Al Jazirah NewsPaper Saturday  20/06/2009 G Issue 13414
السبت 27 جمادىالآخرة 1430   العدد  13414
تخفيض الدين العام من 660 ملياراً إلى أقل من 200 مليار ريال
المملكة تشهد أكبر نهضة تنموية من طفرة النشوء إلى طفرة الترقي

 

منذ تولي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز مقاليد الحكم بمؤازرة سمو ولي عهده الأمين الأمير سلطان بن عبدالعزيز حفظهما الله والمملكة تعيش أكبر نهضة تنموية عرفتها إلى الآن فمن الطفرة الأولى التي جاءت في أواخر سبعينيات القرن الماضي والتي يطلق عليها طفرة النشوء إلى طفرة الترقي التي نعيشها حالياً من خلال سياسة اقتصادية حكيمة تبني واقع اليوم لمستقبل مشرق تستفيد منه الأجيال التي كرست لها كل الجهود لتحصل على أرقى العلوم وتساهم بدورها الفاعل بنهضة المملكة على كافة الأصعدة والناظر إلى حجم الميزانيات المعتمدة منذ بداية عهد خادم الحرمين الشريفين يرى ذلك الإصرار على تخطي كل التحديات التي تواجه نهضة المملكة فمع تدفق الإيرادات الضخمة نتيجة ارتفاع أسعار البترول منذ العام 2003 اتجهت المملكة بخططها الاقتصادية نحو وضع خطوط عريضة سارت كلها بشكل متواز أولها تخفيض الدين العام من 660 ملياراً ريال إلى أقل من 200 مليار ريال خلال خمس سنوات وانخفاضه من الناتج الوطني بنسبة كانت تقارب 60 بالمائة إلى أقل من 20 بالمائة مع قدرة المملكة على سداد ما تبقى بيسر وسهولة بفضل الاحتياطات المالية الضخمة التي بنيت طيلة السنوات الفائتة أيضاً لتشكل ثاني المحاور فمن أقل من 300 مليار إلى أكثر من 1700 مليار ريال تم بناؤها خلال خمس سنوات لتشكل حصناً منيعاً لاقتصادنا في مواجهة التغيرات الاقتصادية العالمية وخصوصاً التي عصفت بالعالم العام الفائت 2008 حيث برزت المملكة كقوة اقتصادية كبيرة يعتد بأسلوبها على إدارة المال العام.

أما النقطة الأهم التي طالما شغلت بال خادم الحرمين الشريفين وكرس جهده لها هي النهوض بالمملكة اقتصادياً من خلال التوجه نحو التنمية المستدامة وتوزيعها على كافة مناطق المملكة من خلال المشاريع الجبارة التي أطلقت في كافة أرجاء المملكة مع التركيز على بناء الإنسان من خلال إنفاق هائل على القطاع التعليمي وافتتاح جامعات فاقت العشرين بكافة مناطق المملكة وكذلك مئات المعاهد التدريبية فبناء الإنسان المتعلم هو البناء الحقيقي لمستقبل المملكة وصنوان نهضتها.

ومن خلال النظر إلى الميزانية المعتمدة خلال العام الحالي نجد أنها الأعلى بتاريخ المملكة من حيث التقديرات فقد رصد مبلغ 475 مليار ريال لها بينما قدرت الإيرادات بمبلغ 410 مليارات ريال وذلك بسبب تراجع أسعار النفط إلا أن العجز المتوقع لن يشكل عبئاً حيث سيتم تغطيته من الاحتياطات الضخمة للدولة.

ويبرز قطاع التعليم في كل ميزانية على رأس أولويات خادم الحرمين الشريفين بمبلغ فاق 105 مليارات ريال استمراراً لاستحواذه على نصيب الأسد في كل عام فحجم المشاريع التنموية وأحقية المواطن بالتعليم وضرورة الانتقال باقتصاد المملكة إلى مصافي الدول المتقدمة لا يتم إلا بنشر التعليم وإدخال كافة التخصصات الحديثة للمملكة وهذا ما شكل الرغبة الأكيدة لديه حفظه الله بأن يكون عنوان التنمية الحالية هو التعليم قبل كل شيء لأن الإنسان يستطييع بعلمه أن يصنع الكثير وأن يطور نفسه وأسرته وبالتالي مجتمعه مما سينعكس بالخير على اقتصاد المملكة.

كما أن حجم الاستثمارات المؤهلة للدخول للمملكة تتطلب إعداد كوادر بشرية تنهض به وتستفيد منه وهذه القاعدة تؤسس لتنامي دخل الفرد بشكل كبير دون الارتهان لأسعار النفط وأثرها على الميزانية وخطط التنمية التي تهدف لخلق حياة كريمة للمواطنين.

يأتي قطاعا الصحة والخدمة الاجتماعية من أولويات الميزانية المعتمدة فقد رصد لهما مبالغ ضخمة فاقت 52 مليار ريال للارتقاء بمستوى صحة المواطن ومستواه الاجتماعي إلى درجة كبيرة تعكس أولوية قصوى على جانب شديد الأهمية فالصحة بالأبدان والأمن بالأوطان نعمتان يحسد عليهما المرء دائماً ومع اكتمال مشاريع الخدمات الصحية خلال العامين القادمين سيلمس المواطن الكثير من التقدم بمستوى الرعاية الصحية.

ولم تغفل الميزانية جوانب الخدمات البلدية التي رصد لها ما يفوق 18 ملياراً من أجل بيئة حياة أفضل في كافة أرجاء المملكة كما كان لقطاعات النقل والاتصالات اهتمام بارز بالميزانية حيث رصد لهما 19 مليار ريال من أجل خدمة المواطن على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي فهما يخدمان الجانبان من خلال شبكة طرق حديثة واتصالات تعكس تطور المملكة الاقتصادي.

كما تم رصد 225 مليار ريال لمشاريع تنموية بالمملكة استمراراً لما سبقها بأعوام سابقة من أجل النهوض بالبنى التحتية إلى مستويات تليق بمكانة المملكة العالمية وتواكب التطورات التي تحدث بالدول المتقدمة وتعكس الجانب الأبرز وهو جذب الاستثمارات للمملكة من خلال تهيئة الظروف المناسبة لها ببنى تحتية تغطي الاحتياجات لسنوات قادمة حيث يتوقع أن يضخ باقتصاد المملكة ما يقارب تريليون دولار من الاستثمارات بكافة المجالات الاقتصادية خلال عقد قادم مما يعني ضرورة وجود بنى تحتية قادرة على تحمل التطورات الاقتصادية القادمة.

إن ضخامة الميزانية لهذا العام تأتي متواكبة مع أزمة عالمية خانقة ولكن كان الهدف منها:

1- الاستمرار بخطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية المعتمدة منذ سنوات طويلة.

2- الاستفادة من انخفاض أسعار السلع عالمياً وبالتالي تنفيذ المشاريع التنموية بأقل تكلفة ممكنة. 3- تحفيز الاتقاد المحلي وخلق نمو داخلي مرتكز على الإنفاق المحلي عوضاً عن التأثير الخارجي بسبب الأزمة المالية العالمية.

وبإلقاء نظرة مقارنة للميزانيات بعهد خادم الحرمين الشريفين نجد أنها في كل عام تسجل أرقاماً تاريخية بنسبة نموها. ويلاحظ أن نسب النمو بالنفقات تقدر بين 10 إلى 15 بالمئة وتعكس مستويات النمو بإنفاق الحكومة دليلاً على سير خطط التنمية بمعزل عن أي عوامل تعترضها كونها محصنة باحتياطات ضخمة تم بناؤها من خلال الإيرادات الفعلية التي شكلت نمواً كبيراً خلال السنوات السابقة وتم توظيفها بشكل يتلاءم مع تطلعات المملكة المستقبلية لاقتصادها فهي اليوم عضو فاعل باقتصاد العالم من خلال عضويتها بمجموعة العشرين التي تشكل 80 بالمئة من اقتصاد العالم وعضو بمنظمة التجارة العالمية التي تزامن انضمام المملكة لها ببداية عهد خادم الحرمين الشريفين الميمون.

مستقبل الميزانية

إن انخفاض أسعار النفط بلا شك يؤثر على الإيرادات حيث يبلغ إنتاج المملكة حالياً قرابة 8 ملايين برميل وقد انخفض سعره بشكل كبير حيث بلغ في أواخر العام 2008م 147 دولاراً وهو حالياً عند مستويات 70 دولاراً إلا أن بناء الميزانية بالمملكة دائماً يكون بأرقام متحفظة حيث قدر لهذا العام سعر النفط بين مستويات 40 إلى 45 دولاراً تفادياً لأي تطورات قد تشكل فارقاً كبيراً بين الإيرادات الحقيقية والنفقات وإذا ما استقرت أسعار النفط بهذه المستويات فإن تحقيق فائض بالميزانية أمر وارد وقد تصل إلى أكثر من 100 مليار ريال بينما لا تواجه خطط الإنفاق الحكومي أي تحديات لأن العجز المتوقع بحدود 65 مليار ريال سيتم تغطيته من الاحتياطات المالية الضخمة وبالتالي لن يكون هناك أي عائق أمام تنفيذ بنود الميزانية حتى لو تحقق العجز المتوقع أو أكثر منه أو حتى لو ارتفعت النفقات الحقيقية عن ما هو مقدر خلال العام الحالي. إن ضخامة الميزانيات المعلنة إلى الآن وخصوصاً هذا العام تعكس بحق طموحات خادم الحرمين الشريفين الكبيرة للنهوض بالوطن والمواطن والانتقال إلى اقتصاد متنوع ينطلق من إمكانيات بشرية مؤهلة ومادية كبيرة وتأن يهدف إلى الوصول إلى الغايات المرجوة بأكبر نجاح ممكن مع الاستفادة من كافة الإمكانيات المتاحة على أرض الواقع معتمداً على الله أولاً وأخيراً هدفه رفعة اسم ومكانة المملكة ومواطنيها مدعما بالإيمان الكامل بتوفيق الله دائماً.

محمد سليمان العنقري



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد