القيادة لا تذهب لمن لا يملك مواصفاتها، وهي إن حصل عليها شخص ما لن تستقر طويلاً عند الشخص غير المؤهل لها الذي لا بد أن يفقدها عند أول تحدّ يواجهه.. ومن صفات القيادة الصبر وطول البال، والقيام بالمبادرات الإيجابية، والشجاعة والإقدام، والنظرة المستقبلية واستشراف المستقبل من خلال قراءة الآفاق والمتغيرات في بلاده وفي منطقته الإقليمية، وأبعد من ذلك الإحاطة بما يجري في العالم وتأثيراته على ما يريده لبلاده..
هذه مواصفات عامة، وهناك مواصفات أخرى لا مجال لذكرها، كما أنه لا يمكن أن يمتلكها (قائد) جميعها، إلا أن عدداً من القادة التاريخيين، مسلمين وعرباً وعالمين، اتصفوا بهذه الصفات، بل وأضافوا إليها، إلا أنه وفي المقابل هناك عدد كبير من القادة امتلكوا بعضاً من هذه الصفات، وأدوا واجبهم وقادوا بلدانهم - وفي مراحل حرجة - إلى بر الأمان لامتلاكهم الحد الأدنى من مواصفات القائد.. ومن أهمها: الصبر، وطول البال، والتعامل بعدل مع جميع مواطنيه، والإقدام على خوض المبادرات التي تعزز قيادته وتخدم وطنه ومواطنيه.
والآن أمام الرئيس الفلسطيني محمود عباس فرصة ذهبية لتأكيد قيادته للفلسطينيين في هذه المرحلة الحرجة التي تعد مرحلة فاصلة في مسيرة الكفاح الفلسطيني.. فاصلة بكل ما تعني الكلمة.. ويكفي التذكير بالانفصال.. والشقاق.. بل وحتى الحراب بين ما تبقى مما بقي من فلسطين.. فلسطينيين يتبعون سلطة رام الله، وآخرين تحت ولاية إمارة غزة..!!
الآن أمام محمود عباس ليعيد توحيد فلسطين.. والانطلاق من جديد ليقود جهود مَن يتوحدون لتحرير فلسطين.. بدءاً من إزاحة الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية بعد حرب حزيران عام 1967م.
فرصة القائد محمود عباس.. ومصطلح (قائد) في المسيرة الفلسطينية النضالية تعني الكثير.. ومن هنا على القائد محمود عباس أن يغتنم الفرصة.. والفرصة هي عقد المؤتمر السادس لحركة فتح.. حركة التحرير الفلسطينية الأم الحاضنة لكل حركات التحرير، فكل ما على الأرض الفلسطينية وخارجها من حركات تحرير فلسطينية ولدت من رحم فتح.. أو استفادت من تضحيات (فتح)، وبعد أيام يعقد المؤتمر السادس لحركة فتح، حيث يتم من خلاله انتخاب اللجنة المركزية للحركة.. واللجنة المركزية هي القيادة الجماعية التي توجه وترسم سياسة الحركة الأم.. وهذا المؤتمر ورغم كل ما يرافقه من إشكاليات وخلافات حول مكان وزمان انعقاد المؤتمر وما يصدر من أقوال وتصريحات ومزاعم، ونشر لما يدعونه من وثائق، إلا أن انعقاد المؤتمر إذا ما تم فسوف يؤرخ لمرحلة جديدة للعمل الفلسطيني ولحركة فتح بالذات.. وسواء أفرز المؤتمر قيادة جديدة أو استبدل بعضاً من الوجوه القديمة واستحضر وجوهاً أخرى، فإن قيادة فتح ستضم خليطاً من القادة الميدانيين والسياسيين، ووفق ما كتب في مقالات وأبحاث عن مؤتمر فتح القادم فإن المؤشرات تفيد بأن (القائد) محمود عباس عائد للرئاسة، وأنه سيجلب معه قيادات بعضها من القيادات المخضرمة والبعض والآخر ممن يعملون كقادة ميدانيين، وهم في كل الأحوال لن يخرجوا عمن خدموا الحركة، ومنهم بعض من أبناء قطاع غزة الذين لن يكونوا بأي حال أقل من سبعة أعضاء في اللجنة المركزية.. الذين سيشكلون مع إخوانهم من أبناء الضفة الغربية اللجنة المركزية الجديدة لحركة فتح، وهنا تبدأ مبادرة القائد محمود عباس الذي عليه أن يقتحم بشجاعة وبمبادرة لإعادة اللحمة الفلسطينية من خلال قيادة أعضاء اللجنة المركزية الجديدة لحركة فتح ويتوجهون جميعاً إلى قطاع غزة لعقد أول اجتماع للجنة المركزية لحركة فتح في مقر حركة فتح في غزة.
قطعاً لا أحد يعترض القائد محمود عباس ورفاقه.. وسوف يرحب به أهل غزة.. وحتى أعضاء حركة حماس.. وقطعاً سيتبادل الفلسطينيون تقبيل بعضهم البعض على الطريقة العربية، ولن يُطلق الرصاص.. إلا احتفالاً بوصول القائد إلى غزة..
فهل يفعلها القائد محمود عباس ليعيد اللحمة الفلسطينية ويستأنف مسيرة التحرير بسواعد الجميع؟