Al Jazirah NewsPaper Monday  22/06/2009 G Issue 13416
الأثنين 29 جمادىالآخرة 1430   العدد  13416
متى يكون تعليمنا جاذباً؟
د. فهد بن علي العليان

 

أعرف تماماً أن الحديث عن التعليم وقضاياه لا يمكن أن ينتهي، كما أؤمن بأنه يجب أن يستمر، لأن التعليم يهم كل فرد من أفراد المجتمع. ولقد كتبت قبل فترة مقالاً هنا تحت عنوان (أدهشني حديثه عن التعليم) وتطرقت فيه إلى رؤية أحد كبار رجالات القطاع الخاص حول واقع التعليم في بلادنا،

وما يجب أن يتم من تطوير في جوانبه المتعددة. وبعد ذلك بأيام قليلة تلقيت رسالة من أحد خريجي إحدى الجامعات السعودية يقول فيها: (أنا رجل درست المتوسطة والثانوية، وحققت نجاحاً كبيراً في العملية التعليمية، المهم أنني تخرجت والتحقت بالجامعة وكنت في غاية الشوق لإنهاء دراستي لكي أخوض سلك التعليم وأقوم بأشرف مهنة وهي أن أكون معلماً أنقل كل ما تعلمته خلال تلك السنين إلى الأجيال القادمة، فالتعليم ورفع الجهل عن الناس كان هو مقصدي، ولقد تخرجت عام 1425هـ، ودرَّست، والله إنني صدمت وذهلت أثناء تدريسي في تلك المدرسة، المهم أني خرجت بنتيجة وهي كالآتي: لقد قرأت على التعليم السلام، وكرهت مهنة التعليم وكل شيء جميل فيها، واضطررت بعد ذلك لترك التعليم والبحث عن مهنة أخرى.. المهم أنني مازلت أحترق على التعليم)!

وأقول: إذا كان هذا هو حال بعض من يمارس مهنة التعليم وممن شغف بها حسب تعبيره فكيف يكون حال طلابنا وطالباتنا في مدارس التعليم العام والتعليم الجامعي. إننا في الحقيقة أمام تحد كبير لإعادة التعليم العام والجامعي إلى المسار الصحيح، وبالتالي فإنه لابد من التقاء مسؤولي التعليم ورجالاته في بلادنا لرسم الطريق الصحيح للأجيال القادمة، وللأخذ بأيديهم إلى التخصصات العلمية التي يحتاجها الوطن ويستفيد منها الخريجون، حيث لم يعد يحتمل الأمر أن يلقي كل طرف المسؤولية على الطرف الآخر في ضعف مخرجات التعليم، لأن المرحلة القادمة تحتاج إلى تكاتف الجهود لمحاولة اللحاق بركب الأمم المتقدمة على كافة الأصعدة. ولن ينسى التاريخ حالة الاستنفار التي أعلنتها الولايات المتحدة الأمريكية حين انطلقت أول رحلة للفضاء من الاتحاد السوفيتي، وذلك للتوصل إلى معرفة أسباب تفوق السوفيت في هذا الجانب، وحينها كانت الإجابة تقول: إن التعليم يحتاج إلى إعادة صياغة من جديد بكافة مراحله. إن الدول الأكثر رقياً والأفضل تطوراً ونجاحاً هي الدول المهتمة بالتعليم الذي ينتج العقول المبدعة بعيداً عن اجترار التاريخ السالف؛ وبالتالي فإنه لابد من تحسين العملية التعليمية بكافة جوانبها وعناصرها لأن المنافسة والتقدم والرقي المعرفي والثقافي والاقتصادي لن يكون إلا من خلال التعليم عالي الجودة الذي يعد أبناءنا وبناتنا لدخول عالم الغد بكل اقتدار.

إن سؤالاً يدور كثيراً بين المهتمين بقضايا التعليم وهو: لماذا وصل الحال ببعض المشتغلين بهموم التعليم إلى هذا الحد من اليأس وعدم التفاؤل؟ ولماذا الاستمرار في تخريج آلاف الشباب والشابات في التخصصات العامة؟. إنني أعتقد كمحاولة للإجابة على هذا السؤال أن تحديد التخصصات يمكن أن يتم من خلال مراكز متخصصة تعتمد على دراسات ميدانية واقعية لمتطلبات سوق العمل وفق أرقام وإحصاءات دقيقة بعيداً عن الأوهام والتقديرات العشوائية. إن مهمة التعليم تتمثل في تأهيل الطلاب والطالبات ومنحهم القدرة لاكتشاف طاقاتهم وقدراتهم؛ سعياً لاختيار المجال الذي يناسبهم تعلماً ووظيفة؛ وبالتالي فإن مدارس التعليم العام والجامعات يجب أن تساهم في إقناع الطلاب والطالبات لقبول الوظائف المختلفة ومزاحمة الأيدي العاملة الأجنبية في مختلف المهن.

وأخيراً، فإن الأمل كبير برجالات وزارة التربية والتعليم بقيادة الوزير سمو الأمير فيصل بن عبد الله، ونائبه معالي الأستاذ فيصل بن معمر للاستفادة القصوى من مشروع الملك عبد الله لتطوير التعليم الذي يسعى لتنفيذ عدد من المشاريع التعليمية النوعية التي من شأنها أن تسهم في رفع مستوى طلاب وطالبات التعليم العام في وطننا الغالي وتساعد في بناء أجيال تكتسب مهارات متعددة تحث على التفكير بعيداً عن الحفظ والتلقين الجامدين.





alelayan@yahoo.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد