عادةً عندما أجد موضوعاً أكتب فيه، أبدأ الكتابة من دون توقف حتى أنتهي من الموضوع، وموضوع اليوم بدأته عندما رأيت أن موضوع انقطاع الكهرباء في بعض مناطق المملكة سيطر على خطب الجمعة في غالبية مساجد بعض المناطق من بلادنا، خصوصاً أنه يترافق مع موجة حر تشهد فيها ....
المملكة درجات حرارة مرتفعة. هذا مع بداية الصيف وقبل مجيء طباخ التمر.
يا إخوان بنظرة للمستقبل، نجد أن المملكة ستواجه معضلة مقلقة بشأن كيفية تلبية الطلب سريع النمو على الكهرباء لتوفير احتياجات اقتصاداتها سريعة النمو خلال المرحلة المقبلة.
وللعلم فقط نجد أنه فيما يقل معدل النمو السنوي للطلب العالمي على الكهرباء عن 3 بالمائة، فإن هذا المعدل يصل إلى 10 بالمائة في بلادنا، وهو ما يتطلب استثمار أموال طائلة لرفع الإنتاج من الطاقة الكهربائية، وسأضيف عليها المياه بالقدر الذي يلبي الطلب المتزايد عليها محلياً.
ويعود ذلك إلى عوامل عدة، منها معدل النمو السكاني المرتفع، والذي يزيد على ضعف معدل النمو العالمي، والدعم الذي تقدمه الحكومة - حفظها الله - لأسعار الطاقة والمياه، والجهل بعدم ترشيد الاستهلاك، وتزايد حاجة محطات تحلية المياه للطاقة الكهربائية، حيث تعمل في المملكة حالياً نحو 36 محطة بين كبيرة وصغيرة، منتشرة على ساحلي الخليج العربي والبحر الأحمر، وفعلياً سنحتاج إلى ضعفها وأكثر مستقبلاً.
وبحسب معدلات نمو السكان المتوقعة في المملكة سيصل عدد السكان إلى 37 مليون نسمة عام 2020م، وستبلغ كمية المياه المنتجة من محطات التحلية نحو ستة ملايين متر مكعب من المياه يومياً، وهو ما يتطلب إنشاء محطات تحلية جديدة لتغطية الاحتياج المستقبلي مع خطوط النقل اللازمة للسنوات المقبلة.
وانطلاقاً من هذا الواقع، الذي أدى بشكل تلقائي إلى نمو سريع في الطلب على قطاع الكهرباء والمياه، وهو ما ظهر جلياً في الميزانية التي رصدت مبالغ طائلة لتطوير البنية الأساسية لهذا القطاع، كما نحتاج إلى تنظيم العديد من المؤتمرات لبحث مستقبل قطاع الكهرباء وتحلية المياه بغية إيجاد قطاع نشط في بلادنا لأن حياتنا تعتمد عليه.
وحيث تشير التوقعات إلى أننا نحتاج إلى كمية كبيرة إضافية من الكهرباء؛ لذلك كان التوجه نحو إنشاء شبكة الكهرباء الخليجية الموحدة، وفي ظل نقص الغاز الطبيعي، الوقود المفضل لتوليد الكهرباء في المملكة، وبما أن بلادنا كبيرة وشاسعة ونحتاج إلى كميات كبيرة من هذه الطاقة الكهربائية، كما يجب أن نبدأ التفكير في بدائل جديدة في مقدمتها استعمال الطاقة النووية لإنتاج الكهرباء.
هل تعلمون أن هناك أكثر من 400 محطة كهربائية نووية في العالم تنتج نحو 17% من إنتاج العالم من الكهرباء، وأن لدى دولة سلوفينيا محطة واحدة نووية تنتج 40% من الكهرباء فيها. أما فرنسا فلديها 59 محطة كهرباء نووية تنتج 87.5% من كهرباء فرنسا، بجانب تصدير 18% من الإنتاج إلى كل من إيطاليا وهولندا وإنجلترا وألمانيا.
مما سبق يجب أن يكون هناك توجه قوي بإنتاجها محلياً لتغطي جميع مناطق بلادنا المترامية الأطراف، وبدلاً من أن نشتريها مستقبلاً من أحد ونفقد بذلك مواردنا المالية يجب علينا أن ننتجها في بلادنا، نأخذ حاجتنا منها ونصدر جزءاً منها إلى دول الجوار بقية العمر لمن يريد، وبذلك نغطي تكاليف إنشائها وصيانتها، ويصبح لنا دخل جديد، بجانب دخلنا من البترول، هكذا ننمي ثرواتنا، إضافة إلى أننا لن نكون تحت رحمة أحد، حيث تقتضي متطلبات العصر المرتبطة بالحاجات المتزايدة للطاقة البديلة، خصوصاً مع حالة الغموض التي تلف مستقبل الطاقة التقليدية، خاصة أن العالم اتجه مجدداً للاهتمام بالطاقة النووية.
لا أقول فكروا كالدول الكبرى في كيفية توليد الطاقة الكهربائية، لكن فكروا على الأقل مثل تفكير إحدى دول الخليج عندما وقعت مع فرنسا عقداً لإنشاء محطة نووية لإنتاج الطاقة الكهربائية، لا نريد أن نسمع كلمة: الطاقة النووية مكلفة، الطاقة النووية خطرة، حيث سيذكر بعضهم حوادث تشيرنوبل وثري مايل أيلند، فهذه الكلمات لا نسمعها إلا من العاجزين عن التفكير في المستقبل الغامض، كلمة لا نسمعها إلا ممن كان تفكيره لا يتعدى موطئ قدمه ونحن لسنا من هؤلاء ولا أولئك. لا نريد أي دولة، عربيةً كانت أو خليجيةً، تسبقنا في هذا الأمر، نرى صيفنا حاراً، ولا يطاق، والمواطنين مع الصيف الحار يغلون، حتى وصل الأمر إلى أن يسيطر الأمر على خطب الجمعة، كما ذكرت، ويقول المثل: (ما حك جلدك مثل ظفرك)، خاصة أننا وقعنا مع أمريكا معاهدة بشأن مساعدتنا في التقنية النووية، والإمارات وقعت مع فرنسا عقداً لإنشاء محطة كهربائية تعمل بالطاقة النووية.
التخطيط للمستقبل يبين أننا نحتاج ليس إلى محطة كهربائية نووية واحدة، بل نحتاج إلى إنشاء محطة في كل منطقة (خمس على الأقل في الوقت الحاضر)، لنبين للعالم أننا نفكر في المستقبل ونوظف إمكانياتنا لتنمية بلادنا وأننا نفكر التفكير السليم للمستقبل، للأقل لنضمن أمان عدم انقطاع الكهرباء والماء مستقبلاً.
عضو مجلس الشورى