Al Jazirah NewsPaper Thursday  02/07/2009 G Issue 13426
الخميس 09 رجب 1430   العدد  13426
إيقاعات
هل بات السحر ظاهرة لدينا؟!
تركي العسيري

 

أصبحت عمليات القبض على السحرة والمشعوذين ومداهمة أوكارهم خبراً يومياً ثابتاً لا تكاد تخلو منه صحيفة، وهذا يدل بوضوح على تفشي هذه الظاهرة الخطيرة في أواسط المجتمع. وفي يقيني أنه ما كان للسحرة والمشعوذين أن يتواجدوا بيننا وبهذا الحجم لولا وجود (الزبائن) الذين يؤمنون بقدرة هؤلاء (النصابين) على حل مشاكلهم وتحقيق أحلامهم. ولعل من المضحك حقاً أن يلجأ هؤلاء السحرة والمشعوذون لإضفاء قدر من المصداقية على أعمالهم إلى عملية (التخصص)، فهذا ساحر متخصص في جمع قلبين، وذلك للتفريق بين زوجين، وثالث متخصص في زيادة الثروة بالملايين ورابع متخصص في الجن والشياطين.

والملاحظ أن غالبية الزبائن هم من النساء، وهناك بالطبع شريحة من الرجال (الطامعين) الباحثين عن الثراء والملايين التي يوهمهم بها الساحر من خلال لعبة (الزئبق الأحمر)!!

وغني عن القول إن السحر محرم بنص الكتاب والسنة.. كما أن (من أتى ساحراً فقد كفر) فهؤلاء السحرة والمشعوذون هم في مجملهم (شياطين) لا دين لهم ولا ضمير ولا أخلاق، عدا عن أنهم نصابون محترفون يلهفون أموال الناس بالباطل.. وبعدها يذوبون (كفص الملح)!

وفي رأيي أن أغبى (الزبائن)، بل أغبى الأغبياء هو ذلك (المغفل) الذي يؤمن بقدرة هؤلاء السحرة والمشعوذين على تنمية ثروتهم.. وتحويلها إلى ملايين الريالات أو الدولارات. ولو فكر قليلاً وسأل نفسه سؤالاً بسيطاً وهو: إذا كان بإمكان هذا المشعوذ أن يحول نقوده القليلة إلى ملايين يسيل لها اللعاب.. فلماذا لا ينفع نفسه أولاً؟

أما أخطر (الزبائن) وأكثرهم ظلماً لنفسه ولغيره فهو ذلك الذي يسعى إلى التفريق بين الأزواج وتحويل حياتهم إلى جحيم. ويبقى أرق الزبائن قلباً.. وهو ذلك الذي يطلب تعويذة حب أو تلك التي تطلب من الساحر أن يحول زوجها إلى (حمل) وديع لا يعصي لها أمراً!

السؤال هو: هل مجتمعنا - أو فلنقل بعض شرائحه - تعاني من أزمة أخلاقية ونفسية ودينية بحيث أصبحت صيداً سهلاً للنصابين والمشعوذين و(الحرامية)؟!

هناك غياب ملحوظ للتوعية بهذا الخطر.. نريد من أئمة المساجد وخطباء الجمعة أن يتحدثوا عن الظاهرة ويكرروا، فالأمر وصل ذروته.. خاصة وبعد أن انتشرت القنوات الفضائية التي تعلم السحر، وتساهم في نشره بين الناس. والذي يستمع إلى هؤلاء (المهرجين) وهم يرددون على (زبائنهم) سيكتشف أن المسألة هي نصب في نصب؛ فالله وحده هو علاَّم الغيوب.

إحدى المتصلات سألت الساحر عن مستقبلها فقال لها: هل أنت متزوجة؟ قالت: لا.. قال لها بعد أن استشار قرينه. إذن ستتزوجين. وستنجبين وستفرحين.. وبعد أسبوع اتصلي بي!

أي دجل هذا يا عالم؟! وقد فعلت(عربسات) خيراً في منع تلك القنوات من البث عبرها.

علينا أن نحارب هؤلاء المجرمين من السحرة والمشعوذين، وأن نردعهم وننكل بهم، وأن يقدموا إلى القضاء العادل للاقتصاص منهم لقاء ما اقترفوه من جرائم، ومن تخريب بيوت ومن ابتزاز أناس يعانون من حالات مرضية مختلفة. نعم.. فالإنسان الذي يريد أن يتحول بين ليلة وضحاها إلى مليونير عن طريق هؤلاء السحرة هو مريض حقاً.. فالأثرياء الكبار حققوا ثرواتهم بالعرق والجهد والمثابرة وعلى امتداد عقود من الزمن.. اللهم إلا إذا كانوا لصوصاً أو مستثمرين لأموال الغلابا.. وهم لا يقلون ذنباً عن المشعوذين والسحرة.. و(الأفاقين).. فهؤلاء حسابهم على الله!



alassery@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد