لندن - رويترز:
على مديري الأصول والدبلوماسيين والساسة الذين يختفون في عطلات صيفية طويلة، أن يعوا أن التاريخ يكشف لنا أن الأحداث الكبرى ابتداء من الحروب إلى انهيار الأسواق غالباً ما تحدث على نحو مربك عندما يتوجه الجميع إلى الشاطئ. ففي الصيف الماضي أفسدت الحرب غير المتوقعة بين روسيا وجورجيا (موسم أغسطس السخيف) والذي يخلو عادة من الأخبار الجادة. وشهد العام الذي سبقه بدايات أزمة الرهون العقارية عالية المخاطر وأزمة الائتمان بينما اندلعت الحرب بين لبنان وإسرائيل في يوليو عام 2006م. وبدأت الأزمة المالية الآسيوية في يوليو 1997 والتي تسببت جزئياً في أزمة الروبل الروسي في أغسطس 2008م. وغزا العراق الكويت في أغسطس 1990، بينما أطاح متشددون سوفييت لفترة وجيزة بالرئيس ميخائيل جورباتشوف في أغسطس 1991 حين كان في عطلة. وبالعودة لفترات أبعد إلى الوراء نجد أن الحرب العالمية الأولى اندلعت في أغسطس 1914 والثانية في بداية سبتمبر - أيلول 1939م. فهل يعني هذا أن الصيف في نصف الكرة الشمالي يجنح بشكل خاص إلى الأحداث غير المتوقعة عالية التأثير التي يمكن أن تقلب العالم رأساً على عقب بين عشية وضحاها؟. ويقول سام ويلكين المستشار الكبير بمؤسسة اوكسفورد اناليتيكا (فرضية إن هذه الأشياء تحدث في الصيف.. الحروب والأزمات المالية .. الخ.. مثيرة للاهتمام لكن يصعب إثباتها). ويضيف: (التفسير المعتاد كان دوماً أن الناس يكونون بعيدين عن مكاتبهم ومن ثم يتولى الصف الثاني الأقل كفاءة التعامل مع كافة الأمور). وتقول هذه النظرية إن صنّاع القرار الرئيسيين الذين يرصدون عادة الأزمات أثناء نشوئها ويقومون على الفور بالتعامل معها، قد لا يكونون ببساطة متواجدين في اللحظة الحاسمة ومن ثم لا يتصرفون مما يسمح للأحداث بأن تخرج عن نطاق السيطرة. وقد يساعد ذلك على تفسير سبب وقوع بنك نورذرن روك البريطاني في مشاكل بعد أن شحت أسواق الائتمان في صيف عام 2007 وهو ما أدى إلى أزمة متسارعة أفضت إلى سحب عدد كبير من عملائه إيداعاتهم وتأميمه في سبتمبر. وأحياناً ينتهز المتسببون في تلك الأزمات فرصة انشغال العالم بقضايا أخرى. فأياً كان الطرف الذي يمكن إلقاء اللوم عليه في بدء حرب جورجيا عام 2008 فحقيقة أنها اندلعت فيما كان العالم منشغل بحفل افتتاح الاولمبياد في بكين تبدو أكثر من مجرد مصادفة. ويفضل القادة العسكريون تعبئة قواتهم والقتال في الصيف ويأملون في الغالب أن يتمكنوا من إكمال أهدافهم قبل دخول الشتاء حتى تكون الحرب قد (انتهت بحلول عيد الميلاد). وقال ريتشارد فينين أستاذ التاريخ الأوروبي بجامعة كينجز كوليدج بلندن (بشكل عام هناك ميزة عسكرية لبدء الحملة في الصيف .. فبالإضافة إلى عامي 1914 و1939 بدأ غزو الاتحاد السوفيتي الذي كان البداية الحقيقية للحرب العالمية الثانية في يونيو 1941 لنفس السبب). وفي أسواق المال هناك أيضا تفسير معقول للأزمات الصيفية أو على الأقل لماذا يكون لها هذا التأثير الشديد. ففي ظل وجود كثير من اللاعبين الأساسيين في الأسواق في عطلات فإن حجم التداول يكون عادة أقل لكن التقلب يكون أكبر كثيراً.