تُعتبر مرحلة إنكار الأزمات أحد الحلول التي تتبعها الجهات المعنية للسيطرة عليها.. وبالرغم من تفاقم الأزمة المالية عالمياً وأسلوب الاعتراف بها الذي اتبعته الدول الكبرى المعنية موطن الأزمة إلا أن دول الشرق الأوسط لم تعترف بأثر الأزمة عليها بقدر ما حاولت استخدام أسلوب الإنكار للخروج منها وتقليل آثارها.
ومنذ أشهر قليلة بدأت التعاطي مع الأزمة من منطلق أنها حمت نفسها منها ووضعت جداراً حديدياً حول نظامها المصرفي واتخذت خطوات اقتصادية على الشقين المالي والنقدي لإعطاء مزيد من الثقة لما تصرح به من إنكار لأثر الأزمة عليها كرفع مستويات الإنفاق الحكومي وضخ الأموال بالمصارف وتخفيض أسعار الفائدة ودعم الصناديق الحكومية لمواجهة شح الائتمان حتى تدعم مشاريع الشركات عموماً كبيرها وصغيرها بعدة أساليب.. ولكن مع استقرار الأوضاع الاقتصادية عند مستوياتها المتدنية من التراجع ووضوح أثر الأزمة على الاستثمارات التي تمتلكها مجاميع بيوت المال ورجال الأعمال بخلاف الاستثمارات الحكومية عبر الصناديق السيادية بدا يظهر أثر الأزمة واضحاً من خلال سلسلة التعثرات المالية وكذلك انكشاف بنوك خليجية على تلك المجموعات أيضاً ظهر تأجيل أو إلغاء لمشاريع ببعض الدول.. كذلك أُلغي العديد من المشاريع للقطاع الخاص حسب ما أعلنت بعض الشركات الإماراتية وقيمها بالمليارات. ومع ذلك ما زالت التصريحات مستمرة حول إنكار أثر الأزمة كأسلوب لمعالجتها.. ولكن إذا فشل هذا النهج ما الذي ستتبعه الدول مجدداً؟.. هل ستذهب إلى كبت الأزمة بمعنى تأجيل الإفصاح عنها بمعنى هدمها تماماً كأسلوب يتبع لمعالجتها حتى تكون الأوضاع قد تم السيطرة عليها مع دفن آثار الأزمة كلياً.. أم سنرى إفراغاً لها أو تنفيساً أو تقليلاً من شأنها كتصريحات قد تصدر لاحقاً لإبقاء الصورة النمطية حول آثار الأزمة عند حدود ما تم إفصاحه للعلن منذ نشوبها.
الحقيقة أن كل هذه المبادئ المتعارف عليها تفيد في إيجاد المخارج للازمة ولكنها تبقى موجودة بواقعها وآثارها ستطال العديد وستطفو على السطح الكثير من المعلومات تباعاً حول خسائر كبيرة تحققت للكثير من الشركات ورجال الأعمال وحتى الاستثمارات الحكومية.. ولكن يبقى طريقة العلاج أياً كانت يجب أن تبقى نهجاً ثابتاً لا يتغير حتى لا تنعكس النتائج بأكثر من حجمها.. فإذا كانت دول الشرق الأوسط عموماً اعتبرت أسلوب الإنكار منهجاً فيجب أن تستمر عليه وتتعامل مع التطورات القادمة بحسب الخطط المتبعة بمثل هذه الحالات وأن لا يتم استخدام سياسة التجريب كمنهج بمعنى إن فشلت خطة نذهب إلى نقيضها فتضيع فرص الحلول ويهدر الوقت بدون تحقيق النتائج التي يطمح لها في مثل هذه الظروف الاقتصادية العصيبة.
mfaangari@yahoo.com