Al Jazirah NewsPaper Tuesday  14/07/2009 G Issue 13438
الثلاثاء 21 رجب 1430   العدد  13438
ممر
الخلود إنترنتياً...!
ناصر الصرامي

 

لا تقلق سيخلدك اسمك للأبد، لم تعد فكرة البقاء في التاريخ أو تسجيل أثر باق أمراً مستحيلاً ومعقداً؛ فالتاريخ الإلكتروني اليوم سيبقيك خالداً للأبد بكلماتك أو فكرتك، بما تكتبه وتدونه.

الإنترنت أصبحت اليوم كل شيء تقريباً في الاتصال والتواصل العالمي والإعلام، بل أصبحت المدون للتاريخ البشري بامتياز وعلى مدار الساعة، سيحفظ لك غوغل وأحفاده وأبناء عمومته، وكل محركات البحث الحية على الإنترنت الآن، وفي المستقبل، كل حرف (تضربه) أطرافك على لوحة المفاتيح وكل (كبسة) إدخال تقوم بها.

محركات البحث الحالية ما هي إلا نسخة أولية لجيل تال من محركات بحث عملاقة وذكية تخزن وتصنف كل ما يكتب ويحمل على الإنترنت من صور وأفلام ونصوص، وتمنحك معلومات عن تفاصيل الصور وكل الظاهرين فيها مهما كانت أهميتهم.

إنه تخليد للإنسان ولآثاره في العلم وللعالم والكون، حيث تخزن نسخ عدة في كل يوم من محتوى الإنترنت وكل ما يضاف إليها دون استثناء، سواء كتب باسم ظاهر أو مستعار، وترصد باستمرار محركات الإنترنت العملاقة للصفحات وتصفحها والتعليقات حولها ولجمهورها.. إنه عالم اتصال لحظي لا يبقى شيء إلا وقد خزن وحفظ؛ ليبقى خلود البشرية ثابتاً بنسخة إلكترونية.

قد يعتقد البعض أن هذا الأرشيف الإنساني الخالد بكل محتواه الجيد أو السيئ المتاح أو الممنوع سيتلاشى في حالة حصول تدمير كوني للكرة الأرضية، (نهاية الحياة البشرية)، لكن حتى لو حدث ذلك فإن نسخة إلكترونية من تاريخ البشرية الذي تحفظه الإنترنت يومياً ستبقى (نسخة مخبأة) وأبدية في الأقمار الصناعية ومراكز الاتصال السابحة في الفضاء؛ ليأتي مَن يكتشفها في عمر آخر للبشر أو سكان أحد الكواكب أو المجرات التي لا نعلم بحضورها.

لا تقلق، حين تكتب تعليقاً أو تدون أو تكتب على الشبكة العالمية، فإنك على الفور أصبحت عضواً فاعلاً في (الأرشيف العالمي الكوني الإلكتروني الدائم)، اسمك أو هويتك ستبقى موثقة هناك وللأبد.

لتصبح فكرة الخلود في بعدها الأدبي والمعنوي فكرة سهلة ومتحققة في الإنترنت بنسختها وإمكانياتها الحالية، لكن تذكر أن النسخ التالية من الإنترنت وتقنياتها وبروتوكولاتها ستكون أكثر تنوعاً وإثارةً واختلافاً مما هو متاح اليوم؛ فنسخة كاملة عن الكون بتفاصيله الدقيقة ستكون متوفرة.

والنسخة الحالية من النت بعد عقود قليلة فكرة سخيفة تدعو إلى السخرية، بنفس الطريقة التي نسخر منها الآن من أول جهاز حاسب ضخم مقارنة بالبلاك بيري.

العائق الوحيد سيبقى الإنسان، الإنسان الرافض للتقنيات التي تقف ضد الحدود وأشكال الحماية المختلفة، وفي تسخيره التقنية للمزيد من تكريس التخلف والظلامية، نتيجة الجهل بحقيقة ما يحدث.

إلى لقاء..




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد