Al Jazirah NewsPaper Saturday  27/06/2009 G Issue 13421
السبت 04 رجب 1430   العدد  13421
د. العبد القادر يتحدث لـ(الجزيرة) عن الفترات العصيبة في سوق المال:
لا أؤيد طرح الشركات حديثة التأسيس.. ولهذا السبب لم نواكب تطلعات الإعلام المحلي

 

حاوره - عبد الرحمن السهلي:

أحد المتخصصين د. عبدالله بن حسن العبد القادر عضو مجلس هيئة السوق المالية السابق زار (الجزيرة) مؤخراً والتي بدورها لم تتوانَ في فرصة حضوره لإجراء حديث معه حول أوضاع سوق الأسهم السعودية كأحد العارفين والمطلعين على بواطن الأمور فيها.

وتطرقت (الجزيرة) مع العبد القادر إلى جوانب عدة كان أبرزها الحديث عن تاريخ انهيار سوق الأسهم في 2006م والذي عاصر مرحلته وحول طرح شركات جديدة للاكتتاب اشترط العبد القادر هذا الأمر ببداية العمل والإنتاج وتحقيق الأرباح لأن طرحها قبل هذه الخطوات لا يناسب المستثمرين الصغار، مشيداً في هذا الجانب بتجربة طرح شركة الاتصالات السعودية الذي عقب صدور ثلاث قوائم مالية للشركة، ودعا العبد القادر للاقتداء بهذه التجربة في الاكتتابات القادمة وفيما يتعلق بالبيئة التنظيمية والقانونية لهيئة سوق المال، قال إنها أفضل مما هو متاح في أسواق المال والبورصات الأمريكية وفيما يلي نص حديث العبد القادر:

الهيئة والإعلام:

* كيف تقيم التجربة الإعلامية للهيئة خلال السنوات الخمس الماضية؟

- التجربة الإعلامية للهيئة غير فعالة وذلك لاختلاف التوقعات بين مرسل الرسالة الإعلامية ومستقبلها، فتنظيم الهيئة الذي بني وفق النموذج الأمريكي يمنع رئيس المجلس والأعضاء من تقديم أي تصريح (غير مكتوب) لوسائل الإعلام، وإذا تم إصدار أي تصريح إعلامي فإنه يتم تدقيقه ومراجعته من قِبل قانونيين مختصين، حتى أعضاء المجلس عندما يدعون إلى إلقاء محاضرات أو مشاركة في ندوات علمية تجدهم في بداية حديثهم يؤكدون أن ما يقولونه أو يعرضونه من أفكار إنما تعبر عن وجهة نظرهم الشخصية وليست الرسمية.

وهذه السياسة الإعلامية المتبعة تتعارض مع ما يتوقعه الإعلام المحلي من عقد المؤتمرات صحفية أو الظهور المتكرر في وسائل الإعلام وهذا من وجهة نظري غير مناسب لحساسية وضع الهيئة كمنظم للسوق المالية.

ومع ذلك حرصت الهيئة على التواصل مع الإعلام عبر تبني سياسة قائمة على الشفافية، فكل قرار يصدر عن مجلس الهيئة يتم الإعلان عنه حتى المشاريع والأفكار يتم الإعلان عنها متى ما تم الشروع في دراستها (بمعنى إذا كانت الهيئة تدرس موضوعاً معيناً فإنها لا تنتظر حتى تنتهي هذه الدراسة حتى تعلن)، وكل ذلك بهدف رفع مستوى الشفافية وقطع الطريق على ترويج الإشاعات.

فبراير 2006م

* انهيار فبراير 2006م، تخفيض نسبة التذبذب إلى 5%، تقسيم السوق.. ألغاز محيرة لدى الكثيرين، ماذا بقي منها في ذاكرتك؟

- لا شك أن تلك الفترة كانت عصيبة جداً إذا ما أخذنا في الحسبان حداثة تأسيس الهيئة، حيث كان السوق وقتها (ساخناً جداً) وكان الكثير يردد أن السوق متجه إلى خمسة وثلاثين ألف نقطة، مما يعني أن هناك حريقاً كبيراً سيقع، لذا قرر المجلس خفض نسبة التذبذب إلى 5% لإطفاء الحريق المتوقع، أما بخصوص تقسيم السوق إلى أساس وثانوي فقد تبنى بعض أعضاء مجلس الهيئة هذا التوجه ووصل هذا الموضوع إلى دراسات متقدمة وتم مناقشته في مجلس الهيئة عدة مرات ولكن لم نصل إلى مرحلة التصويت عليه، علماً بأنه قد تم عقد ورش عمل حول هذا الموضوع ودعي لها ذوو الاختصاص والاهتمام وتم النقاش معهم وأخذ مرئياتهم حول ذلك، وتم عمل دراسات كما تم بناء معايير لفرز الشركات على السوقين وتم أيضاً التعاقد مع بورصة لندن للقيام بدراسة مرحلة حول موضوع تقسيم السوق، لكن لم يكن هناك قناعة لدى المجلس بفائدة هذا التوجه، وذلك لسببين: أحدهما أن المضاربة في تلك الأيام قد وصلت إلى الشركات الكبيرة والأساسية في السوق، والسبب الآخر أن عدد الشركات المدرجة في السوق قليل، وبناء على ذلك لم يحسم هذا الموضوع.

الشركات الجديدة

* تم التوسع في إدراج الشركات الجديدة وطرحها في السوق المالية خلال السنوات الثلاث الماضية، هل ترى أن هذا التوجه بحاجة إلى شيءٍ من الترشيد؟

- من وجهة نظري الشخصية أعتقدُ أن المستثمر الصغير يجب ألا يتم تعريضه للشركات حديثة التأسيس والتي لم تبدأ ممارسة نشاطها مثل شركات التأمين والأسمنت، بل يجب أن توضع في سوق آخر أو يؤجل طرحها مدة من الزمن حتى تبدأ بالعمل والإنتاج وتصدر قوائمها المالية حتى ليكون المستثمر على بينة.

وكنت أتمنى أن كل الشركات التي ترى الدولة أهمية طرحها للمواطن من باب توسيع الملكية للمواطنين في هذه المشاريع (وهذا توجه تشكر الدولة عليه) كمشاريع البتروكيماويات والتعدين وغيرها، أن يتم الأخذ بالتجربة التي تمت أثناء طرح شركة الاتصالات السعودية (وأنا كنت عضو مؤسس في مجلس إدارة شركة الاتصالات)، حيث قامت الدولة بعد أن تم اتخاذ قرار التخصيص بتشكيل مجلس إدارة وانتظرت صدور ثلاث قوائم مالية حتى يتم طرح الشركة للاكتتاب العام. إن طرح شركات جديدة لم تبدأ العمل والإنتاج والتي قد تحتاج أحياناً إلى عدة سنوات ولتحقيق الأرباح غير مناسب للمستثمر الصغير.

قوة القانون

* على الرغم من كثرة الأنظمة واللوائح التي أصدرتها الهيئة إلا أن ذلك لم يسد الكثير من الثغرات التي يستغلها المتلاعبون والمخالفون، فتسريب المعلومات والتداول بناء معلومات داخلية وعدم الإفصاح بشكل مناسب مشاكل مستمرة منذ تأسيس الهيئة وحتى الآن؟

- قبل صيف 2004م لم يكن لدينا سوق مالية بل كان هناك لجنة للتداول وان القائمين عليها عاجزون نظاماً عن معاقبة المخالفين، والمشكلة الأكبر من ذلك أن المخالفين من متداولين أو شركات أو أعضاء مجلس إدارة لا يدركون أنهم مخالفون وعموماً الوضع تغير بعد إنشاء الهيئة التي تصدت خلال السنوات الماضية لسوق مالية تعاني مشاكل واختلالات هيكلية متمثلة في:

1- اننا في سوق ناشئ حيث إن عمر الهيئة خمس سنوات.

2- ان السوق المالية تنمو بسرعة من حيث عدد الأسهم المطروحة ومن حيث عدد المتداولين.

3- عدم وجود قطاع مالي داعم ومساند يعول عليه من حيث الأبحاث والتقارير والأشخاص المؤهلون.

4- نوعية المستثمرين وعددهم حيث إن الأفراد يشكلون 95% من المتعاملين داخل السوق.

5- هذا بالإضافة إلى حداثة الجهاز الرقابي المتمثل بالهيئة، ولاشك أن هذه العيوب الهيكلية هي التي تؤدي إلى وجود الثغرات وهي أساس مشاكل السوق وكلهم يدركها ويعمل على تلافيها ولكن مثل هذه الأمور تحتاج إلى وقت حتى نصل إلى سوق منظم تكون نسبة التذبذب فيه معقولة، وفي اعتقادي الشخصي أن الهيئة تسير في الطريق الصحيح وتحاول جاهدة التغلب على هذه العقبات.

فالقوة القانونية والنظامية التي تملكها هيئة السوق المالية في المملكة أفضل مما هو متوفر لهيئة التداول والأوراق المالية الأمريكية.

مجلس السوق المالية

* ما الهدف من وجود مجلس يضم أعضاء متفرغين لإدارة هيئة السوق المالية؟

- كان من أبرز تحديات التأسيس هو اختيار الشكل الإداري والتنظيمي المناسب الذي يكفل للهيئة ممارسة أعمالها بكفاءة عالية، وتم استعراض مجموعة من النماذج والتجارب الدولية في إدارة أسواق المال وتم اختيار النموذج الأمريكي حيث يتم إدارة السوق عبر مجلس إدارة بأعضاء متفرغين، وذلك بهدف خلق قرار جماعي يشمل مختلف الأطياف المالية والاقتصادية، والاستثمارية، وهذا التوجه هو الذي تم أخذه عند تأسيس الهيئة وهو أول مجلس يتم تشكيله على مستوى المنطقة.

شركات البنوك والوسطاء.

* كيف يمكن تحقيق العدالة في سوق الوساطة المالية بين شركات الوساطة التابعة للبنوك ووسطاء التداول الجدد خصوصاً بعد انسحاب عدد منهم بسبب غياب الفرص المتكافئة؟

- أعتقد أن عدد الوسطاء المرخصين أكثر من مئة جهة، والهيئة يجب أن يكون لها دور فعال في تحقيق العدالة بين الوسطاء وجعل الفرص بينهم متكافئة، لذا اشترطت الهيئة على البنوك فصل نشاط التداول عن الأنشطة المصرفية الأخرى في شركات مستقلة، والجوانب النظامية والنصوص القانونية كفلت عدالة التنافس في هذا القطاع ويتم مراقبة الالتزام بذلك من قِبل إدارة التفتيش على الأشخاص المرخص لهم. لكن علينا أن نُدرك أن كبر حجم شركات الوساطة التابعة للبنوك وحجم انتشارها الجغرافي في مناطق المملكة يساعدها على استقطاب عدد أكبر من العملاء، وهذه القدرات التنافسية (الانتشار الجغرافي، رأس المال الكبير) هي عوامل سوقية، ولكن من المهم التركيز على الميزة التنافسية التي يقدمها هذا الوسيط دون غيره وبذلك يستطيع أن يتميز ويستقطب عملاء جدداً ويرفع حصته في السوق.

الحوكمة

* هناك من ينادي بين وقت وآخر بضرورة تطبيق الهيئة للائحة الحوكمة إلزامياً على جميع الشركات المدرجة، إلى أي درجة وصلنا في تطبيقات الحوكمة؟

- تطبيق الحوكمة بالشكل المطلوب لن يتأتى نظاماً لأنها تعتمد على قناعة طرفين أساسين هما مجلس إدارة الشركة (الذي يمثل الملاك) وإدارة الشركة، فالحوكمة تقوم على ثلاثة أمور أساسية:

1- وجود الإطار القانوني المتمثل في هيئة السوق المالية وأنظمتها.

2- الملاك الذين ينتخبون مجلس إدارة يمثلهم ويطالب بوجود إدارة رشيدة لشركتهم.

3- الإدارة.

ففي عام 2005م ومع بداية دراسة لائحة الحوكمة تم استطلاع آراء ذوي الاهتمام مثل هيئة المحاسبين ومكاتب المحاماة وتم وضع مشروع اللائحة على موقع الهيئة وبعد رصد الآراء كنا أمام خيارين إما اتباع النموذج الأمريكي المتمثل في قانون (سيربنز واوكسلي) المفصل والملزم وإما النموذج البريطاني الاسترشادي ورأينا أن يتم الاسترشاد بها لأن هناك بنوداً في الحوكمة لا تناسب أن تكون إلزامية وصدرت اللائحة في نهاية 2006م وطبقتها الشركات المدرجة على تقارير مجلس الإدارة لعام 2007م وقمنا في الهيئة بدراسة هذه التقارير ومخاطبة الشركات لبيان أوجه القصور لديها وكذلك الحال مع تقارير عام 2008م حيث إن لدى الهيئة إدارة مختصة للحوكمة.

والذي أحب أن أبنيه أن نظام الشركات السعودية الصادر عام 1985م كفل للمساهمين حقوقاً سامية غير مطبقة في الأنظمة الأوروبية والأمريكية مثل أن كل سهم واحد يقابله صوت واحد وهذه الممارسة التي تنادي بها الحوكمة.

الأزمة المالية العالمية

* برأيكم ما أسباب الأزمة المالية العالمية وما حجم تداعياتها على سوق المال في المملكة تحديداً؟

- من المعروف أن من أهم الأسباب التي أدت إلى هذه الأزمة هو ضعف جانب إدارة المخاطر في بعض الشركات والبنوك العالمية، حيث سعت إدارات الشركات نحو مخاطر كبيرة وذلك للحصول على حوافز مالية كبيرة نهاية العام، ويمكن القول إن من أحد الأسباب التي أدت إلى ذلك عدم تطبيق الحوكمة، وهناك اتجاه حديث يسمى (GRC) والذي يعني (الحوكمة، إدارة المخاطر، الالتزام) وأتمنى من إدارات الشركات ومجالس إدارتها أن يهتموا بتطبيقه لكي يحموا استثماراتهم من الأخطار.

أما فيما يختص بأثر الأزمة في المملكة فبلدنا والحمد لله ينعم بإدارة اقتصادية ونقدية حكيمة ساعدت على تجنبنا ويلات ومشاكل هذه الأزمة التي تعصف باقتصاديات العالم وفي اعتقادي أن أي نزول في أسعار الشركات المدرجة وفقاً لمعطيات ومؤثرات اقتصادية شيء طبيعي ومنطقي فمثلاً نزول أسعار شركات البتروكيماويات نتيجة نزول أسعار المنتجات البتروكيماوية على مستوى العالم يعد أمراً منطقياً.

عضو محترف

* مجالس إدارات كثير من الشركات المساهمة لا تقوم بالدور المنوط بها وأصبحت العضوية في هذه المجالس شرفية فقط.. فما العلاج لمثل هذه المشكلة؟

- حقيقة أنا أشفق على عضو مجلس الإدارة الذي يمكن أن يوصف بأنه (إمعة) فليس له رأي أو مشاركة ونسى أن عليه مسؤولية قانونية كبيرة والتزام أخلاقي كبير.

وأتمنى أن يأتي اليوم الذي يكون لدينا وفي شركاتنا عضو مجلس إدارة محترف كما هو الحال في أوروبا، حيث يكون وظيفة هذا الشخص (عضو مجلس إدارة) في شركتين أو ثلاث فقط ويصرف عليها جل وقته. وأرى أن التصويت التراكمي (استخدام الصوت لمرة واحدة) والذي يواجه معارضة كبيرة من أعضاء مجالس الإدارة الحاليين سيحد بشكل كبير من سيطرة التكتلات على مجالس الإدارات وسيخلق نوعاً من العدالة بين المساهمين.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد