نشاط (أرامكو السعودية) المميز في خدمة المجتمع حملني على مخاطبة رئيسها السابق الأستاذ صالح عبدالله جمعة العام 2000 طمعاً في بناء مدارس للبنين والبنات في مدينة الجبيل أسوة بمدن المنطقة الشرقية الأخرى. السيد خميس خالد النعيمي، وكيل مدير شركة أرامكو السعودية آن ذاك، قطع آمال أهالي الجبيل بخطابه الرافض الذي ختمه بقوله: (غير أنه ليس لدى الشركة في الوقت الحاضر أي خطط لبناء المدارس في مدينة الجبيل، ونأمل أن يتحقق ذلك في المستقبل القريب). أرجو أن يكون (المستقبل القريب) قد أزف موعده، ولو بعد مرور تسع سنوات على استلام خطاب الشركة رقم 6-7238-2000. مدينة الجبيل كانت الأرض السعودية الأولى التي وطأت عليها أقدام المستكشفون الأوائل الذين قدموا من البحرين إلى ميناء الجبيل الصغير (فرضة الجبيل) فسكنوا (قصر برزان)، ومنه انطلقت رحلاتهم الاستكشافية الأولى. بدايات رحلة البحث عن النفط، لم تشفع للجبيل بالحصول على ما يُخلد ذكر (أرامكو السعودية) فيها، حيث اعتمدت خطط الشركة أساساً في بناء المدارس على إحصاءاتها الداخلية ذات العلاقة بأبناء وبنات الموظفين وتوزيعهم في مدن المنطقة، وبذلك خسرت الجبيل فرصة الاستفادة من مشروعات خدمة المجتمع، وحتضنت مصنع غاز (البري) الضخم، وبشبكة أنابيب النفط والغاز التي سورت المدينة الصغيرة بمحميات أرامكو فقتلت تمددها العمراني!
الإعلان عن توقيع شركة (أرامكو السعودية توتال للبتروكيماويات) أكثر من 15 عقداً للمقاولات الهندسية مع عدد من الشركات العالمية والوطنية لتنفيذ أجزاء من مشروع (مصفاة الجبيل) الضخم، أعادني إلى اعتذار أرامكو السابق عن بناء المدارس في مدينة الجبيل، وذكرني بأملهم في (أن يتحقق ذلك في المستقبل القريب)؛ ما جعلني أعتقد أن إنشاء مصفاة الجبيل، ثاني أكبر مصفاة في السعودية، بتكلفة تصل إلى 9.6 مليار دولار (36 مليار ريال سعودي)، ربما كان الوقت المناسب لمساهمة شركة (أرامكو السعودية توتال للبتروكيماويات) في خدمة مجتمع الجبيل، الملاصق لها، وفق السياسات المطبقة في الدول الأوربية التي ينتمي لها الشريك الأجنبي.
مشروع أرامكو توتال الضخم ينبغي أن تنتج عنه مشروعات عدة لخدمة المجتمع، وعلى رأسها إعادة تأهيل، تخطيط وتنظيم مدينة الجبيل وفق ما يجري في مدينة الجبيل الصناعية، وبناء المدارس، المستشفيات، المعاهد التقنية، الحدائق العامة، قاعات المحاضرات. الشركات الأوربية معتادة على مثل هذه المساهمات الخدمية، بل ترصد لها جزء لا يستهان به من ميزانياتها، وأرباحها السنوية، وهي لن تنقل مثل هذه الثقافة للمجتمع السعودي ما لم يُطلب منها ذلك، وطالما أنها الشريك الرئيس لشركة أرامكو السعودية فينبغي أن تصدر المبادرة من الشريك السعودي أولاً من خلال مجلس الإدارة، وأن يُدعم هذا بالأنظمة والقوانين التي تجعل من المساهمات الاجتماعية أمراً واجباً لا اختيارياً. المطالبة بتخصيص ميزانية موازية لخدمة المجتمع، والطلب من الشركات العالمية والوطنية الحائزة على خمسة عشر عقداً من شركة (أرامكو توتال) بالمساهمة بتنفيذ مشروعات بلدية، وخدمية في مدينة الجبيل ضمن خطة (خدمة المجتمع الشاملة) يُقترض أن يكون من أولويات الشريك السعودي. المجلس البلدي، والمحلي مطالبان بأخذ زمام المبادرة وتقديم طلب رسمي لشركة (أرامكو توتال) يتضمن المشروعات المقترح تنفيذها ضمن خطة خدمة المجتمع. مثل هذه الطلبات يفترض ألا تُقَيد بشركة (أرامكو توتال) بل تتجاوزها إلى شركة سابك، وشركات البتروكيماويات الأخرى العاملة في المدينة. عشمنا في رئيسي شركة (أرامكو السعودية)، و(أرامكو السعودية توتال للبتروكيماويات)، كبير، وفي معالي وزير البترول والثروة المعدنية، عراب الاستثمارات النفطية المشتركة، أكبر في جعل (خدمة مجتمع الجبيل)، والمحافظة على سلامة البيئة وصحة الإنسان، من أولويات شركات قطاع النفط السعودية، العالمية، والمشتركة.
***
f.albuainain@hotmail.com