Al Jazirah NewsPaper Monday  13/07/2009 G Issue 13437
الأثنين 20 رجب 1430   العدد  13437
خيال الحلم
سليم صالح الحريّص

 

* منذ زمن كان الحلم الجميل يسكن هنا. وقد كان الزمن أجمل. الفضاء شمال.. وفي الشمال بوح بحجم فضائه.

* فضاء يتسع لكل الإشراقات وينسج على سقف سمائها لوحة تتباهى بها.

* صباحاتها الجميلة تُحُفّز المواعيد على أن تفرح... ملامح أفراحها تقرؤها.

من ذوائب الشمس حين تصافح نجوعها وحين يفيض البياض ببهائه على تلالها.. يموسق احتفاليتها عزف الضباب في ملاطفة شجيراتها وحين تنثر السحابة هطلها... وتكسو الأرض بالبساط الأبيض.. تُخضّل جبين الأرض قبلة الديم ومعانقة الإرواء بترانيم أم سالم.

* في ملامحها صبح يُورّد الأيام بحمرة الديدحان.

* شمسها تُغرق المكان بنبض الحياة.

* في أزمنتها كان الحلم حلماً... والليل يسامر الفرح والدحة تنتشي معها الأكف بحركاتها وتثنّي السواعد.. إيقاع ينقلك إلى حلقات الدبكة والهجيني أهازيج تطوح فيأتي الصدى من سفح الاخضرار.

* حلمها مدجج بالحنين... حالم بالغمام حين يعانق المقل ويصافح إقرن ويلثم الكتب.. يصغي وكأن الزمن الذي مر عليه قد أناخ مطيّته وجاوره.

* أن يكون الحلم ملاذها وأن يكون للزمن بقية ما زالت تسكن أطراف الهدب. ما زالت تستعير من الحكايات العابرة ذاكرة تقتات منها... ذكريات لم يعد لها حضورها وحكايات تستفز فيها بقايا فرح قد ترمّد.

* غاب الحلم رغم الحضور وحضور يفتقد حُلمه... خيال الحلم يستثنيه من الغياب أو تحُضره أنت حين تستدعيه... يستدعيك المكان..

* قد يغيب الحلم... قد يعصف به الزمن... يقذف به... يحيله إلى باقة ورد زاهية الألوان.. ولكن... دونما رائحة... ملامحها تحتاج من يشخص تفاصيلها ومن يعيد الحُلم للحلم... أحلام مضت بها الأيام... أقصتها إلى دوائر تخلو من كل الملامح... قد يكون حكم عليها بغياب قسري.... وربما ملامح تاهت في زحمة.. تلاشت وسط الضجيج... ذابت من وهج طالها وهي تقف على قارعة الطريق.

* ذات مساء... من ليلة صيف حين توسط القمر كبد السماء.. وطاب لها السمر.... نثرت الكلمات... تناجي بها صفاء الليل وجمال المجرّة ونسائمه التي تفيض على المكان بالحنين.

* إني أرى فيك سراج بيت الطين... وأرى في قامتك امتداد نخلي.. وقطرات الندى حين تصافح الأغصان كل فجر.. وخصبُ في بيدر لم يُمطر.

فضائي يتسع لمن يريد التحليق... أنا بتّ مزنّرة الخصر. وبيتي ضاقت علي حدوده.. وافق نظري محصوراً في حدود المكان.

للملوحة وشم... يعتلي جبهتي. والخطى تترك في الأرض أثر. والوجد بين أضلعي يحن كالهديل.. وقوس الربابة يسامر ليلي. .. يهدهد جفني... يسرق مني متعة الإنصات لصوت على البعد يأتي... ألاحقه... أخايله كبرق يلوح في كبد السماء...

* إني أقف هنا.. فوق حدود المكان... انتظر أن يطل الفجر.. أصافح شفقه.. أشم أنفاسه... البس رداءً من كسوة النهار... أو ارتدي من صمتكم ما يغطي جسدي وأستريح.... حين هطلت علي كهتان. وأباحت بسرها... كانت تقول بصوت هامس.. إني أرى فيه... ملامح القرية التي غابت.. وقامة النخيل الذي لم يعد نضراً.. وخيوط الفجر انتظر ولادته... وصباحات اعتدت أن تطل... تنير بشفق الضياء هامات التلال...

** حملتُ من الأسماء... لُقبّت بصفات... لم أعد كما كنت... صرت أجمل!! صرت ذلك الشيء الجميل!!!!

** قد تكون المسافات تباعدت... والخطى تُحثُّ... بين زمان ومكان.

** حقول... تطاول وسطها الصفصاف والعصافير تدق نوافذي... تطرق الباب.. وليل طاول الجدران وقوفاً.. والعدّ طويت دلائه..

** من هنا يمرون.... ومن هنا عبروا... إلي تطير الحمائم... تغازل الغمام في فجري الشتائي..

** قلائدي.... سبحة انفرط خيطها.. ضاعت وسط سافي الرمل... وقصائدي ذهبت بها الريح. والقوافل لم تعد أنيسة المناخ. والقوافي يرددها من ذهب حين ذهبتُ وضاعت الملامح في زحمة الحضور والذين ما كانوا إلا خيال الحلم.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد