Al Jazirah NewsPaper Monday  22/06/2009 G Issue 13416
الأثنين 29 جمادىالآخرة 1430   العدد  13416
أضواء
إلى أين تتجه إيران؟
جاسر عبد العزيز الجاسر

 

أخذت أحداث إيران تتجه لاضطرابات ومواجهات بين مناصري النظام ومعارضيه بعد تأكد الجماهير من إقدام السلطة على تزوير الانتخابات لصالح الرئيس الإيراني الحالي أحمدي نجاد.

وتظهر الصور والمقاطع (الإنترنتية) التي تبثها المواقع الإلكترونية التي نشطت في هذا الخصوص أن أجهزة السلطة الإيرانية -رغم كثرتها وتعددها- فإنها مازالت عاجزة عن وقف هذه الاضطرابات التي اتجهت إلى انتهاج إستراتيجية مضنية بالنسبة لأجهزة الأمن والحرس الثوري الإيراني؛ إذ أخذت تجمع بين التظاهرات في الساحات الكبيرة كساحة (انقلاب) وساحة (آزاد) وبين التجمعات الصغيرة في الأحياء، وهذه التجمعات الصغيرة وكأن بينها (باسورد) سرعان ما تتجه إلى إحدى الساحات الكبرى، حيث تبدأ الجماهير بالتجمع في أحد الأحياء ثم تتجه إلى جامعة طهران أو إلى ساحة الحرية (آزاد) أو إلى ساحة الثورة (انقلاب) وبعد أن تطاردهم عناصر الحرس الثوري -التي أخذت ترتدي الملابس المدنية وتستعمل الدراجات النارية (الموترسكلات)- يتوزعون إلى جماعات صغيرة تشعل الإطارات والحافلات وتحرق الدراجات النارية التي يستعملها جنود الحرس الثوري.. وهكذا أخذت شوارع طهران تشهد مطاردات مثيرة لا نراها إلا في أفلام (الأكشن).

وقد حاول النظام الإيراني تصوير تطور الأحداث إلى الأسوأ بأنه نتيجة تدخل خارجي؛ فوزير الخارجية (متكي) اتهم بريطانيا رسمياً بأنها أرسلت عناصر من مخابراتها ومن الإيرانيين الذين يعيشون في بريطانيا لتأجيج المظاهرات!!.

أما الرئيس المنتخب بالتزوير -كما يتهمه زملاؤه الذين ترشحوا ضده- فقد أضاف إلى بريطانيا أمريكا!!.

وهذا التوجه من قبل النظام -إضافة إلى تشبث مرشد الثورة خامنئي بنتائج الانتخابات رغم لغط التزوير- يؤكد أن الأوضاع في إيران متجهة إلى صدام حتمي بين الجماهير والسلطة، وقد وظف النظام كل إمكانياته القمعية لإخماد انتفاضة الجماهير، كما أن من عادة ملالي إيران في مثل هذه الحالات توظيف (نفوذه) في الخارج وتحريك طابوره الخامس، وهو أسلوب تلجأ إليه الأنظمة من خلال ما يسمى بالهروب إلى الأمام، ولذلك فإن الأيام القادمة ستشهد تشدداً إيرانياً في القضايا الدولية، وما توجيه الاتهامات لبريطانيا وأمريكا إلا مقدمة لذلك، وسوف نرى موقفاً إيرانياً متصلباً في أي مباحثات قادمة حول الملف النووي، كما أن لهجة الرئيس المعاد انتخابه بالتزوير ستزداد عنفاً، وذلك لتعويض ضعف النظام بالداخل بإظهار (التنحر) في الخارج!!

أما في الداخل فسوف يؤدي (انتصار) القوة العسكرية الفاحشة للحرس الثوري إلى طغيان دكتاتورية عسكرية دينية تحرم الشعب الإيراني من الكثير من المكتسبات التي حاول بعض مؤيدي النظام ممن يسمونهم ب(الإصلاحيين) انتزاعها من المتشددين الذين يعتقدون بأن الانفتاح على الخارج يهدد النظام ويضعف قدرته على البقاء. ولهذا فسوف نجد مزيداً من القمع ومزيداً من القتلى حتى تسيطر فئة على أخرى: فأما الاستمرار لنظام دكتاتوري عسكري قمعي مغلف بغطاء ديني طائفي فارسي، أو النجاح في تخليص إيران من هذه الفئة التي تريد أن تحكم.. وبالقوة.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد