Al Jazirah NewsPaper Thursday  25/06/2009 G Issue 13419
الخميس 02 رجب 1430   العدد  13419
اعتبروها مسيئة لصورة المملكة أكثر من أحداث 11 سبتمبر.. والمزيني يفند:
رواية (إكليل الخلاص) تثير زوبعة وحفيظة نقاد مقهى أدبي الشرقية

 

الدمام - خالد المرشود

انتقد مجموعة من حضور المقهى الثقافي في نادي المنطقة الشرقية الأدبي رواية (إكليل الخلاص) للكاتب محمد المزيني متهمين الرواية بالإخلال بالحبكة وعدم البناء الجيد للشخصيات والمعالجة الخاطئة لموضوع الجنس إلى درجة تصنيفها ضمن روايات وصفها بعضهم بالمسيئة لصورة المملكة أكثر من أحداث 11 سبتمبر، ما أثار حفيظة الروائي الذي وصف تعليقات الحضور بالمرتجلة كما وصف الحضور بالقراء المتراخين والغير مختصين الذين لم يعرفوا حتى ثيمة الرواية.

ولمّح القاص عبدالله الوصالي إلى تعجّل الكاتب في كتابة الرواية بالرغم من أنه لم يجد نفسه في القصة القصيرة التي قال أنها تعلم الكاتب كيفية اختيار الألفاظ، وأضاف مستغرباً (لكنه أستطاع أن يكتب خلال الخمس سنوات ستة روايات وهو الرقم الذي لم يسجله كاتب سعودي آخر).

ووصف الوصالي شخصيات الرواية بالشخصيات الشهوانية، وقال أنّ الرواية احتوت على لغط في عمر الشخصيات، وانتقد استمرار سرد الرواية بلسان الراوي العليم ثم الاتجاه فجأة إلى ما وصفه ب(دور الخطيب) الذي يخاطب القارئ بشكل مباشر.

وتحدث الوصالي عن عسر في لغة الرواية يجعل المعنى غريبا في بعض المواضع، وختم الوصالي قائلاً أنه يخشى أن يكون أثر بعض الروائيين السعوديين أكثر سوءاً على صورة السعوديين من ضرر أحداث 11 سبتمبر، مضيفاً أنه لا يعترض على وجود الجنس في الرواية بل على الطريقة التي وظف بها.

وتساءل الناقد احمد سماحه عن إمكانية كون الجنس هو الخلاص المقصود في عنوان الرواية. وأضاف أنّ الكاتب قدّم من خلال الرواية ما أسماه ب(السيرة المجتمعية) عبر مجموعة من الأشخاص لم يكن لهم حاضن مكاني واحد. وأضاف أنّ المكان والمدن لم تكن لها شخصية واضحة في الرواية إلا أنه أثنى على الوصف المشهدي الملفت للنظر بلغته الشعرية.

وأشار سماحه إلى وجود خلل في زمنية الرواية في حين أنّ الراوي عليم إلى درجة كبيرة ما يجعله مساءلاً عن الفروقات والخلل، واختتم بالإشارة إلى الضعف فيما أسماه (بناء الشخصيات) موضحاً أنّ شخصية (مليكه) لو حذفت لما حصل تأثرت الرواية.

وقدم الروائي هشام آدم ورقة نقدية عبر عدة محاور أساسية أولها اللغة التي ذكر أنها لغة ثرة وغنية بالمفردات الجديدة وأشاد بمتانة اللغة واستقائها بمن اللغة القرآنية مؤكداً خروجه بحصيلة لغوية جيدة من خلال قراءته للرواية.

وكشف آدم عن تكرار مفردة (جسد) بجميع اشتقاقاتها (232) مرة، وقال أن الكاتب نادراً ما يستعيض عنها بكلمات مقابلة لها مثل (أبدان)، ورصد تأثر الكاتب بالتعابير القرآنية، واستخدامه غريب اللغة أو (المفردات غير المستخدمة بكثرة) إلا أنه أشار إلى وجود بعض الأخطاء الإملائية والنحوية، ورصد استخدام العامية في الرواية في عدد من صفحاتها.

وفي المحور الثاني (الشخصيات) التي وصفها بال(بانوراما)؛ قال آدم أن الرواية احتوت شخصيات غير محورية كثيرة، وأسهب الكاتب في نقل تفاصيلها وهي لا تخدم النص مثل شخصية (ملكية المغربية) وتفاصيل حياة (هيلة) و(نعمة) أخوات (فاطمة) وأشار إلى وجود جنسيات كثيرة في النص (سعودية - عراقية - إيرانية - مغربية - باكستانية - بنغلادشية)، وقال أن الشخصيات المحورية كلها بلا استثناء تمثل اللامنتمي.

وفي المحور الثالث (الخيال) قال آدم إن الخيال في الرواية عالي الخصوبة مستشهداً بعدد من الصفحات ومختلفاً مع سماحة الذي وصف الرواية بالشاعرية مؤكداً على أنها تعبّر عن الخيال أكثر من تعبيرها عن الشاعرية.

وفي المحور الرابع، (الحبكة)، قال آدم أن الكاتب استخدم أسلوب الراوي الحكيم، منتقداً إقحام الراوي نفسه بطريقة مستفزة في كثير من الأحيان. معتبراً أنّ الحبكة هي تسلسل الأحداث بطريقة منطقية، مشيراً إلى وجود مشاكل أساسية في الحبكة (جمل غير منطقية - جمل دخيلة - جمل متناقضة) إضافة إلى الجمل التقريرية والقيمية التي يتبّرع بتقديمها الراوي ليحجر على القارئ حسب مفاهيمه هو، خالصاً إلى القول بأن هذا ما يجعله يقول بأن هذا النص هو حكاية وليس رواية، مبرراً ذلك بأن قارئ الحكاية يخرج من الحكاية بجمل وعظية تقريرية عن القيم التي يحاول الراوي إيصالها، بينما الرواية لا تحمل أيّ تقارير قيمية، بل تسرد الظواهر والوقائع كما هي وتترك للقارئ حرية قياس هذه الظواهر بمعاييره الأخلاقية والقيمية الخاصة، مردفاً بعدد من الجمل التقريرية التي وردت على لسان الراوي.

واكتفى محمد الرشيد بقوله: أن الكاتب فشل في تسجيل العواطف الشخصية وانعكاساتها في الواقع، مضيفاً أن الشهوانية في الرواية غير معقولة ولا مبررة.

وقال إبراهيم السماعيل إن الرواية تعبّر عن زمن يعيشه الشباب لم يعشه هو في شبابه حين كانت العلاقة بالمرأة طبيعية وبعيدة عن الكبت، الرأي الذي أيده القاص زكريا العبّاد الذي رأى أن الرواية ضمن مجموعة من الروايات التي تعبر عن إفرازات مرضية ناشئة عن كبت متولد من علاقة غير طبيعية بالمرأة يتضخّم فيها المحرم والممنوع مضيفاً بأن المثقفين والكتاب ليسوا بمنأى عن تأثيرات هذه الظروف التي تضغط على جيل الشباب.

من جهته انتقد الروائي محمد المزيني النقاش الدائر في المقهى واصفاً تعليقات الحضور ب(مجرد اجتهادات لا ترقى إلى مستوى النقد الأكاديمي المطلوب إلا أنها تحرك ساكنا يشكرون عليه).

وأضاف (كتبت القصة القصيرة في وقت مبكر ونشر منها في عدد من الصحف ولدي حاليا ثلاث مجموعات قصصية رهينة الأدراج ولكنني لا أريد الاشتعال بأكثر من فن في وقت واحد).

وامتدح المزيني رواياته في معرض رده على من انتقد إكثاره كتابة الروايات قائلاً أن واحدة منها درست مرتين للماجستير والدكتوراه في جامعتين فرنسيتين مختلفتين، مضيفاً أن روايته (عرق بلدي) حققت مكانة الأعلى مبيعاً لأكثر من مرة. وأضاف أنّ لديه مشاريع أخرى أجلها لوقتها، وأنه يختلف عن بعض المبدعين في أنه مخلص لمشروعه الذي (لا يهدف من ورائه الارتزاق أو الشهرة).

وقال أنه تمنى لو تضمنت جلسة المقهى متخصصا في النقد يسهم في إلقاء الضوء على ثيمة الرواية التي لم يتطرق إليها المنتدون، مؤكداً غياب الحديث عن تقنية الرواية السردية الحديثة التي اتضح له أن المجتمعين لا يعرفونها جيدا مكتفين ببعض الملاحظات الانطباعية واللغوية وحتى هذه لم يوفقوا في اقتناصها جيدا لأنها كانت تدخل في نطاق اللغة المحكية التي يجوز لنا فيها استخدام حتى العامية.

وفيما يخص الجنس الذي تساءل عنه سماحة وآخرون، قال المزيني أن هذا يكشف أنه لم يقرأ الرواية مكتفيا بالتقاط المثالب من أفواه الآخرين، مضيفاً (لو جمعنا العبارات الجنسية في الرواية فلن تتجاوز الصفحة الواحدة، ولكل لحظة منه مبرره الخاص، معتبراً الأمر طبيعياً لكون الجنس يشكل ثلاثة أرباع حياة البشر ويستحق العناية القمينة به على حدّ قوله.

وأكد المزيني على أنّ تقنية الرواية السردية وشخصياتها وأزمنتها التي خلط فيها منتقدو الرواية لا تخلو من وعورة، ووصف استخدامه هذه التقنية السردية بالمغامرة التي دفعه إليها ثقته بقدرة المتلقي على استيعابها، بالرغم من أنها تحتاج إلى قدر من التركيز والمتابعة بلا استرخاء.

وأوضح أنّ هذه التقنية السردية تقوم على مجموعة من الحبكات فهي ليست واحدة, ما دفع المنتدون إلى التساؤل وأن يشكل عليهم الزمن والشخصيات وحتى الأحداث، مضيفاً أن هذه التقنية الحديثة تكمن أهميتها في أنها لا تدفع بالقارئ إلى سببيات متواصلة ومترابطة لأنها تعتمد على التفكيك مما يجعل القارئ مشاركا بلا استخفاف في تتبع مسيرة الخطوط المتناوبة على أكثر من حبكة، مشيراً إلى أنه لا يكتب رواية تاريخية تقوم على حبكة متسلسلة الأحداث والأسباب بل على حبكات تشبه الدوائر التي تربطها خيوط خفية تحفز القارئ لتحدي أزمة الاستلاب بالغوص داخل النص وفهم ما يرمي إليه الكاتب واستكمال ما ترك له من فراغات وهذا ما أوقع القراء المتداخلين في مشكلة فهم الزمن داخل الرواية لأنها تتضمن ثلاثة أزمنة متقاطعة ومتوازية منذ الصفحة الأولى وحتى النهاية ما صعب النص عليهم.

وأضاف أنّ هذه التقنية الحديثة تجعل القارئ يبحث خلف النص بما لديه من قدرة على التقاط الأشياء الغريبة وتحليلها, منوهاً إلى أن هذا النوع من الحبكات لا يؤدي إلى نهايات قطعية، فهي تكاد تكون ملغزة وتحيل القارئ إلى قراءة الرواية من خلال منظور آخر وربما تركته محتارا وغير راض تماما وهذه هي لعبة النص.

وانتقد المزيني رفض تقنية سردية كهذه لمجرد أنها لا ترضي القارئ تماماً أو أن عقله قصر عن فهمها. مشيراً إلى أن هشام آدم (وقع في الفخ وسأل بسذاجة: ماذا حصل.... فهل هناك خطأ ما)؟

وقال أن الناقد أحمد سماحة طالب ارتجالا بإسقاط بعض شخصيات الرواية، وقال المزيني أنها ليست شخصيات ثابتة أو طبيعية يمكن التقاطها بسهولة بل شخصيات استثنائية تلتقي من خلال مصادفات قدرية يجمعها شيء واحد وهو الغربة المكانية والزمانية، وهذه ثيمة الرواية، فكل واحد منها لديه مخزون من المعاناة، مشيراً إلى وجود التقاطات عميقة في الرواية يتركها للناقد المعني بالنقد مباشرة لا القارئ المرتخي أو الذي لا يحلو له سوى التنقيب خلف الجمل والكلمات دون الغوص داخلها.








 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد