للصينيين أيضا عفريتهم التقني، والكثيرون يقولون إن إمبراطورية أمريكا سترثها الصين بعلومها المتقدمة في شتى المجالات.
قبل سنوات قليلة جدا، وفيما كانت الجوالات الغربية تتحكم في السوق، فاجأت الصين العالم بأجهزة جوال ذات أسعار منافسة، وتحمل تقنيات متقدمة، وفوق ذلك تمتلك خاصية احتواء شريحتين في الداخل، بحيث يمكن استعمال أكثر من خط اتصالي من جهاز واحد. وكان الاختراع الصيني الذكي مواكباً لسماح الكثير من الدول بفتح التنافس بين شركات مختلفة لتقديم الاتصال الجوال، وقد ترتب على ذلك اشتعال حروب تنافسية في أسعار الخدمة، مما جعل المستهلكين يحتارون، فقدم الصينيون الحل السريع، فجوالهم يمكنه استعمال شريحتين، وبذلك يستفيد المستهلك من مميزات كل شركة اتصال، ويغتنم فرص العروض التي تقدمها هذه الشركات في المناسبات وغيرها.
المشكلة أن لعبة الأسعار كثيرا ما ترتبط اطراداً بالجودة، وقديما قالت العرب: (تدلك على السلع أثمانها)، ولذلك فإن الجوالات الصينية كانت محل تردد من المستهلك العادي، فأسعارها الزهيدة كانت مربوطة بحساسية تصنيعية خصوصاً أمام الصدمات، حيث أن سقوط الجهاز قد يعني تكفينه وتشييعه لمثواه الأخير، يضاف إلى ذلك أن قطع الغيار المتوفرة غالية السعر، فضلاً عن أن التعقيد التقني في الجهاز الصيني خلق ندرة في الفنيين المهرة العارفين بهذه الأجهزة.
الآن هناك أخبار تتسرب عن غزو صيني برؤية جديدة، حيث بدأوا بالفعل بإنتاج أجهزة زهيدة السعر، ومتقدمة في التقنية، وقطع غيارها معقولة، والأهم أنها متينة أمام الصدمات.
وإذا صح أن الصينيين قد حققوا تلك المعادلة، فإن سوق الجوالات سيطأطئ لهم رأسه قريباً، حيث إن السعر الرخيص سيكون سلاحهم الفتاك طالما حافظوا على الجودة التصنيعية والتقنية المتقدمة.
مشكلة العفريت الصيني الآن، هي بزوغ عفريت آسيوي أصفر آخر، هو العفريت الكوري، فقد قدم الكوريون قبل حوالي العام مفاجأة للعالم بجهاز جوال يعمل بثلاث شرائح منفصلة، وبدأ هذا الجهاز يطير الآن لكثير من الدول، لافتاً الأنظار بتقنياته العالية، وقوة تحمله، وسعره الذي لا يتجاوز المائة وعشرين دولاراً. عفاريت آسيا تتصارع، ونحن من سيكسب في النهاية.
Shatarabi@hotmail.com