دشنت جامعة الملك سعود مرحلة جديدة للاستثمار المعرفي, أعلنت من خلالها عن عشرات الفرص الاستثمارية في منتجات تقنية متنوّعة, مثل جهاز التشخيص المبكر للسرطان, وجهاز ترشيد الكهرباء, وجهاز الضاغط الهيدروليكي للسوائل وغير ذلك من منتجات، وتأتي هذه المرحلة لتفعيل مفهوم الاقتصاد المعرفي والاستثمار في مجال الأفكار.
إسهام في تنمية مقدرات الوطن
نهضة الجامعة التطويرية لم تنحصر في التركيز على تعليم الطلاب أصول المعرفة فقط، بل تعدتها للإسهام في تنمية كافة مقدرات الوطن والمواطن الاقتصادية والعلمية أو كل ما من شأنه أن ينعكس تطوراً وتقدماً على البلاد، واتخذت الجامعة في سبيل ذلك عدة خطوات جادة وحاسمة تمثّلت في العديد من المشروعات العملاقة التي تصب في هذا المنحى منها مشروع وادي الرياض للتقنية ومشروع حاضنة الرياض وذلك لاستثمار العقول وتسويق الأفكار الإبداعية بالإضافة إلى برنامج حماية الملكية الفكرية وبراءة الاختراع.
وادي الرياض للتقنية
يأتي برنامج وادي الرياض للتقنية في مقدمة هذه المشروعات لما يمثّله من مستقبل واعد في كل ما يتعلق بالتنمية المستدامة وتقنيات المدن الذكية. ويهدف مشروع وادي الرياض للإسهام في إنشاء مجتمع المعرفة وتحقيق التنمية المستدامة وتسويق كفاءات الجامعة لتحقيق عائدات تساعدها على التميّز وتوجيه أعمال البحث بما يتناسب مع احتياجات وأولويات المجتمع وتقليص الهوة بين مخرجات الجامعة ومتطلبات سوق العمل واكتساب التقنية وتوظيفها وتوطينها بما يخدم التنمية المستدامة.
صرح يتطور باطراد
يقع الوادي في قلب مدينة الرياض على شارع الأمير تركي بن عبد العزيز - الأول - وداخل الحرم الجامعي بمساحة تقارب 1.7 مليون متر مربع، وتعتزم الجامعة تطويره ليكون مثالاً حياً على تقنيات التنمية المستدامة والمدن الذكية.
يؤكد المشرف على الشؤون الهندسية والفنية بوادي الرياض للتقنية الدكتور عبد العزيز بن ناصر الدوسري أن جامعة الملك سعود أسهمت في مواكبة توجهات الدولة والتي تعكسها الخطط الخمسية للتنمية بتبني التوجه للاقتصاد المعرفي
من خلال خطة إستراتيجية رسمتها الجامعة ورؤية وضعتها الإدارة العليا بالجامعة مبنية على تصور ثلاثي الأبعاد لطالما أكد عليه معالي مدير الجامعة ووكيل الجامعة للتبادل المعرفي ونقل التقنية، هذا التصور يرتكز على ثلاثة أبعاد أساسية هي: تحقيق الريادة العالمية وبناء مجتمع المعرفة وتعزيز الشراكة المجتمعية.
نجاحات باهرة
وعمّا حققه الوادي من نجاحات خلال الفترة الماضية يؤكد الدكتور الزهراني أن تلك الأنشطة حققت نجاحات مهمة تمخضت عن إبرام اتفاقات مهمة مع عدد من الجهات التي تمثّل ركائز للبحث والتطوير في الوادي. فمركز سابك للبحث والتطوير والمركز الوطني للتعلم الإلكتروني والتعليم عن بعد والمركز الوطني للسكري ومركز الجمعيات العلمية ومعهد الملك عبد الله للنانو ومعهد الأمير سلطان لأبحاث التقنيات المتقدمة ومعهد الملك عبد الله للبحوث والدراسات الاستشارية ومركز حاضنات الرياض والمركز الوطني للاعتماد الأكاديمي وغيرها مجرد بداية الثمرة التي سيحققها الوادي للبحث العلمي والتطوير التقني والاستثمار المعرفي للوطن.
حاضنة الرياض.. استثمار للعقول
تأتي تتجه حاضنة الرياض لتأصيل مفاهيم جديدة في التقنية الحديثة، وخصوصاً أن التحضين في مجال الأعمال والتقنية أصبح أحد المصطلحات الاقتصادية التي بدأت تتنامى في كثير من الدول الكبرى، بل أصبح الطريق الأول والأخير لصناعة الخبرة في كثير من تلك الدول. يقول المدير التنفيذي لحاضنة الرياض للتقنية الدكتور مزيد بن مشهور التركاوي إن التحضين في مجال الأعمال والتقنية مصطلح اقتصادي جديد نسبياً، وما الحاضنة إلا بيئة تنظيمية تقدم مجموعة من الخدمات الضرورية لإنشاء وتطوير شركات تقنية جديدة. ويمكن للحاضنة أن تكون متخصصة في مجال محدد كحاضنات التقنية الحيوية أو عامة تدعم أي شركة صناعية. كما أن الحاضنة تهدف لتشجيع ودعم بيئة الابتكار وروح المبادرة.
المنافسة في مجال التخطيط للأعمال
لا بد لأي حاضنة أعمال من إيجاد برنامج لها يُعنى بتنظيم وتشجيع المنافسة في مجال التخطيط للأعمال، إذ يشكّل هذا فرصة حقيقية لتدريب الطلاب وغيرهم على ممارسة العمل المقاولات الحقيقي. وبالتالي، فإن حاضنة الرياض للتقنية تعمل حالياً على إطلاق مثل هذا البرنامج، الذي يهدف إلى المنافسة في مجال التخطيط للأعمال إلى إعداد الجيل الجديد في مجال المقاولة وإلى بعث مشاريع وشركات جديدة من شأنها أن تعزّز القدرة التنافسية لدينا على المستويين المحلي والعالمي.
الملكية الفكرية حصن الأمان
شهدت السنوات الأخيرة تحولاًَ ملحوظاً في الاهتمام بحقوق الملكية الفكرية في منطقة الشرق الأوسط والعالم العربي وفي هذا الإطار أطلقت جامعة الملك سعود برنامجاً للملكية الفكرية ليكون القناة الشرعية التي يمكن من خلالها حماية حقوق الملكية الفكرية، وقد جاءت فكرة إنشاء برنامج للملكية الفكرية ليكون القناة الشرعية التي يتمكّن من خلالها المبدعون في الجامعة من حماية حقوقهم الفكرية وتتمثّل مهام البرنامج في الحفاظ على حقوق الملكية الفكرية الخاصة بمنسوبي الجامعة في براءات الاختراع وتراخيص التقنية وحقوق المؤلفين.
الأولى عربياً
يقول المشرف على برنامج الملكية الفكرية وترخيص التقنية الدكتور خالد بن سعد الصالح إن جامعة الملك سعود تفتخر بانتماء كوكبة من العلماء المبدعين إليها، فالجامعة هي الأولى عربياً من حيث تسجيل منسوبيها لبراءات اختراع عالمية. فقد حصل 11 عضو هيئة تدريس في جامعة الملك سعود على براءات اختراع تم تسجيلها في أمريكا والاتحاد الأوروبي، ونالوا عليها أوسمة الملك عبد العزيز عامي 1425هـ و1427هـ. إلا أن تسجيل براءات الاختراع التي حصل عليها علماء الجامعة تم بجهودهم الفردية أو بمساعدة الشركات الداعمة لهم ومن هنا برزت ضرورة إنشاء برنامج الملكية الفكرية وترخيص التقنية ليصبح القناة التي يستطيع من خلالها المبتكرون في الجامعة تسجيل براءات اختراعهم والحصول على عائد مادي مجزٍ من خلال ترخيصها.