Al Jazirah NewsPaper Thursday  25/06/2009 G Issue 13419
الخميس 02 رجب 1430   العدد  13419
إيران والتغيير
د. خليل إبراهيم السعادات

 

قد يكون ما يحدث في إيران احتجاجاً ظاهرياً على نتائج الانتخابات، ولكنه احتجاج حقيقي على الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية السائدة. فضّل الساسة الإيرانيون عزل بلدهم عن المحيط الجغرافي الذي يعشون فيه.

فاختلفوا مع جيرانهم في كل اتجاه واتبعوا سياسات رأوا أنها تخدم مصالحهم ولكنها تضر بالآخرين أي الجيران الذين تربطهم بهم علاقة الدين والجوار والتقارب الجغرافي والثقافي. هذه المصالح وصلت لمرحلة التهديد والأطماع التي لا يكون مرحباً بها ليس من جيران هذا البلد بل من أي بلد آخر. وقد تم تجاهل الاتجاه الآخر وهو العلاقات السياسية الأخوية الجيدة التي من المفروض أن تكون موجودة بين الدول المجاورة، حيث يمثل هذا الاتجاه ركناً أساسياً من أركان سياسات الدول فيُبنى عليه ويُعول عليه ويُعتمد عليه في أوقات الشدة وفي المراحل الصعبة التي يمر بها البلد إذا تعرض لظروف داخلية أو خارجية بإرادته أو خارجة عن إرادته.

مما يحسب للإيرانيين أنهم اعتمدوا على أنفسهم في أمور التصنيع المدني والعسكري وبلغوا في ذلك مرحلة متقدمة، مقارنة بما حولها من الدول واعتمدوا أو اقتنصوا الخبرات المتسربة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي السابق، وأصبح لديهم اكتفاء ذاتي في كثير من الأمور وربما لو كان النظام السائد مختلفاً لبلغوا مرحلة أعلى من هذه. ولكن هذه الأمور لا ترضي الإنسان العادي، الموظف، العامل، المزارع، الطالب فهم يريدون استقراراً اقتصادياً وأمناً معيشياً جيداً مقارنة بما حولهم من الدول خاصة أن بلدهم غني بمصادره النفطية والزراعية والبحرية. عندما اعتلى الناس أسطح المنازل والبنايات ورفعوا أصواتهم وأمضوا ليلتهم في هذه الأسطح، فهم يريدون إيصال أصواتهم ونقل وجهة نظرهم إلى من يهمه الأمر بأن الأوضاع غير مرضية سواء فيما يتعلق بالانتخابات أو غير الانتخابات، وبأن من نزل إلى الشوارع وقام بالمظاهرات ليسوا هم وحدهم المعارضين وإنما هناك مجموعات أخرى لم تذهب إلى الشوارع وإنما عبرت عن وجهات نظرهم من فوق أسطح البنايات والأبراج والمنازل.

وحتى لاعبو المنتخب الإيراني عبروا عن مساندتهم للاحتجاجات القائمة فارتدوا الأشرطة الخضراء؛ تعبيراً عن مساندتهم لموسوي ولشرائح المجتمع المختلفة. واللافت أن الولايات المتحدة والدول الأوروبية التي تتدخل في كل صغيرة وكبيرة لم يصدر منها توجه واضح أو بيان مؤيد أو معارض لما يجري سوى تصريحات بسيطة هنا أو هناك، فهل هو انتظار لما ستسفر عنه هذه الأحداث أم أن هناك أمورا متفقا عليها تصب في مصلحة الطرفين؟. إيران بلد إسلامي كبير ولا أعتقد أنه من المصلحة العامة لهذه المنطقة أن تتعرض لاهتزازات عنيفة قد تطول المنطقة بأسرها، إضافة إلى ما أصاب هذه المنطقة وما ابتليت به من اهتزازات وتصدعات سابقة سيظل أثرها باقياً سنوات طويلة قادمة، وعلى الله الاتكال.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد