كان يتحدَّث بحرقة وألم، يقول: لديّ ابن توحدي، هو أحب أبنائي إليّ وإلى أمة، فقد ملأ الله قلوبنا بحبه، والحرص على معالجته وتنمية مداركه، ونسأل الله ألا يحرمنا نحن ومن يعيش مثل حالتنا من الأجر والمثوبة، ولو لم يكن لهذا الابن الحبيب من الفضل إلا أنه كان سبباً حقيقياً في قربنا من الله عز وجل لكفى، فكيف به وقد أذاقنا لذة الرضا بقضاء الله، ومتعة التراحم والتعاطف؟
|
وحينما سألت هذا الرجل المتألِّق بإيمانه، المتميز بهدوئه ورجاحة عقله، عن مراكز العلاج الموجودة في المملكة قال:
|
أما هذه فهي مشكلة المشكلات في هذا الموضوع؛ لأن الخدمة الصحية المقدمة لهذا النوع من أطفالنا لا تزال دون المستوى المطلوب، ولا يزال علاج هذه الحالات خارج المملكة أفضل منه داخلها برغم وجود عدد من المراكز في الرياض وجدة والدمام مثل أكاديمية التربية الخاصة التي أنشأها وأشرف عليها سمو الأمير تركي بن ناصر بن عبدالعزيز، ومركز والدة الأمير فيصل بن فهد للتوحد بالرياض، ومركز جدة للتوحد الذي بدأ بفصل في الجمعية الفيصلية الخيرية بجدة بتعاون بين الجمعية ود. سميرة السعد من الكويت ودعم من الأميرة فهدة بنت سعود، وهنالك مراكز أهلية أخرى، ولكنها جميعها لا تغطي احتياجات أطفال التوحُّد في المملكة الذين بلغت أعدادهم في آخر إحصاء مائة ألف طفل توحدي، وهناك مشكلة تواجه الأسر التي لديها أطفال من هذا النوع تتمثل في غلاء التكاليف حتى أصبحت الاستفادة من هذه المراكز تكاد تنحصر في الأسر الغنية التي لا يضيرها أن تدفع أربعين ألف ريال سنوياً مقابل الخدمات الصحية وخدمات الرعاية والتدريب.
|
وقال مواصلاً حديثه: لقد أصبح آباء وأمهات هذا النوع من الأطفال هم الأطباء لأولادهم، وهذا يتطلب جهداً كبيراً. وربما كانت معاناة الأستاذ (ياسر الفهد) والد الطفل (مشعل) الذي أصبح الآن صبياً هي المثال الأوضح على المعاناة الكبيرة التي تعاني منها الأسر السعودية التي تضم بين أولادها من يحمل هذه الحالة.
|
إن ما نطمح إليه هو أن يكون هنالك تفعيل حقيقي سريع للدور الذي ينتظر من الجمعية السعودية للتوحد؛ حيث يتم الدعم المادي والمعنوي للمراكز الخاصة بالتوحد؛ حتى تكون قادرة على مواجهة الأعداد الكبيرة للأطفال التوحديين، وحتى تكون المملكة العربية السعودية رائدة في هذا المجال؛ فدولتنا قوية - والحمد لله - مادياً ومعنوياً وهي جديرة بالريادة في هذا المجال وغيره من المجالات الأخرى.
|
وقال الرجل: لقد قامت صحيفتا (الجزيرة) والرياض بجهود إعلامية ممتازة في هذا المجال بما يشبه الحملات المتواصلة قبل سنوات، وكان لذلك أثر كبير حتى نوقش الأمر في مجلس الوزراء عام 1419هـ، وصدر مرسوم ملكي بهذا التاريخ لتكوين لجنة خاصة بهذا الأمر، وقد تم اعتماد مجلس الوزراء السعودي المشروع الوطني للأطفال التوحديين في رمضان 1423هـ، وهي خطوة ممتازة رغم أنها قد استغرقت حوالي أربع سنوات حتى تم الإعلان عن هذا المشروع الوطني.
|
إنني أهيب بالصحافة ووسائل الإعلام الأخرى القيام بحملة إعلامية لتوعية المجتمع من جانب، ولتطوير مراكز التوحُّد من جانب آخر؛ حتى تتمكن من استيعاب الأعداد المتزايدة ومن تخفيض تكاليف الرعاية والعلاج.
|
صورة نقلها ذلك الرجل أطرحها هنا دعماً لموقفه وتذكيراً بهذه الفئة العزيزة من أولادنا..
|
|
وكم في عيون الناس من دَمْع حُرْقةٍ |
وكم سِنِّ ندمان على الدرب تُقْرَعُ |
|