Al Jazirah NewsPaper Monday  13/07/2009 G Issue 13437
الأثنين 20 رجب 1430   العدد  13437
استرعى انتباهي
د.عبدالله بن ناصر الحمود

 

يبدو أنه قد بات من الممكن الإقرار بأن أزمتنا مع صورتنا الناتجة عن أحداث الحادي عشر من أيلول قد بدأت في التغير النسبي نحو الأفضل، فقد استطاع الناس خلال سنوات عجاف مضت أن يدركوا أنه ليس من الحكمة تعميم الأحداث، ولا محدثيها على كل العباد والبلاد. وأظن أن أوباما قد جاءنا من هذا الباب بخطاب أمريكا (الجديد) الذي كنا فيه أفضل صورة، وأهدأ حضورا، وأقرب إلى النفس الغربية منّا يوم الكارثة،

ورغم كل ذلك فليس مما استرعى الانتباه هذا اليوم أن نناقش تداعيات العنف والغلو والتطرف أو ما آل إليه حالنا بعد ذلك، ولكن يبدو أنه من المهم اليوم أن نناقش ونتأمل حضورنا العالمي بشكل مختلف نسبيا. فالسعوديون كما يبدو لم يعودوا في ذهنية وذاكرة الآخر، أولئك الذين كان منهم ما كان، بل يبدو أن الأمور تعود، حاليا، لنصابها من جديد لتعيد (بإذن الله) صورة أفضل قريبة من تلك التي كانت لنا ردحا من الزمن، آخذة في التحسن من جانب دراية الآخر بثراء التجربة السعودية على مجمل المستويات الثقافية والاجتماعية بقدر لم يكن متاحا عنا، في الأيام الخوالي. ومن المؤسف أنني لا أملك نتائج كمية أو كيفية لدراسات علمية توضح صورتنا في الخارج هذه الأيام، لكنها ملاحظات شخصية مقننة، في أكثر من موقف دولي وعالمي خلال الشهور القليلة الماضية، وبالتالي فإن ثمة متغيرا مهما قد حدث كما يبدو، وهو أن القوم يروننا اليوم بقدر ما أردنا أن يكونوا، عبر جهودنا المجتمعية الكبرى خلال ثمانية أعوام مضت: مثل غيرنا من المجتمعات والناس، منّا المقسطون ومنّا دون ذلك. أما الذي يسترعي الانتباه اليوم فأظنه مع قدوم موسم الصيف وخروج كثيرين منا أن نزيد من حرصنا على تقديم ذواتنا ثقافيا واجتماعيا، ولا سيما أن الآخر اليوم أقرب لأن يرانا مجتمعا إنسانيا من أن يُجري علينا )الصورة المسبقة( عنا. فالسمة الكبرى التي نحملها دائما كما يبدو هي أننا (سعوديون)، وكم هو كبير أن نُسأل من أين (نحن)؟ فقولنا (سعوديون) أمانة وطنية عظمى، ففيها امتدادنا الحضاري، وفيها ولاء القوم لنا، وفيها كلمة تقال في ظهورنا، ما أحوجنا أن تكون كلمة طيبة، ترفع ذكرنا، وتشرق لها نفوسنا، ولن يتحقق لنا ذلك إلا بالإدراك الحقيقي أن مسؤولية مواطنتنا تتمثل في واحدة من أكبر وظائفنا المجتمعية وهي (وظيفة دعم الصورة الحسنة للبلاد وأهلها)، ولا أبالغ إن قلت: إنه مما أجد أهميته أن ندرس نحن وندرّس أبناءنا أساسيات (العلاقات العامة) لنتمكن جيدا من مهارات تقديم الذات للآخرين. فليس الآخرون الذين نحمل صورة حسنة عنهم خيرا منّا تاريخا أو حضارة، ولسنا أقل منهم حبا لأنفسنا وأهلنا وبلادنا. فلنستحضر معنا في كل رحلة دولية أمانة التعبير عن الوطن، وعظمة التمثيل المجتمعي، وأن ندرك يقينا أن الآخرين بطرحهم لسؤال من أين أنتم؟ إنما خلف الأكمة ما خلفها، من مجرد الرغبة في معرفة الشيء، حتى الحاجة لتقويم موقف معين، أو سلوك ما، وبالتالي امتلاك (صورة) عامة عن البلاد والناس عندنا. إن رجاءنا وأملنا أن ينتهي صيف هذا العام، و(نحن) أجمل في أذهان الآخرين، على الأقل بالقدر الذي نحن فيه (جميلون) في داخلنا، وبقدر ما هي جميلة قيمنا ومبادئنا، فقط نحتاج أن نتعلّم كيف نحسن التعبير عنها اتجاها وسلوكا.





alhumoodmail@yahoo.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد