أنهك الغبار محيطنا هذا العام وعكر للعديد من أيام السنة آفاقنا، ولعل التعامل الجائر مع محيطنا البيئي نتج عنه الكثير من المظاهر السلبية على رأسها التصحر والتدهور البيئي مع انحسار في الغطاء النباتي، وقد يفسر هذا عواصف الغبار المتتالية التي لم تنقطع عن أجوائنا هذا العام.
وفي لقاء مع الأمين العام للهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية الأمير بندر بن سعود أجرته الجزيرة معه الأسبوع الماضي (أشار إلى أن ظواهر الاحتباس الحراري وتقلب المناخ التي تتعرض لها دول العالم هي إحدى نتائج اختلال التوازن البيئي، الذي من أهم تأثيراته حدوث الجفاف وتعرية التربة وفقدان النباتات جذورها التي تعتبر الدرع الواقي من تعرية الرياح).
يتعامل البشر لدينا مع أمهم الصحراء بشكل جشع يقترب من الأناني، مع غياب الوعي والانتماء للمكان عبر العديد من الممارسات الجانحة والمعتدية على التوازن البيئي الدقيق مثل الرعي الجائر، مع عدم تحقيق التوازن بين أعداد قطعان المواشي وبين الطاقة الإنتاجية للراعي الطبيعية في المملكة.
إضافة إلى الاحتطاب غير المنضبط للأشجار والشجيرات خاصة ما يستعمل منها للتدفئة مثل الطلح والسمر والغضى والرمث والأرطى.
ولعل جميع هذا يتبدى في الممارسات الخاطئة للأنشطة البشرية في المناطق الطبيعية البرية خاصة التي يقصدها العديد من المتنزهين أو رواد البراري.
حيث أشار أيضاً الأمين العام للهيئة الوطنية لحماية البيئة في المقابلة نفسها (إلى أن الهيئة قد رصدت 123 مخالفة العام الماضي ما بين صيد واحتطاب ودخول محميات دون تصريح، حيث صدر فيها جميعها قرارات من لجان المحاكمة وفق نظامي الصيد والمناطق المحمية).
والقضية هنا أجد أنها تحتاج إلى حملة وطنية كبرى لتأصيل العلاقة بين المواطن وبيئته منذ مراحل عمرية باكرة، على سبيل المثال لما لا يكون لكل طالب أو طالبة شجرة يغرسها يرعاها ويشرف عليها في إحدى المحميات أو حتى في فناء مدرسته، يستطيع من خلالها أن يتتبع الرحلة العظيمة والمقدسة التي تقطعها الشجرة للوصول إلى أطوارها الوارفة؛ فيرتبط بها وجدانيا كالمزارع بنخيله، لأنه من الصعب أن نسلم غطاءنا البيئي الشحيح لمزاج المطر وجور البشر على المكان.