Al Jazirah NewsPaper Monday  22/06/2009 G Issue 13416
الأثنين 29 جمادىالآخرة 1430   العدد  13416
بين الكلمات
سباق المؤخرات..
عبد العزيز السماري

 

إنجاز جديد في سباق المؤخرات.. هكذا اختار أحدهم عنوان لخبر حلول مطار الملك عبدالعزيز الدولي بجدة والملك خالد الدولي بالرياض في آخر قائمة مطارات العالم التي ضمت 192 مطارا، والتي اختارت مطارات إنشون (كوريا الجنوبية) وهونج كونج، وجانكي (سنغافورة) وزيورخ (سويسرا) وميونخ (ألمانيا) على التوالي أفضل 5 مطارات في العالم لعام 2009، وجاء مطارا البحرين ودبي على رأس أفضل مطارات الشرق الأوسط.، وذلك وفقا لدراسة أعدتها مؤسسة (سكاي تراكس) الدولية..

تصدر الخبر مواضيع صفحات الرأي مثلما حدث بعد التقييم الشهير للجامعات في العالم واحتلال جامعاتنا في مؤخرة التصنيف العالمي، وقد يكون موقع المؤخرة الأخير حافزاً لفرض التغيير المطلوب في مطارات الوطن، تماما مثلما حدث مع حال الجامعات والتي أصابتها انتفاضة بعد تقرير عالمي يضعها أيضا في سلم المؤخرة، والتجاوب مع هذه التقارير شيء إيجابي..

يبدو أن لنا نصيبا مع مراكز المؤخرة فقد احتلت مدينة الرياض أيضاً موقعاً متأخرا في تصنيف أكثر المدن العالمية ملاءمة للعيش، وقد كانت مواصفات المدينة الأفضل ملاءمة للعيش تعتمد على عوامل التلوث البيئي والضوضاء ووسائل الترفيه..، والرياض تعيش حسب وجهة نظري في أزمة بيئية، فمصانع الأسمنت والجبس وغبار الكسارات تغرقها في تلوث بيئي خطير جداً، هذا بالإضافة لسوء الأحوال الجوية وازدياد الرياح المحملة بالأتربة والغبار..

كذلك كان هو الحال مع قضايا الشفافية وحقوق الإنسان غيرها من المنتجات الإنسانية في العصر الحديث، والتي أصبح لها مقاييس عالمية ومؤسسات دولية تحرص على نشر نتائج قياستها بصورة دورية، وما قد يحسب إيجابياً في هذا الأمر محلياً هو اتباع منهج عدم الإنكار واختلاق الأعذار واتهام المؤسسات الدولية بالكذب والتزوير، وهي بلا شك خطوة في الطريق الصحيح للإصلاح ولتصحيح الأخطاء..

.. لكن تساؤلي في هذا الشأن لماذا دائما ننتظر مراكز المؤخرة في التقارير الخارجية للتحرك من أجل التغيير، ولماذا لا توجد مؤسسات محلية قادرة على تقديم صورة شفافة عن عوائق الحضارة المدنية في الوطن،.. فبرغم من الإمكانات المالية واستثمار الدولة خلال العقود الماضية في العقول من خلال إرسال البعثات الخارجية إلى الغرب، إلا أن ذلك لم يثمر بخروج مؤسسات وتقارير شفافة وقياسية عن المنتجات المحلية بمختلف أنواعها، ولم نسمع إلى الآن عن مراكز بحثية لتقييم مستويات العمل والأداء في القطاعات الحكومية والأهلية، وكم أتمنى أن يتم استغلال التحولات الجديدة في الجامعات من أجل مساعدة الوطن في مواجهته الشرسة مع ملفات التلوث البيئي والفساد والبيروقراطية والبطالة والعمالة الأجنبية السائبة..

من الأشياء المؤدية للإحباط والبؤس، انصراف العقول الوطنية والمؤهلة بعيداً عن البحث العلمي، وتركيزهم على تقديم آراء ومصطلحات عمومية تخلو من البعد العلمي وتفتقد للدقة، وتتسم بالمجاملة والنفاق الاجتماعي من أجل مصالح شخصية بحتة، وهي بكل تأكيد رؤية قاصرة لأن الوطن يحتاج إلى إنتاجهم العلمي الدقيق، ولأن الدولة لم تعد بحاجة للغة أثبتت قصرها وعدم فعاليتها في معالجة عثرات خطط التنمية في الوطن..

لا يوجد بديل في طريق الإصلاح عن العمل على فرض مفهوم الشفافية، وفتح الملفات الصعبة، وحق الحصول على المعلومات، وقبل ذلك الالتزام بالمصداقية ومواجهة الألم والأرقام المتدنية، وتحدي مراكز المؤخرة بشجاعة، ثم العمل على تحسين هذه الأرقام على أرض الواقع..كذلك من المفترض أن تتصف هذه المؤسسات البحثية بالاستقلالية والمنهج العلمي السليم، وأن تحاول تقديم صورة أمينة وإن كانت قاسية..

بالعمل الجاد سيتغير الواقع، وسنصعد سلم المقدمة إلى مواقع الصدارة في مختلف التصنيفات العالمية، لكنها مقدمة تختلف عن آخر موقع صدارة احتله الوطن في آخر تقويم عالمي، وهو الحصول بجدارة على أعلى رقم عالمي في حوادث السير في الطرقات العامة..




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد