Al Jazirah NewsPaper Thursday  25/06/2009 G Issue 13419
الخميس 02 رجب 1430   العدد  13419
ظلموا فرسان العرب
علي الخزيم

 

في قصص مسلسلة متلفزة تتنافس على بثها محطات عربية وفي مواسم روحانية، يبدأ المشهد بفارس همام ذائع الصيت ملأ الدنيا بطولات وشعراً جزلاً يتقد حماسة وينتصب فخراً واعتزازاً بالأصالة وسمو المكانة، يتمدد بين غِيد حِسان، عن يمينه وشماله الساقيات وأمامه الراقصات وبين يديه ما لذ من أطايب الفاكهة والشواء، وبعد أن تذهب العقول ينفض النادي، ويضاء المشهد التالي على الفارس وهو يستيقظ للتو من على فراشه الوثير.. ينهض ويعتمر عمامته ويتوشح درعه ويتأبط سيفه ويصرخ مناديا: (إليَّ بالمشهَّر) يقصد حصانه نقي السلالة، ثم ينطلق بعد أن التأم مع عدد من فرسان الحي أو القبيلة؛ ليبدؤوا يوماً جديداً من السبي والنهب والقتل في مشاهد متتالية لا يفصلها إلا مقناص ريم أو غزال يتم التهامه في استراحة القيلولة بعد فتح الشهية وتهدئة الأعصاب بجرعات من الراح، حتى إذا ما جنّ ليلهم بعد جولات من الكر والغبار وصيحات الحرب وإحصاء من قتل وجرح وتعداد المكاسب من النَّعم والبهم، عادوا إلى ذات المشهد الليلي غير أن الراقصات قد أبدلن زيهن والفواكه قد أعيد نسقها إبعادا للملل عن أنفس الفرسان.

تبّاً لمن كتب الحدوتة والسيناريو، وتربت يد من صور وأخرج، واشترى وعرض، فما هكذا كان فرسان العرب قبل الإسلام وبعده، كانوا صناع المجد حماة القبائل والحمى، يحمون الذمار ويذودون عن العار، أشعارهم وسيرهم أنقى وأشرف مما يتلفز عنهم، واسألوا عمن له مصلحة في تشويه صورة أولئك الأماجد الصناديد؟!




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد