الجزيرة - عبدالرحمن الدخيل:
أعاد أهالي مدينة أشيقر 210كم غرب الرياض الحياة لمدينتهم القديمة، بعدما هجرها أهلها مثل بقية القرى النجدية التي تركها أصحابها مع بداية النهضة العمرانية التي حلت محل المنازل الطينية، تحولت تلك القرية التاريخية (أشيقر) قبل مدة لا تتجاوز 5 سنوات إلى مكان سياحي ومعلم بارز ومقصد للزوار من داخل المملكة وخارجها، يجدون في شوارعها الضيقة مساحة من الزمن لرؤية الماضي والوقوف على كثير من تفاصيل الحياة القديمة. تستقبلك دار التراث التي تضم الكثير من معالم الحياة القديمة من جلسة شعبية إلى متحف يزخر بالقطع الأثرية المتنوعة التي قدما حمد الضويان الباحث في مجال التراث الشعبي والآثار، يتعرف الزوار على أدوات الطبخ القديمة في قسم خاص، كما يجد الزائر تفاصيل لحياة العروس والملابس التي تقتنيها، كما يعيد المتحف للذاكرة جزءاً كبيراً من ملامح الحضارة التي بدأ الناس يتعرفون عليها عندما ظهرت الأطعمة المعلبة والمشروبات الغازية في ركن أطلق عليه (دكان القرية). أما القسم الآخر فقدمه الأهالي ليكتمل هذا المتحف التراثي وتكتمل أجزاء الصورة التاريخية الذي يمتد لأكثر من 50 عاماً. أمام هذه الدار ترى مجموعة من المحال التجارية أو كما تسمى قديماً (السوق) وفيه يمارس القدماء عمليات البيع والشراء، واستطاع الأهالي أن يعيدوا للمكان جزءاً من تاريخيه حيث خصص محل لبيع القطع الأثرية وآخر لبيع التمور، كذلك بقالة صغيرة تبيع المرطبات مصممة بالطريقة القديمة.
تشم رائحة التاريخ قادمة من بين ممرات البلدة ومن بين المنازل التي اكتست باللون البني الذي ارتبط بنوعية البناء وأسلوبه. يأخذك مرشدون سياحيون تستمتع بالحديث معهم عن أبرز معالم القرية في تاريخها القديم فما يملكونه من معلومات تاريخية خاصة بأشيقر لا توجد في بطون أمهات الكتب. فالمؤرخ الشيخ صالح الرزيزاء العنقري ليس مرشداً سياحياً فحسب بل علامة في تاريخ هذه البلدة يقف بك في كل زاوية من زوايا المدينة ويذكر لك تطورها وبعض المواقف التي مرت بها. يصف العنقري أحوال أشيقر منذ قرون طويلة، ينطلق بك إلى أهم الأماكن وهي: بيت الشيخ إبراهيم بن عيسى المؤرخ المشهور، وكذلك مسجد الشيخ سليمان بن علي المشرف جد الشيخ محمد بن عبد الوهاب والذي يقع في سوق المنيخ بالشمال. يذكر العنقري كثير من المواقف التاريخية، ويصف حياة القدماء مع خلوة المسجد، وهي عبارة عن قبو في المسجد يستخدم للصلاة في الشتاء حيث الدفء، تشعر وأنت تتجول في أنحاء المدينة أنك في عالم آخر أو في مشهد سينمائي، فالعناية بالتفاصيل الدقيقة في عمليات الترميم جعلت من المكان تحفة فنية وعلامة بارزة في خارطة السياحة الداخلية. وفي جانب من القرية التقينا بعدد من زوار البلدة الذين أشادوا بهذا المنجز وهذا العمل الذي أصبح جزءاً مهماً ليتعرف الأبناء على حياة الأجداد من خلال مدينة حقيقية، وطالب عدد منهم بأن تلقى التعريف الإعلامي بهذه المدينة وغيرها من المدن، وأن تفعل وتحتضن الفعاليات التراثية، وأضافوا بأنهم يتمنون لو وجد مطعم شعبي يقدم الأكلات الشعبية ويخصص بعض المنازل لتناول الوجبات فيها وكذلك تجهيز بعضها لتكون مقراً يمكن للعائلة أن تجلس وتأخذ قسطاً من الراحة.