ولا تنبع من محبه، وأصبح الجار لا يعرف جاره، ولا يعرفه جاره، ولا يقضي حاجته، ولا يسد خلته وخلة أبنائه وعياله، يبيت طاوياً على الجوع، وجاره يتقلب على التخمة، وقد حذر النبي -صلى الله عليه وسلم- من أن يبيت المسلم شبعاناً وجاره جائع، وروي أن الجار يتعلق بجاره يوم القيامة، فيقول: يارب وسّعت على أخي هذا، وقتّرت عليّ، أمسي جائعاً ويمسي شبعاناً، فسله: لمَ أغلق بابه دوني وحرمني ما قد وسعت عليه؟ وقال أبو ذر رضي الله عنه: أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم إذا طبخت فأكثر المرق، ثم أنظر بعض أهل بيتٍ من جيرانك فأغرف لهم منها، حتى يتوسع البر والإحسان ويشمل الجيران، ولا يقتصر على أهل البيت، بل يتعداهم إلى المحتاجين، فيتكامل العطف وتنبثق الرحمة، وتتحقق المشاركة فيحس الجميع بأنهم كالجسد الواحد، وكالأسرة الواحدة، وكالبنيان يشد بعضه بعضا.
الألفة والمودة
أما الدكتور أحمد بن عبدالله
الباتلي أستاذ السنة وعلومها بكلية أصول الدين بالرياض فيقول: حقوق الجار من الأخلاق الإسلامية والقيم الحضارية التي انشغل الناس عنها بسبب ضغوط الحياة المادية وكثرة الأعباء اليومية، ولكن ينبغي لكل مسلم أن يحتسب على الله القيام بحقوق جيرانه، وأكثر ما يعين على التعرف على الجيران المواظبة على صلاة الجماعة في المسجد،فإنه الجامعة في كل حي، ففيه أداء الصلاة واستماع الدروس وتعارف الجيران، فبذلك نحقق مبدأً إسلامياً من حقوق المسلم على أخيه، ويحسن بنا أن نكون على معرفة بفضل حسن الجوار في الكتاب والسنة.
لقد عظَّم الإسلام حق الجار، وظل جبريل عليه السلام يوصي نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم بالجار حتى ظنَّ النبي أن الشرع سيأتي بتوريث الجار: (مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سَيُورِّثه). وقد أوصى القرآن بالإحسان إلى الجار: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ)
وانظر كيف حض النبي صلى الله عليه وسلم على الإحسان إلى الجار وإكرامه:(...ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره). وعند مسلم: (فليحسن إلى جاره)، بل وصل الأمر إلى درجة جعل فيها الشرع محبة الخير للجيران من الإيمان، قال صلى الله عليه وسلم: (والذي نفسي بيده لا يؤمن عبد حتى يحب لجاره ما يحب لنفسه).
والذي يحسن إلى جاره هو خير الناس عند الله: (خير الأصحاب عند الله خيرهم لصاحبه، وخير الجيران عند الله خيرهم لجاره).
حقوق الجيران
ويؤكد د. الباتلي أن الجار له حقوق كثيرة فمن أهمها:
1- رد السلام وإجابة الدعوة، وهذه وإن كانت من الحقوق العامة للمسلمين بعضهم على بعض، إلا أنها تتأكد في حق الجيران لما لها من آثار طيبة في إشاعة روح الألفة والمودة.
2- كف الأذى عنه: نعم فهذا الحق من أعظم حقوق الجيران، والأذى وإن كان حرامًا بصفة عامة فإن حرمته تشتد إذا كان متوجهًا إلى الجار، فقد حذر النبي -صلى الله عليه وسلم- من أذية الجار أشد التحذير وتنوعت أساليبه في ذلك، واقرأ معي هذه الأحاديث عن المصطفي صلى الله عليه وسلم: (والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن. قيل: مَنْ يا رسول الله؟ قال: مَن لا يأمن جاره بوائقه)، ولما قيل له: يا رسول الله! إن فلانة تصلي الليل وتصوم النهار، وفي لسانها شيء تؤذي جيرانها. قال: (لا خير فيها، هي في النار)، وجاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- يشكو إليه أذى جاره. فقال: (اطرح متاعك في الطريق). ففعل؛ وجعل الناس يمرون به ويسألونه. فإذا علموا بأذى جاره له لعنوا ذلك الجار. فجاء هذا الجار إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يشكو أن الناس يلعنونه. فقال -صلى الله عليه وسلم-: (فقد لعنك الله قبل الناس).
3- تحمل أذى الجار: وإنها والله لواحدة من شيم الكرام ذوي المروءات والهمم العالية، إذ يستطيع كثير من الناس أن يكف أذاه عن الآخرين، لكن أن يتحمل أذاهم صابرًا محتسبًا فهذه درجة عالية قال تعالى: (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ)
*. ويقول الله
*. وقد ورد عن الحسن - رحمه الله - قوله: ليس حُسْنُ الجوار كفّ الأذى، حسن الجوار الصبر على الأذى.
4- تفقده وقضاء حوائجه: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ما آمن بي من بات شبعانًا وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم). وإن الصالحين كانوا يتفقدون جيرانهم ويسعون في قضاء حوائجهم، فقد كانت الهدية تأتي الرجل من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- فيبعث بها إلى جاره، ويبعث بها الجار إلى جار آخر، وهكذا تدور على أكثر من عشرة دور حتى ترجع إلى الأول.
وسالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: إن لي جارين، فإلى أيهما أهدي؟ قال: (إلى أقربهما منكِ بابًا).
وقد كان العرب يفخرون بصيانتهم أعراض الجيران حتى في الجاهلية، يقول عنترة:
وأغض طرفي إن بدت لي جارتي
حتى يواري جارتي مأواها
وأخيرًا، فإننا نؤكد على أن سعادة المجتمع وترابطه وشيوع المحبة بين أبنائه لا تتم إلا بالقيام بهذه الحقوق وغيرها مما جاءت به الشريعة، وإن واقع كثير من الناس ليشهد بقصور شديد في هذا الجانب حتى إن الجار قد لا يعرف اسم جاره الملاصق له في السكن، ولا يزوره ولا يقوم بحقوقه، فعلينا الحرص على القيام بحقوق الجيران لنحظى بالأجر والثواب من الرحمن.
ونقترح لتوطيد أواصر المحبة بين الجيران ما يلي: إقامة دورية بين الجيران بعيدة عن تكاليف الولائم، وكتابة هواتف الجيران وتوزيعها بيتهم، وتخصيص موقع للرسائل الهاتفية لتبادل أخبار الجيران (زواج، وفاة، مرض، مولود، سفر...)، والسعي في قضاء حوائجهم، ومساعدة من كان محتاجاً منهم، وحث أبنائهم على المشاركة في الحلقات القرآنية المقامة في مسجد الحي سيكون له أثر في حفظهم لكتاب الله، وبعدهم عن رفاق السؤ، وافتتاح مركز اجتماعي في الحي يقوم بمزاولة بعض البرامج الثقافية والاجتماعية لأبناء الحي.