موفد (الجزيرة) - عبدالله الباتلي:
للوهلة الأولى قد يمر اسم تركمانستان غريباً وغير معروف ولا غرو فهي دولة هادئة ليس لها ما لغيرها من دول العالم الأخرى من أنشطة سياسية أو سياحية تجعل اسمها يتصدر عناوين الصحف العالمية، فهي دولة كنفوس أهلها؛ هادئة مطمئنة أو بالأحرى منغلقة.
مدينة المحبين (عشق آباد) المدينة الهادئة الساحرة فإلى جانب روعة المباني وفتنة الشوارع هدوءاً غير معتاد رغم أن الساعة لم تتجاوز العاشرة مساءً والسبب كون الشعب التركماني شعب يقدس العمل ولذلك فإن الجميع يخلد إلى النوم مبكراً وتقفل جميع الدكاكين والأسواق مع دقات لساعات معلنة دلوف العاشرة مساءً ليستعدوا إلى يوم العمل الآتي.
ولا تختلف روعة مدينة المحبين عن (أفازا) المدينة الساحرة الواقعة على شواطئ بحر قزوين والتي تصدرت أخبار افتتاح مشروعاتها السياحية عناوين الصحف المحلية والعالمية خلال الأسبوع الماضي خصوصاً مع وجود وفود دبلوماسية رسمية من دول الجوار اصطفت بانتظار رئيس الجمهورية قربان قولي بيردي محمدوف الذي افتتح المشروعات وسط احتفالات سلبت ألباب كل الحاضرين، واستمرت الاحتفالات 3 أيام متواصلة تخللتها مجموعة من العروض المحلية الممتعة إلى جانب احتفالات موسيقية عالمية شارك فيها نجوم الفن من عدة دول مجاورة، وتنقلت الاحتفالات بين الفنادق الرائعة التي تضمنها المشروع لتكون ثلاثة أيام من المتعة الخالصة تنقلنا خلالها بين الفنادق الثلاثة المطلة على شواطئ بحر قزوين الشاعرية.
ولم تتمكن الوفود الزائرة من إظهار إعجابها الكامل بما رأته من مستقبل مزهر للسياحة في مدينة أفازا الساحلية خصوصاً مع المشروعات ذات الميزانيات الضخمة التي تم توقيعها من قبل الحكومة التركمانية مع شركات عريقة لتنفيذ رؤى الدولة فيما تراه مستقبل البلاد سعياً نحو زيادة الموارد وتوفير فرص عمل أكثر للشعب التركماني.
ويقول القائم بأعمال السفارة السعودية في العاصمة التركمانية عشق آباد الأستاذ سليمان بن داود الدرويش: إن تركمانستان خلال السنتين الماضيتين وخلال عهد الرئيس الحالي قربان محمدوف قفزت قفزات هائلة نحو الانفتاح على العالم الخارجي على عكس ما كانت عليه سابقاً، ما أغرى المستثمرين المحليين والأجانب بالولوج بكل قوة نحو سوق السياحة النامية في الجمهورية. وبين أن البلد وحتى فترة قريبة كان منغلقاً يعاني آثار الحكم الشيوعي السابق إبان الاتحاد السوفييتي ومازالت الجمهورية دون سياحة تذكر، إلا أنها الآن من تعاقدات ومشروعات تعد بمستقبل زاهر، لافتاً إلى أن الشعب التركماني بحاجة لفتح أبواب السياحة أكثر ليكون اندماجه مع العالم الخارجي أكثر سرعة كما أنه سيتضمن دخول موارد أخرى للدولة وأفراد شعبها وتوفير فرص وظيفية كثيرة جداً مقارنة بعدد نسمات البلاد القليل.
وأشار الدريويش أن البلاد لديها مقومات رائعة لجلب السياح من كل أرجاء العالم؛ فموقعها الجغرافي وكون جزئها الغربي مطل على بحر قزوين يجعل أجواءها في فصل الربيع وبدايات فصل الصيف مهيأة تماماً لجعل إجازة أي سائح ذكرى لن تمحى من ذاكرته.
(أفازا) عاشقة قزوين
إنشاء صناعة ترفيهية قوية لتركمانستان هي واحدة من الأولويات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية العامة للدولة حيث تتوافر في البلاد كل المقومات اللازمة لذلك مثل المدن العصرية الجميلة والمعالم التاريخية والثقافية، وتنوع المناظر الطبيعية والمناخية.
الهدف الرئيس لإستراتيجية التنمية السياحية هو خلق كوادر عالية الأداء وزيادة القدرة التنافسية للسياحة مع تطوير البنية التحتية لتكون قادرة على تلبية حاجة المواطنين والسياح الأجانب والمساهمة في تنمية الاقتصاد بواسطة الضرائب، والعملات الأجنبية، وزيادة القوى العاملة والحفاظ على التراث الثقافي والطبيعي في البلاد.
كما تتمتع المناطق التركمانية المطلة على بحر قزوين بإمكانيات سياحية كبيرة؛ فتتوافر الكثير من المنتجعات الصحية ووسائل السياحة المتطورة، نتيجة اعتدال المناخ وتوافر المصادر المعدنية والطين والشواطئ الرملية الذهبية بالإضافة إلى التنوع الحيوي الفريد في المياه.
في يونيو 2007 تم عقد المعرض الوطني للسياحة في منطقة أفازا وقد أصبح حدثا مهماً في البلاد حيث يعد بمثابة نهج جديد نحو استخدام فعال للموارد الطبيعية والطاقات الاقتصادية للبلد ويقوم على تفعيل دور الاستثمارات الأجنبية في صناعة السياحة والترفيه مما يعني تطوير الظروف المعيشية لسكان البلاد وهو هدف رئيس من أهداف السياسة الاجتماعية لتركمانستان.
في هذا الإطار تم بناء منطقة سياحية دولية موحدة على بعد 16 كم من خط الساحل مع الاستفادة من تجربة العديد من البلدان والمدن في مجال إنشاء المناطق الاقتصادية الحرة وتحفيز تدفق رأس المال الأجنبي، وتطوير الأراضي لتحقيق رفاهية البلاد، والمراكز التجارية بواسطة الشركات الأجنبية والوطنية مع توافر كل ما يلزم من حماية البيئة والمتطلبات التي يجب توفرها في البناء وتخصيص وتشغيل هذه المشروعات. وقد ساعد وجود الاتصالات ووسائل النقل بين المدن، مثل الموانئ والمطارات والطرق السريعة والسكك الحديدية ومنها بناء خط سكة حديد جديدة يبن الشمال والجنوب على فتح آفاق واسعة لتنمية السياحة في منطقة بحر قزوين.
وقد شهدت السياحة الوطنية في منطقة أفازا تطوراً كبيراً حيث زاد عدد السياح الأجانب مع زيادة مناطق الترفيه الشهيرة دولياً التي تتمتع بوجود المنتجعات الصحية وينابيع المياه المعدنية والطين والرعاية الصحية.
وفي نفس الصدد يقع منتجع (مولاكارا) على بعد نحو ساعة من منطقة (أفازا) ويتوفر فيه العلاج الطبيعي من بحيرة مالحة، وغير ذلك من أنواع المعالجة المائية الأخرى للأشخاص الذين يعانون من الأمراض، ومن المتوقع بعد الانتهاء من هذا المشروع أن يشكل إضافة كبيرة لهذه المنطقة.
****
تركمانستان في سطور
تركمانستان إحدى جمهوريات آسيا الوسطى تمكنت من الاستقلال عن الاتحاد السوفييتي بعد انهياره ويشكل المسلمون النسبة الأكبر من سكان هذه الجمهورية، ودخل الإسلام تركمانستان في أواخر القرن الهجري الأول، وذلك خلال الحملات التي قادها الإمام المسلم قتيبة بن مسلم الباهلي، في عهد الخليفة الأموي الوليد بن عبدالملك، حيث دخلت قبائل التركمان الإسلام راغبين فيه قبل غيرهم من قبائل المنطقة، وصاروا دعاة إلى الله عز وجل، حتى قيل إن كلمة (تركمان) تحريف لكلمة ترجمان، والمقصود بها أولئك الذين أسلموا من أهل تركستان وتعلموا العربية، ثم صاروا يترجمون معاني الإسلام للشعوب التركستانية من أجل دعوتهم وتعريفهم بالإسلام. وتبلغ نسبة المسلمين نحو 90% والبقية الباقية مسيحيون أرثوذكس وبعض الديانات الأخرى.
واستولى الروس على القسم الأكبر من بلاد التركمان إثر الحرب التركمانية الروسية عام 1880، ودخل الشيوعيون العاصمة بعد مقاومة ضارية من سكانها المسلمين، وضمها الروس للاتحاد السوفييتي السابق عام 1942
واستقلت تركمانستان عن الاتحاد السوفييتي عام 1991، وأقر دستور البلاد في مايو 1992، ورئيس الجمهورية الحالي هو قربان قولي بيردي محمدوف، وتم انتخابه في 14 فبراير عام 2007
وتقع تركمانستان في الجنوب الغربي لآسيا الوسطى، وعاصمتها هي عشق آباد أي (مدينة الحب)، يحدها من الشمال والشرق أوزبكستان وكازاخستان، ومن الغرب بحر قزوين، ومن الجنوب إيران، ومن الجنوب الشرقي أفغانستان. تبلغ مساحتها 488.100 كلم2، ويبلغ عدد سكانها 5.000.000 نسمة تقريباً وفق آخر إحصاء. وبالنسبة للتعليم فإن 98.8% من السكان يعرفون القراءة والكتابة. ويتحدث أهلها اللغات التركمانية (اللغة الرسمية) والروسية (اللغة الأكثر شيوعاً) والأوزبكية بشكل أقل، وتتكون البلاد من خمس ولايات رئيسة هي: ولاية أخال التي تضم عاصمة البلاد عشق آباد، وولاية بلقان الساحلية التي تضم إقليم تركمانباشي الذي يحوي مشروعات أفازا الرائعة، وولاية ماري وولاية ليباب الشرقيتين، وولاية داشوأوغوز الشمالية.