الأمير الوليد بن طلال شخصية عالمية بكل ما تعني الكلمة من معنى.. فإضافة إلى كونه مستثمرا عالميا في قطاعات مختلفة فهو شخصية وطنية تسعى إلى ضخ الخبرة العالمية في المؤسسات والمجتمع السعودي..
ولاشك أن الأمير الوليد هو شخصية إعلامية، فنعرف أن كثيرا من الوفود الإعلامية التي تأتي إلى المملكة تتطلع إلى لقاء سموه والحديث معه، وربما أخذ حوارات خاصة.. وقد تسلم الأمير الأسبوع الماضي جائزة أبرز شخصية تلفزيونية في العالم العربي - إلى جانب جوائز أخرى نالها سموه - باعتباره رئيس مجلس إدارة شركة روتانا القابضة.. وقد كانت الجائزة مقدمة من هيئة المديرين لملتقى الإعلاميين الشباب العرب..
والأمير الوليد هو صاحب مبادرات وطنية كبيرة، وهو من أشد السعوديين حرصا على خدمة وطنه، ودليل ذلك أن نسبة كبيرة من استثماراته هي داخل الوطن، ويستفيد منها أبناء هذا الوطن.. وأعماله الإنسانية كثيرة ومنتشرة في كل مناطق المملكة، ولديه رغبة مستمرة في تبني أي مبادرة من المبادرات الوطنية التي يستفيد منها المجتمع السعودي أو المجتمع العربي.. وباعتبار اهتمامات سموه الإعلامية، فإنني أطرح على سموه من هذا المنبر الإعلامي مقترح الاهتمام بمبادرة وطنية في الإعلام، وقد اقترح أن يكون توجه سموه نحو الجامعات السعودية، بأن يؤسس فيها كرسي بحث متميز، أو مركز تميز إعلامي، أو حتى تأسيس كلية إعلام، أو تحويل أحد أقسام الإعلام الحالية إلى كلية إعلام واتصال، تكون على أحدث المستويات التقنية ويتوفر لها أفضل الكوادر العالمية والعربية المتميزة في مجال الإعلام..
وقد نجحت جامعة الملك سعود بقيادة معالي مديرها الدكتور عبدالله العثمان في استضافة أكثر من ثمانين كرسيا في مختلف التخصصات، وتستضيف الجامعة عددا من مراكز التميز، وللجامعة علاقات وثيقة مع مؤسسات وجامعات عالمية.. ففي ظل هذه البيئة الجامعية المناسبة، يمكن أن تستضيف جامعة الملك سعود - أو أي جامعة سعودية أخرى - إحدى مبادرات سمو الأمير الوليد بن طلال في المجال الإعلامي..
الإعلام هو أداة محورية في المجتمع، وله تأثيراته على المجتمع.. ولاشك كذلك أن أقسام وكليات الإعلام هي المولد الطبيعي للكوادر الإعلامية التي تضخ بها في مؤسسات الإعلام الوطني، ويحتاج المجتمع إلى وجود مؤسسة إعلامية شاملة أو مركز إعلامي متميز أو كرسي بحثي دولي للعمل على توظيف المعارف والعلوم والمهارات المهنية المتقدمة في البيئة السعودية.. صحيح أن الجامعات - ومنها جامعة الملك سعود في المقدمة - تبذل جهودا كبيرة على تطوير برامجها العلمية والتخصصية لتواكب سوق العمل المتغير.. ولكنها تحتاج إلى أيادي القطاع الخاص لتساند هذه البرامج وتساهم في نهضتها العلمية والتطبيقية.. ولهذا فإن مبادرة من سمو الأمير الوليد في دعم العمل الأكاديمي في جامعة الملك سعود أو أي جامعة أخرى ستجد التقدير الكبير من منسوبي الأسرة الإعلامية السعودية.
شخصية الأمير الوليد بن طلال هي شخصية عالمية، وهو يعرف كيف يمكن له أن يتقدم بمشروع وطني كبير في مجال الإعلام، يسهم في توظيف أفضل الخبرات والمعارف العالمية في دعم الجامعات والمؤسسات السعودية. ولاشك أن الاستثمار في تنمية وتطوير الجيل الإعلامي الحالي - جيل المستقبل - هو هدف محوري لتطوير أدوات إعلامنا الوطني والعربي.. وما طرحته من مقترحات يمكن أن تشكل مجتمعة أو منفردة مبادرة كبيرة يدخل بها الأمير الوليد في دائرة الإعلام الأكاديمي، ويُدخل هو الإعلام الأكاديمي في الدائرة العالمية. والإعلام الأكاديمي في المملكة متقدم في جوانب ولكنه يحتاج إلى وقفات نوعية في بناء وإعادة هيكلة للتخصصات الإعلامية. كما أن غياب الخبراء العالميين والشخصيات الإعلامية الدولية يأتي في سلم الاهتمامات التطويرية لهذه الكليات والأقسام. وقد ساهمت بعض المؤسسات الإعلامية مثل صحيفة الجزيرة في دعم الكراسي البحثية في جامعة الملك سعود وفي غيرها من الجامعات، ولكن الحاجة مستمرة لدعم شخصيات ومؤسسات أخرى للعمل الأكاديمي في جامعة الملك سعود، باعتبارها الجامعة الأم، وباعتبار قسم الإعلام القسم الرائد بين كليات وأقسام الإعلام في المملكة ومنطقة الخليج العربي، والذي يقترب من أربعين عاما منذ تأسيسه..
خطت جامعة الملك سعود خطوات ريادية في فتح التعاون والشراكات بين الجامعة وبين المؤسسات والشركات والقطاعات الحكومية والخاصة. وعندما خطت الجامعة مثل هذه الخطوة التي كنا نفتقدها سارعت المؤسسات والشركات في دعم الجامعة والدخول معها بشراكات إستراتيجية مهمة، ساهمت في الارتقاء بالجامعة إلى آفاق نوعية، ومكانة دولية مرموقة.. وما نتطلع إليه في جامعة الملك سعود أو في الجامعات السعودية الأخرى هو أن يساهم الأمير الوليد بن طلال في دعم هذا التوجه، وبخاصة أن سموه يستثمر كثيرا في المجال الإعلامي الدولي، إضافة إلى غير ذلك من مجالات الاستثمار في قطاعات تنموية متعددة, ونأمل أن نسمع من سموه مبادرة وطنية كبيرة في مجال الإعلام، تكون كليات وأقسام الإعلام أحدها، أو تكون جامعة الملك سعود مركزها بحكم ريادتها بقسم الإعلام.. وباعتبار أن البيئة الجامعية في جامعة الملك سعود مناسبة لاستيعاب أي مبادرات مهمة تأتي لتضيف إلى الإنجازات الأخرى التي تحققت في هذه الجامعة.
مشرف كرسي صحيفة الجزيرة للصحافة الدولية وأستاذ الإعلام المشارك بجامعة الملك سعود
ni@ksu.edu.sa