Al Jazirah NewsPaper Thursday  09/07/2009 G Issue 13433
الخميس 16 رجب 1430   العدد  13433
أضواء
الحقوق لا يتفاوض بشأنها
جاسر عبد العزيز الجاسر

 

فن التفاوض كما درسناه وعهدناه، وتعلمناه في حياتنا العملية أن المرء أو الدول تتفاوض على مواضيع مختلف عليها، أما الحقوق التي يسلبها الطرف الآخر المتداخل في عملية التفاوض أو الذي يراد التفاوض معه، فهذا ضرب آخر من التعامل؛ لأن الحق لا يتفاوض عليه المرء، ولا الدول تتفاوض على حقوق سلبت منها، بل تعمل على استرجاعها، وحتى وإن لم تستطع تحقيق إعادتها في مرحلة ما فإنها تظل في ذاكرة الشعوب حتى تحين الفرصة ليتم استعادة حق مسلوب ظل لوقت مؤجل التحصيل لعدم توفر الظروف والفرص، ظروف القوة، واختلال ميزان العلاقات.. وأسباب عديدة، والويل لأمة أوشعب يتنازل عن حقوقه لمجرد عدم تكافؤ الفرص واختلال موازين القوة.

هذا القول الأكاديمي المبدئي هو الذي يجب أن تتمسك به الدول العربية وخصوصا الفلسطينيين والعرب الآخرين الذين لهم حقوق مشروعة ومسلوبة يتخذ الإسرائيليون منها (سلاحاً) لفرض ما يريدون الحصول عليه وفرض وجودهم في المنطقة العربية.

الإسرائيليون يرددون والقادمون من الغرب رؤساء ووزراء ومبعوثين يجارونهم بالقول: (بأنه يجب استئناف المفاوضات بدون شروط..!!).

جميل مَنْ مِنّا لا يريد استئناف المفاوضات..؟ ولكن على أي أساس..؟!! العرب لا يشترطون ولكن الإسرائليين يقدمون الأمر وكأن العرب هم الذين يشترطون، في حين القراءة المتمعنة والتحليلية تؤكد بأن الإسرائيليين هم الذين يشترطون، فهم يستبعدون عودة اللاجئين، والحديث عن القدس، وإعادة الأراضي المحتلة عام 1967م، من هضبة الجولان وما تبقى من أرض فلسطين، بالإضافة إلى عدم المساس بالمستوطنات... وأضافوا شرطاً جديداً وهو الاعتراف بيهودية الدولة الإسرائيلية..!!

كل هذه الشروط لا يراها الغربيون الذين يسايرون الإسرائيليين، ويطالبون بعودة المفاوضات بلا شروط معتبرين مطالبة الفلسطينيين بالقدس عاصمة لدولتهم القادمة شرطاً، وتفكيك المستوطنات شرطاً، وتهديم السور العنصري شرطاً، وتحديد حدود لدولتهم القادمة شرطاً... وحتى رفع الحصار عن المعابر التي تربطهم بالعالم شرطاً... بل أكثر من ذلك تمكينهم من الحصول على الغذاء شرطاً.

أما عندما يتحدثون مع السوريين فيرون في مطالبة الرئيس بشار الأسد وقبله والده الرئيس الراحل حافظ الأسد بإعادة كامل الأراضي السورية المحتلة (هضبة الجولان) يعدون ذلك شرطاً.. وكأن التشبث بالحقوق شروط..!!

ألم يدرس الغربيون الذين يتوافدون إلى منطقتنا حاملين رسائل الإقناع أو التهديد بأن حقوق الشعوب والدول المشروعة ومنها أراضيها المحتلة حقوق غير قابلة للتفاوض..؟!! وأن تنظيفها من الاحتلال مبدأ وليس شرطاً...!!



jaser@al-jazirah.com.sa

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد