تقوم على بعد نحو ثلاثين كيلاً من مدينة الرياض روضة من رياض العطاء الإنساني، راودت صانعها حلماً، ثم صاغها فكرة، ونفذها كياناً شامخاً، تلك هي مدينة الأمير سلطان بن عبدالعزيز للخدمات الإنسانية، ذلك الصرح العملاق المتكامل عدة وعدداً وتجهيزاً حديثاً أنشأها رئيسها سلطان الخير حفظه الله ورعاه قبل بضع سنوات لتكون بعد الله عوناً لمن يطلب العون على الإعاقة من أبناء وبنات هذا الوطن الكريم.
***
* قطعت المؤسسة شوطاً طموحاً بمهنية رائعة غير مسبوقة في مواجهة تحدي الإعاقة بكل أنماطها الدقيقة وصعوباتها المتعددة، أسباباً وعلاجاً، وأحرزت برامجها العلاجية والتأهيلية صيتاً دولياً منحها في عام 2008م الفوز بشهادة اعتماد من (الهيئة الدولية لاعتماد المستشفيات) JOINT COMMISSION INT - JCI) وجاء هذا الاعتراف الأممي تتويجاً لجهودها المتميزة وبرامجها الرائدة في علاج وتأهيل المعوقين.
***
* من جهة أخرى، أقامت المؤسسة جسوراً متينة مع الجهات الحكومية والأهلية المعنية بالإعاقة، وشكلت لهذا الغرض فريق عمل لدعم وتطوير برامج التربية الخاصة في الكليات والجامعات السعودية، وقد تمكن هذا الفريق من وضع خطة طموحة تستهدف سد الفجوة القائمة في أعداد ومستوى تأهيل خريجي الأقسام المعنية بالإعاقة من المواطنين السعوديين إضافة إلى تطوير برامج وخطط تلك الأقسام الأكاديمية لتتمكن من أداء دورها الفاعل في خدمة الوطن الغالي.
***
* لم تكتف المؤسسة بما فعلت خدمة للمعاق، بل سعت بالتنسيق مع وزارة التعليم العالي إلى ابتعاث مائة طالب وطالبة للدراسة في كل مجالات التربية الخاصة بالجامعات الأمريكية، وسبق ذلك استفادة عدد غير قليل من شباب المملكة من فرص التربية الخاصة في جامعة الخليج العربي بالبحرين، كما تبذل المؤسسة جهوداً خاصة لتنشيط وتفعيل برنامج دمج المعوقين في المجتمع.
***
* وعلى صعيد آخر، لم تقتصر جهود المؤسسة المباركة على مكافحة الإعاقة، بل امتدت يد الحنان إلى (القلب المريض) حيثما كان عبر إنشاء مركزين لعلاج القلب في الأحساء والخرج، كما انضمت المؤسسة إلى حراك الإسكان الخيري، فافتتحت جهودها المباركة في هذا السبيل بإنشاء أكثر من ألف وخمسمائة وحدة سكنية جديدة موزعة على مناطق متفرعة من المملكة، إسهاماً منها في تفتيت عقدة العجز في قطاع الإسكان الخاص.
***
وبعد..
* فإن هذا الحديث الموجز لا ولن يفي هذه المؤسسة الرائدة حقها ذكراً وشكراً مثلما أن الكتابة عنها أمر لا يجف له مداد، فقد بذلت جهوداً مباركة ليس في مجال مكافحة الإعاقة وأمراض أخرى فحسب، بل في مجال التنوير التوعوي الصحي لشرائح مختلفة من المجتمع، انطلاقاً من (مثالية) الوقاية خير من العلاج، وهي لهذا السبب لا تقصر جهودها الطموحة على قطاع معين من (الوجع الإنساني) بل تشمل العديد من مسارات الخير مما له صلة بسعادة المواطن ورفاهيته، كجهودها في مجال الإسكان وتأهيل الشباب، لكن يبقى إنجازها الأكبر لخدمة المعاق تاج أعمالها بلا منازع.
***
* لم يبق لي الآن سوى الدعاء العطر لطيب الذكر وطيبه.. سيدي سلطان الخير، الذي سيعود قريباً بإذن الله إلى وطنه من رحلة علاجية طويلة لتحفه كل القلوب المحبة له بالترحيب والدعاء من الأعماق بأن يحفظه الله من كل داء، ويجنبه كل بلاء، ويديم عليه أسباب الصحة والسعادة ليبقى عضداً أميناً لأخيه البار سيد هذا الكيان خادم الحرمين الشريفين أيده الله بعونه ونصره، وأبقاه وولي عهده الأمين حصناً لهذا الوطن، ودرعاً واقياً له، عزاً ورخاء وبقاء.