يظن البعض أن مشاركة رجال الأعمال في صناعة النجاح المجتمعي وتحقيق التنمية المستدامة هي فضل منهم ومنة، ليست واجباً وطنياً تفرضه حقوق المواطنة الصالحة وواجبات الانتماء الحقيقي لا الصوري للوطن، ولذا تجد من أصحاب رؤوس الأموال الكبيرة المستوطنة وربما المهاجرة بحثاً عن فرص أمثل وكسب أكبر يتحدثون - وللأسف الشديد- عن (المسؤولية الاجتماعية الوطنية) اليوم على أنها موديل جديد لكسب رضى المؤسسات الحكومية والجماهير، وطريق مثالي متطور لدغدغة مشاعر المستهلكين وتجار التجزئة والمسوقين، وسبيل ممهد لكسب الرأي العام والتأثير على اتجاهاته الاستهلاكية الآنية والمستقبلية، ويوظفون -من خلال إدارة العلاقات العامة والإعلام في شركاتهم ووكالاتهم- هذا المصطلح توظيفاً إعلامياً صرفاً، يرفعونه شعاراً براقاً أمام كاميرات المصورين وفي المحافل والملتقيات الداخلية والخارجية، الاقتصادية والفكرية والاجتماعية وفي ذهنيتهم الجدوى الاقتصادية من وراء هذه الحملة التسويقية، وبين أعينهم تعويض ما قد يذهب في هذا السياق واستجلابه من المواطن بأي طريق كان وعلى المدى القصير وفي أقرب فرصة!!، ويظهر هذا اللون من الرجال غالباً في المناسبات والمؤتمرات والتجمعات وحين الانتخابات لمجالس الغرف التجارية بل وربما في المدرجات بل وحتى المسابقات ويغيبون عندما تكون المسؤولية الاجتماعية حقيقة لا شعاراً. ليس هذا فحسب بل من رجال الأعمال من يفهم المواطنة الصالحة والوطنية الحقيقية المشاركة في المناسبات الرسمية بالإعلانات الصحفية والمباركات الهاتفية والكتابات الإعلامية واللقاءات التلفزيونية فقط، حين يكون منه ذلك وعندما يعلن ويتصل يظن أنه قام بما هو واجب وطني في حقه ولا تثريب عليه بعد اليوم. في المقابل وبكل فخر هناك رجال مخلصون صادقون في وطنيتهم، مدركون لمدلولات مصطلح (المسؤولية الاجتماعية)، يعرفون ويطبقون الواجب عليهم بكل مصداقية ووضوح، يجوبون مناطق ومحافظات ومدن وقرى المملكة العربية السعودية يتلمسون حاجة الناس ويبحثون عن المواطن التي يمكن لهم أن يلجوا من خلالها للمشاركة الفاعلة في تحقيق المصلحة الوطنية العامة، إنهم يفهمون المواطنة الصالحة فهماً أعمق، ويدركون حجم المسؤولية الاجتماعية التي ألقيت على عواتقهم جراء ما رزقهم الله من مال وفير، يعلمون كم مقدار الدَين الذي يجب عليهم سداده لهذه الأرض المباركة المعطاء. نعم هم يدرسون الجدوى الاقتصادية لمشروعاتهم الاستثمارية ويحسبون هامش أرباحهم ولهم إستراتيجيتهم وخططهم الاقتصادية الخاصة. وهذا حق من حقوقهم ولكن حق الوطن والمجتمع السعودي عليهم لم يغب عن بالهم لحظة القرار خلاف الحقوق الواجبة في أعناقهم للفقراء والمعوزين وذوي الحاجات. وإن عُد هؤلاء الرجال فإن من بينهم في بلادنا المملكة العربية السعودية رجل الأعمال المعروف عبدالمحسن الحكير الذي تجد له في كل منطقة وجوداً حقيقياً يتفق والناشط الذي تخصص به ويتلاءم والاحتياج الفعلي في هذا الجزء من الوطن غالباً وربما كان مشروعه في منطقة (س) يحقق أرباحاً مضاعفة وجدواه الاقتصادية متيقنة خلاف المنطقة التي قرر الاستثمار فيها، ولكن المصلحة والمسؤولية الاجتماعية تفرض نفسها وتوجه التوقيع. لقد خرج هذا الرجل من عباءة المناطقية، ونزع عن نفسه ما قد يعيقها عن الإقدام من أجل المشاركة الحقيقية في البناء التنموي الوطني المتكامل، ولعل من جديد الأدلة على هذا القول استثماره في منطقة حائل والذي بدأه بفندق متميز ومن بعده (مشروع عرين) الضخم والذي يتوقع أن يضخ فيه ما يقارب 300 مليون ريال سعودي، وربما تغنيني إشادة صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن عبد المحسن بن عبد العزيز أمير منطقة حائل بسعادة الشيخ عبد المحسن الحكير ليلة الاثنين الماضي حين افتتاح فندق (جولد توليب)، وتثمينه لجهوده في المشاركة الفاعلة في تنمية المنطقة خاصة القطاع السياحي والترفيهي، تغنيني عن الاستطراد في هذا المقام، إن من حق هذا الرجل علينا نحن المصفقون لصناع النجاح التنموي المجتمعي -ومثله كل المخلصين الأوفياء- إن من حقه أن نشيد بصنيعه ونقدم له جزيل الشكر والتقدير على ما قدم ويقدم على ثرى وطننا المبارك، إذ (من لا يشكر الناس لا يشكر الله)، والشكر كما هو معروف الاعتراف بالفضل لأهل الفضل بالقول والفعل المرتكزين على ما في القلب من حب وصدق، وفي الوقت ذاته نهيب برجال الأعمال أن يعيدوا قراءة مضامين ومفردات المسؤولية الاجتماعية من جديد، ومتى تكاتفت الجهود، ومتى انبرى كل في مجال تخصصه، فوضع لبنة هنا وأخرى هناك فسيتكامل البناء وسيتحقق النهوض بإذن الله، وسينضم لقافلة صناع النجاح أناس جدد لم تعرفهم الساحة من قبل، وستظهر أسماء تستحق الإشادة والثناء وإلى لقاء والسلام.