متابعة - عوض مانع القحطاني
نظم المعهد العالي للقضاء بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ندوة حوارية بين رئيس تحرير صحيفة الجزيرة الأستاذ خالد بن حمد المالك وبين 26 قاضياً من مختلف مناطق المملكة على هامش الحلقة العلمية الثامنة عشرة التي تعقد لأصحاب الفضيلة قضاة وزارة العدل بالمعهد.. حيث ألقى عميد المعهد العالي للقضاء د. عبدالرحمن بن سلامة المزيني كلمة ترحيبية قال فيها: مرفق القضاء من أهم مرافق الدولة وله عناية خاصة من قادة هذه البلاد.. ولا شك بأن هذه الندوة التي تجمع رئيس تحرير صحيفة الجزيرة مع هذه النخبة من أصحاب الفضيلة المشائخ فيها فائدة لطرح عدد من الرؤى حول ما يكتب في الصحافة ويتناوله بعض الكتّاب.. وهو نوع من التواصل المثمر.. ونأمل أن يكون المعهد العالي للقضاء قد خطا خطوة نحو التجديد من خلال هذه الحلقات بغية الوصول إلى الأهداف المرجوة.
كلمة رئيس التحرير
بعد ذلك ألقى رئيس التحرير الأستاذ خالد بن حمد المالك كلمة أثنى فيها على هذا التوجه من المعهد العالي للقضاء بفتح باب النقاش والحوار وتبادل الرأي مع أصحاب الفضيلة المشائخ من مختلف مناطق المملكة، مضيفاً أنه من خلال الشراكة الحقيقية بين مرفق مهم وهو القضاء وبين وسيلة مهمة هي الصحافة سنكون عندئذٍ قد قمنا بواجبنا لإيصال الرسالة الصحيحة إلى القراء والمواطنين.
وقال المالك: أيّاً كان ما يكتب في الصحف وتحديداً في (الجزيرة) من اجتهادات وإن كان بعضها في غير محله فإنه ينبغي أن لا يغير الصورة الحقيقية عن نزاهة الصحفي وحرصه على المصلحة العامة وهو يتعلم في هذا من نزاهة القضاء في المملكة، ومع كل اجتهاد يقوم به الصحفي لا بدّ أن يصاحبه شيء من الأخطاء وربّما بعض الطروحات المتسرعة، وأن المطلوب أن يتم تفهم ذلك.
وأوضح المالك بأن الاجتهادات التي تصاحبها أحياناً بعض الأخطاء مثلما أنها تحدث في الصحافة فإنه يحدث مثلها في أيّ مؤسسة وفي أيّ قطاع أو مجال من مجالات الحياة بما في ذلك القضاء الذي ليس معصوماً هو الآخر من ذلك دون أن نشكك في نزاهته وعدله ومصداقيته.
وقال المالك: عندما يلتئم مثل هذا الجمع فهو بلا شك فرصة لكي نفهم بعضنا بعضاً.
مداخلات القضاة
عقب ذلك طرح عدد من القضاة تساؤلات حول ما ينشر في الصحف عن القضاء، فقد أوضح فضيلة الشيخ صالح بن إبراهيم آل الشيخ رئيس المحكمة الجزائية (1) بمدينة الرياض بأن العلاقة بين الإعلام والقضاة يجب أن تكون مميزة من خلال طرح كثير من القضايا التي تهم المجتمع، موضحاً بأنه لا أحد يشك في جدوى أهمية الإعلام، ولكن يجب على الصحافة الدقة من جميع الأطراف وليس من جانب طرف واحد ومن خلال طرح موضوعي يتجنب الأمور التي تمس أخلاقيات الناس، منتقداً الصحف في بعض ما تنشره عن القضاء.
المالك يرد
عقّب رئيس التحرير خالد المالك قائلاً: يجب أن تكون هناك علاقة مفتوحة بين وسائل الإعلام وأجهزة القضاء من خلال تعيين متحدثين إعلاميين في هذه الأجهزة لإيضاح الحقائق وتسهيل الوصول إلى المعلومة.
ورد على مداخلة من قاضي المحكمة العامة بالرياض الشيخ إبراهيم بن عبدالرحمن العتيق حول ما أشار إليه حول الفجوة بين الأجهزة القضائية والصحف من خلال نشر بعض القضايا دون تمحيص وبشكل متسرع فقال المالك: إن تجاوب الأجهزة القضائية مع الصحيفة ووسائل الإعلام الأخرى لا يأتي سريعاً وهذا يحدث نوعاً من الأخطاء في نقل المعلومات.. وأشار إلى وجود فجوة بين الأجهزة ومنسوبي القضاء ووسائل الإعلام، وأنه يجب أن نعمل على تضييقها، مبرراً وجود بعض الأخطاء في بعض المواد الصحفية المنشورة سواء المتعلقة بالقضاء أو غيرها بالسرعة المطلوبة في الإنجاز بحكم طبيعة العمل الصحفي اليومي المرتبط بوقت محدد، وعدم تجاوب بعض الأجهزة الحكومية ومنها القضاء في تزويد الصحف بالمعلومات الحقيقية التي تفيد الصحف ولا تخل بسير القضية.. داعياً إلى زيادة التقارب بين الجهات القضائية ووسائل الإعلام، مشيداً بالتقارب الحاصل بين وسائل الإعلام وكافة الجهات الأمنية وسرعة التجاوب منها فيما يخص الاستفسارات عن القضايا الأمنية المنشورة بالصحف مؤكداً على ضرورة تفهم القضاة للإيجابيات عند تعاملهم مع وسائل الإعلام.
وفي مداخلة لكل من الشيخ صالح آل الشيخ والشيخ عبدالرؤوف بن سعد المانع والشيخ عبدالسلام بن عبدالله الغامدي حول نشر القضايا أثناء تداولها في المحاكم أوضح المالك بأن ذلك يستدعي إيجاد صيغة من التفاهم للتعامل مع أخبار تلك القضايا التي تنشر وأن تبين الأجهزة القضائية وجهة نظرها في تلك القضايا، بحيث لا يؤثر ذلك على سير القضية، مؤيداً ابتعاد الصحف عن نشر المداولات التي تتم في المحاكم عند النظر في أيّ قضية قبل صدور الحكم القضائي فيها.
بعد ذلك تجوّل رئيس التحرير ومعه بعض القضاة وعدد من المسؤولين في المعهد العالي للقضاء في أروقة المعهد العالي للقضاء، شاهدوا خلال الجولة قاعات المحكمة الصورية وقاعات التدريب ومعامل الحاسب الآلي، كما استمع رئيس التحرير إلى شرحٍ من د. محمد عبدالله اللحيدان وكيل المعهد للتدريب عن خطط التدريب في المعهد والبرامج التي ينفذها.
لقاء مع مدير الجامعة
بعد ذلك التقى رئيس التحرير يرافقه عميد المعهد العالي للقضاء الدكتور عبدالرحمن المزيني والدكتور عبدالملك الشلهوب المسؤول الإعلامي بالجامعة بمعالي مدير الجامعة د. سليمان بن عبدالله أبا الخيل، وقد أعرب مدير الجامعة عن شكره وتقديره للأستاذ خالد المالك على مبادرته في الاستجابة للمشاركة في هذه الندوة الحوارية مع أصحاب الفضيلة القضاة، وقال إن صحيفة الجزيرة تعدّ بالنسبة لنا شريكاً قوياً ومتميزاً ونحن عازمون على تفعيل هذه العلاقة لسببين، السبب الأول: أنه يوجد في الجامعة كرسي (الجزيرة)، والسبب الثاني: أنها من الصحف التي تتقيد بالطرح المتوازن وتبحث عن الحقيقة في العموم.. ونتطلع منها إلى المزيد وقال د. أبا الخيل: إن ما تم اليوم في حلقة النقاش نعتقد أنه خطوة إلى الأمام، وفيه من الصالح والفوائد والإيجابيات الشيء الكثير، ونحن سائرون على هذا الطريق، وسوف ندعو رؤساء التحرير لمثل هذه الندوات والحلقات، فهذا تواصل بناء ومفيد لبناء شراكة وعلاقة قوية بين وسائل الإعلام والقضاء والجامعات.. عقب ذلك قدم رئيس التحرير شكره وتقديره لمعالي مدير الجامعة على طرح مثل هذه اللقاءات الحوارية، ومن ثم قدم معالي مدير الجامعة هدية تذكارية لرئيس التحرير.