قد لا تكون سخونة صيف هذا العام بذات السخونة للأعوام الماضية، خصوصاً صيف عام 2006م، أو صيف العام الماضي، فالأحداث الخطيرة ما زالت كما هي في المنطقة، من حال تسخين إلى حال التهاب، ومن ثم عودة إلى الهدوء الحذر يشوبها الخوف فيما تمون ذاتها بوقود ومؤن الصراع والتوتر، لتعود مرة أخرى إلى الانفجار.
ومع هذا فإن سخونة صيف هذا العام بدأت تأخذ شكلاً مختلفاً عن سابقاتها، لكن بذات المرجعية، انعكست على ما يبدو على أمزجة شعوب المنطقة لا بل حتى على العالم كله. لذا انعكست على سلوكيات البشر من إقليم شيانغ يانغ في الصين وما يحدث فيه من بداية لتصفية عرقية، مروراً بأفغانستان التي تشتعل فيها نيران العمليات العسكرية للقوات الدولية ضد حركة طالبان التي بدورها كثفت من عمليات الانتحار والإرهاب خصوصاً ضد المدنيين.
نعم يجب ألا ننسى العراق الذي عادت إليه عمليات الإرهاب والعنف من جديد لتحصد أرواح العشرات لا بل المئات بعد انسحاب القوات الأمريكية من المدن العراقية، وكأن تلك العمليات الإرهابية عادت، بل وتعود لتدعو القوات الأمريكية العودة إلى احتلال المدن العراقية.
هندوراس في غرب العالم تحديداً في أمريكا اللاتينية تدفع بدورها فاتورة سخونة صيف هذا العام في شكل عدم استقرار سياسي بعد أن وقعت واقعة الانقلاب الأبيض ضد الرئيس السابق المخلوع.
ومن ألمانيا العنصرية الآرية وحالات كره الغرباء والوافدين بل حتى السياح دفعت ثمنه الطالبة المصرية التي قتلت داخل المحكمة الألمانية، هذه معضلة العنصريين الألمان الذين يصعب إن لم يستحيل أن يشفوا من مرض العنصرية التي تندمج بكل وضوح مع العنجهية والتكبر والصلف والعجرفة.
وفي فرنسا عادت العنصرية الكريهة تكشر عن أنيابها بعد مقتل أحد العرب في دائرة للشرطة لتندلع أعمال العنف والشغب معلنة مرة أخرى معارك خوف السكان من عودة أجواء ذلك الصيف الساخن في معظم أنحاء فرنسا عندما ثارت الأقليات معلنة رفضها لاضطهاد عنصرية العرق الأبيض.
الصومال على ما هو عليه من سخونة الحرب الأهلية التي قضت على كل شيء مما أنجز في السابق، لكن الخوف يكمن في وجود المحاربين الأجانب (ربما من تنظيم القاعدة) الذين قتلوا وهم يحاربون في صفوف الثوار المعارضين للحكومة الصومالية. أما اليمن جنوباً فيقع في دائرة عين العاصفة بعد أعمال الشغب والمظاهرات ومطالبة الانفصال من قبل بعض الانفصاليين الذين يهددون أمن واستقرار البلاد.
هذه المواقع تحديداً كلها تشهد موجات عنف وصخب وعدم استقرار من الصراعات العرقية ومظاهر السخط والاستياء وحتى عمليات الإرهاب البغيضة التي باتت لغة رئيسية من لغات الحوار وآليات التفاهم، كما قلت من أفغانستان مروراً بالعراق إلى اليمن، ومن الشمال حتى الجنوب، وصولاً إلى أمريكا اللاتينية.
عمليات تفجير في أفغانستان قضت على الكثير من المدنيين الأبرياء منهم أطفال وتلاميذ، سلسلة من عمليات التفجيرات الإرهابية في العراق أزهقت أرواح 51 من المدنيين في كل من بغداد والموصل، وذات الأمر في اليمن حتى بعد الحكم بالإعدام على عدد من المتورطين في عمليات إرهابية. وفي مصر تم القبض على خلية إرهابية مكونة من 26 شخصاً تعتنق فكر التكفير خططت لمهاجمة سفن وأنابيب نفط بعد أن رصدت اتصالاتهم بالقاعدة وجيش الإسلام الفلسطيني. وفي المملكة أحكام أولية في 179 قضية شملت 330 متهماً بجرائم الإرهاب. قضايا دعم وتمويل والشروع في الخروج على طاعة ولي الأمر.
حتى الآن ما زلنا في بدايات الصيف الساخن هذا، بيد أن الخوف كل الخوف يكمن في رسائل التهديد العسكرية وتحركات المواجهة السياسية بين إيران والعالم الغربي، لكن الأخطر بين إيران وإسرائيل. فإسرائيل إن اعتقدت أنها حصلت على الضوء الأخضر من نائب الرئيس الأمريكي (بايدن) بضرب المنشآت النووية في إيران، فمن المتوقع أن يكون هذا الصيف هو الصيف الأسخن في تاريخ المنطقة على الإطلاق.