Al Jazirah NewsPaper Tuesday  14/07/2009 G Issue 13438
الثلاثاء 21 رجب 1430   العدد  13438
السؤال الحلم: من يحقق المعادلة الصعبة (المبتعثون السعوديون= Public Diplomacy)؟
سهم بن ضاوي الدعجاني

 

مفهوم الدبلوماسية الكلاسيكي يحصره الكثيرون في (عملية الاتصال والتفاوض والتمثيل التي تجري بين الدول بصفة رسمية ولا سيما عن طريق الحكومات). أما المفهوم العصري المنبثق من عولمة الاتصال الحضاري فإن (الدبلوماسية العامة) (Public Diplomacy)..

أو كما يسميها بعضهم بالدبلوماسية الشعبية فإنه مفهوم أوسع وأشمل، حيث يضم بجانب ذلك، عملية الاتصال بشعوب المجتمعات والدول الأخرى وذلك بغرض التأثير الإيجابي (على الرأي العام) فيها وتغيير قناعات الأفراد تجاه قضايا الشارع العام، حسب ما يهدف إليه من يمارس الدبلوماسية العامة.

وفي نظري أن الدبلوماسية العامة تأتي في عدة قوالب، منها تطبيقات البرامج التعليمية والثقافية. فأمريكا -على سبيل المثال- تطبق عدداً من البرامج المساهمة في ممارسة الدبلوماسية العامة، كبرنامج فولبرايت Fulbright، وبرنامج الزوار الدوليين، وبرامج التبادل الطلابي، وغيرها، ومن خلال رصد شخصي لكثيرٍ من الأنشطة الثقافية والاجتماعية التي ينظمها الطلاب السعوديون في أمريكا ودول الابتعاث الأخرى، وجدت أنها تصب في تعزيز دور الدبلوماسية العامة السعودية هناك، بل إن الأندية الطلابية السعودية قد حققت تواصلاً كبيراً داخل المجتمع الأمريكي، وساهمت في إبراز الصورة الحقيقية للمملكة كدولة راعية للسلام وحريصة على تعزيز الموقف الدولي الداعم للقضايا العادلة والشرعية. كما أن الطلاب السعوديين من خلال تلك الأندية على مختلف المراحل التي مرت بها مداً وجزراً، لمست منها جهداً مميزاً في التعبير عن هوية المواطن السعودي وثقافته ورؤيته لواقع الحياة والتي يتشارك فيها مع شعوب العالم. ويبرز ذلك من خلال ما يقدمه الطلاب المبتعثون من خلال مشاركاتهم وحواراتهم الدائمة في المنتديات والمؤتمرات المحلية والدولية التي تستضيفها الجامعات الأمريكية، خصوصاً أنه من المتوقع أن يصل عدد الأندية إلى نحو (200) نادٍ بنهاية العام القادم بإذن الله. وقد تابعت التظاهرة السعودية التي شهدتها واشنطن، مؤخرا والتي ترجمت فرحة أكثر من ألف مبتعث ومبتعثة يمثلون الدفعة الثانية للمتخرجين في برنامج خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز في الولايات المتحدة للابتعاث الخارجي.

وقد نجح العاملون في الملحقية الثقافية مع زملائهم في سفارة خادم الحرمين الشريفين هناك بقيادة السفير عادل الجبير مهندس الحضور السعودي في أمريكا، لقد نجحوا في الترتيب والإعداد لتلك التظاهرة السعودية التي تجاوزت هذا العام الإطار التقليدي للاحتفال قصير المدى إلى طويل الأجل والمفعول في المجتمع الأمريكي، عندما دعت الملحقية الثقافية إلى حضور تلك التظاهرة العلمية أكثر من (200) من الشخصيات الأمريكية البارزة وأكثر من مدير جامعة من مختلف الولايات الأمريكية، لحضور تلك التظاهرة والامتزاج مع شرائح الخريجين السعوديين ومد جسور التواصل الحضاري معهم قبل عودتهم إلى الوطن، وهذا يدعم فلسفة برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي، ويترجم (الدبلوماسية العامة) التي يمارسها بعض المبتعثين السعوديين في أمريكا، من خلال بنائهم لقاعدة معلومات تواصلية حية خارج إطار الجامعات الأمريكية، وهنا تذكرت حواري مع صديقي المبتعث سطام النمي الذي يدرس الآن الدكتوراه في أمريكا، عندما التقيته هنا في الرياض قبل أيام وكان حديثه شاهداً على وعيه وإدراكه لقيمة الابتعاث والتمثيل الدبلوماسي العام، خصوصاً عندما حدثني عن جهوده مع زملائه هناك من خلال الأندية الطلابية السعودية في أمريكا، ومشاركته في العديد من اللجان والمجالس الطلابية، ومنها مشاركته في محاولة حل أزمة (الفيز) لاخوته المبتعثين هناك، وقبل ذلك تواصله الحيوي مع الوسط الأكاديمي في جامعته الأمريكية بشكل رائع يدعو إلى الاحترام، ويبرهن على وعيه التام لدور المبتعث السعودي في المجتمع الأمريكي بما يخدم وطنه وقضاياه، والصديق سطام أنموذج لشريحة كبيرة من أبنائنا المبتعثين الذين قدموا الكثير والكثير لمجتمعهم السعودي ولم تشغلهم دراستهم وغربتهم عن قضايا وطنهم الذي تعرض وما زال يتعرض لهجمات الحقد لتغير صورته الحقيقية في ذهنية المواطن الأمريكي، وأبناؤنا المبتعثون سيقدمون -بلا شك- الكثير لوطنهم عندما يعودون إليه، خصوصاً أن (برنامج استقطاب) الذي سعى من خلاله ممثلو الجامعات السعودية، الذين حضروا تلك التظاهرة العلمية في أمريكا من أجل استقطاب الكفاءات المتميزة من الخريجين والخريجات للعمل في جامعاتنا الوطنية بعد عودتهم.

وأخيراً..

إن وعي (المبتعث السعودي) بالأهداف الحقيقية لبرنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي، يجعل منه فاعلا في المجتمع الأمريكي، من أجل نقل الصورة الحقيقية للمجتمع السعودي، وتغيير الصورة النمطية للمواطن السعودي في ذهنية المواطن الأمريكي، وقبل ذلك يجعل منه أنموذجاً صادقاً لسماحة الإسلام، والسؤال: ما دور وزارة التعليم العالي في تهيئة المبتعثين لممارسة الدبلوماسية العامة، الذي ينتظرها الوطن من أبنائه المبتعثين السعوديين في الجامعات الأمريكية؟!




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد