Al Jazirah NewsPaper Saturday  04/07/2009 G Issue 13428
السبت 11 رجب 1430   العدد  13428
الإغراق (والمثل الشعبي)!
فضل بن سعد البوعينين

 

أكمل من حيث انتهيت الأسبوع الماضي فيما يتعلّق بقضايا الإغراق المرفوعة على الشركات البتروكيماوية السعودية. وبمتابعة بسيطة لردود أفعال الجهات ذات العلاقة بقطاعات الإنتاج، الإشراف، والتصدير يمكن التعرّف على نوعية القرار المتوقع صدوره ضد الشركات السعودية خلال الستة الأشهر القادمة!

الدكتور فهد بن صالح السلطان، الأمين العام لمجلس الغرف التجارية الصناعية السعودية، أوضح ل (العربية) الأربعاء الماضي أنهم لم (تصل إليهم كامل المعلومات المتعلقة بقضية الإغراق)، وهنا نؤكد على أن القضايا المرفوعة ضد الشركات السعودية لم تكن وليدة اللحظة، بل تفاعلت مع نشوب الأزمة الاقتصادية، واكتملت أركانها بنهاية الربع الرابع من العام 2008م. وعدم إلمام مجلس الغرف التجارية الصناعية السعودية بأهم القضايا التي تهدد مستقبل الصناعة البتروكيماوية السعودية يضع أكثر من علامة استفهام حول علاقتها بالقطاع الصناعي.

الدكتور السلطان ذكر أن خيار الرد بالمثل على الإجراءات الصينية (خيار قائم أمام الجهات المختصة في السعودية كالجمارك). والحقيقة أن خيار الرد بالمثل لم ولن يكون الخيار الأمثل في هذه الحالة، على أساس أن المتضرر الرئيس هو المواطن السعودي الذي يستورد كل ما يحتاجه من مستلزمات الحياة، في الوقت الذي لن تستفيد الشركات السعودية من مثل هذه القرار شيئاً. كما أن المملكة لا يمكنها أن تفرض ضرائب تتعارض مع قوانين منظمة التجارة العالمية وهي أكثر حرصاً على تجنب هذه الباب الذي قد يفتح عليها أبواباً أخرى هي أكثر حرصاً على إغلاقها إلى الأبد!

الجمارك السعودية، والجهات المسؤولة الأخرى تمنع إغراق السوق السعودية بالمنتجات الصينية المسرطنة، المقلدة، والرديئة رغم مخالفتها الأنظمة والقوانين العالمية، فهل لها أن تنجح في عرقلة التجارة العالمية المحمية بقرارات منظمة التجارة العالمية؟!

اعتقاد الدكتور السلطان من أن الصين ستكون الخاسر الأكبر في حال تطور النزاع التجاري عطفاً على حجم الواردات السعودية من الصين يحتاج إلى مراجعة دقيقة من مجلس إدارة الغرف التجارية الصناعية السعودية.

باختصار شديد قضايا الإغراق المرفوعة على الشركات السعودية لم تأت من فراغ، بل هناك ما يدعمها على أرض الواقع، لذا يجب التعامل مع القضية وفق عناصرها الأساسية المضمنة ملف الاتهام. تفنيد الأخطاء، وتوضيح الحقائق التي أدت إلى بيع بعض المنتجات البتروكيماوية بأسعار متدنية يمكن أن تنهي القضبة لصالح الشركات السعودية. فعلى سبيل المثال تأثرت الشركات المنتجة لمادة البولي بروبلين بالأزمة الاقتصادية العالمية ما أدى إلى بيعها إنتاج شهر سبتمبر بأقل من تكلفة إنتاجه. تحتاج المواد المنتجة في شهر سبتمبر إلى أربعين يوماً تقريباً لوصولها الأسواق العالمية، وبالتالي اضطرت تلك الشركات إلى بيع منتجاتها بأسعار السوق المنهارة في شهر أكتوبر، إضافة إلى ذلك، وبسبب المعايير المحاسبية، قامت تلك الشركات بإعادة تقييم المخزون وفق أسعار السوق السائدة لا تكلفة الإنتاج ما أقحمها في قضايا الإغراق التي لم يكن لها يد فيها. أسعار البيع فرضتها الأزمة الاقتصادية، والأسواق العالمية، ولم تكن أبداً خياراً تسويقياً قامت به الشركات السعودية بغرض الحصول على حصص إضافية في الأسواق العالمية، أو الضغط على المنافسين! هذه أصل المشكلة ويجب أن يبنى عليها ملف الدفاع ولا شيء غير ذلك.

أما الخيارات المتاحة فلا مناص من تشكيل فريق عمل من وزارة الخارجية، المالية، الصناعة والتجارة، الشركات المنتجة ومحاموها، وخبراء على اطلاع تام بخبايا منظمة التجارة العالمية يقوم بتوضيح وجهة نظر الشركات السعودية للسلطات الصينية والهندية لإنهاء هذه القضية وكسبها ما يمنع تكرارها مستقبلاً. أعتقد أن توثيق العلاقة مع المنتجين في الصين والهند من خلال الشراكات الداخلية يمكن أن تساعد في حجب كثير من القرارات الانتقائية الموجهة ضد الشركات السعودية. إذا لم تتحول القضية إلى (قضية مصير) تُبنى، وتقدم، وتُدعم على أعلى المستويات، بشكل احترافي، فالعواقب وخيمة ولا شك.

أخيراً، تحدثت الصحف السعودية عن تحرك مجلس الغرف السعودية، لإجراء دراسة في قضية الإغراق التي أقيمت في الصين ضد شركات سعودية؛ ونذكر المجلس الموقر أن الهند أيضاً تنظر قضية إغراق أخرى ضد الشركات السعودية ما يستوجب ضمها لملف الدراسة. تحرك مجلس الغرف السعودية المتأخر ذكّرني بالمثل الشعبي القائل (يوم شدوا قالت زوجوني). الغفلة تقضي على المنجزات.

***



f.albuainain@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد