Al Jazirah NewsPaper Thursday  18/06/2009 G Issue 13412
الخميس 25 جمادىالآخرة 1430   العدد  13412
شيء من
الصراع بين الإصلاحيين والولي الفقيه
محمد بن عبداللطيف آل الشيخ

 

تقول الدكتورة أمل حمادة في كتابها (الخبرة الإيرانية: الانتقال من الثورة إلى الدولة) ما نصه: (القبول العام لمنصب الولي الفقيه لم يستتبع قبولا مماثلا حول حدود سلطته؛ فهناك التيار الإصلاحي الذي يرى ضرورة تقييد سلطات الفقيه بالإرادة الشعبية التي تظهر من خلال انتخاب مجلس الخبراء المخول اختيار الفقيه ومراقبته وعزله). وتواصل: (وهناك التيار المحافظ الذي يوسع من صلاحيات الفقيه؛ ويرى أن العلاقة بين الفقيه ومجلس الخبراء إنما هي علاقة (كاشفة) وليست مؤسسة؛ فمجلس الخبراء ليس من حقه عزل الولي حيث إنه لم يعينه من الأصل، وإنما (كشف) عن الشروط المتوافرة فيه. ومن ثم فإن الولي الفقيه يعزل من منصبه في حالة واحدة هي عجزه عن تأدية مسؤولياته، أو فقده لواحد من الشروط المذكورة في القانون الأساسي، ووفق هذا التيار فإن الدستور (لا يلزم) الولي الفقيه الذي يستطيع إذا رأى في ذلك صلاحا أن يلغي القانون الأساسي). وفي هامش الصفحة نفسها، تعلق المؤلفة بالقول: (يأتي هذا الرأي متفقا مع فتوى سابقة للإمام الخميني رأى فيها أن من حق الولي الفقيه (تعطيل) تطبيق الشريعة لحماية مصلحة البلاد).

وهذا يؤكد أن حقيقة الصراع الذي أوقدت جذوته انتخابات الرئاسة الأخيرة في إيران ليس بين موسوي ونجاد، وإنما بين الولي الفقيه (خامنئي) وبين الإصلاحيين. نجاد مجرد أداة، أو جندي صغير في معسكر الولي الفقيه، أو ما يسمى هناك التيار المحافظ. (الولي الفقيه) يتسامى عن أي قانون أو نظام؛ فهو - حسب الدستور الحالي - أعلى من أن يساءل، أو يحاسب، فضلا عن أن يعزل. وهذه النقطة بالذات هي ما يذود عنها بشراسة خامنئي ومن ورائه المحافظون ليبقي صلاحياته خارج أية عملية إصلاحية، لذلك فإن كثيرا من المراقبين يرجحون أن مسرحية تزوير الانتخابات، وإسقاط الإصلاحيين تمت بإيعاز من الولي الفقيه الذي كان أول مهنئي نجاد (بالانتصار العظيم)؛ فانتصار نجاد هو في التحليل الأخير انتصار الولي الفقيه على التيار الإصلاحي الهادف إلى تقييد صلاحياته (المطلقة) بالإرادة الشعبية؛ كما ذكرت الدكتورة حمادة في النص الذي نقلته هنا.

البعد الثاني للزلزال الذي يعصف بدولة الولي الفقيه هذه الأيام، وهو ما يهم حتى غير الإيرانيين، هو الشأن الاقتصادي، وفشل السياسات الداخلية في انتشال الشباب الإيراني من الفقر، وارتفاع معدلات البطالة، وتفشي السرقات، وازدياد أعداد المدمنين على المخدرات. الشباب الإيراني وجد في المظاهرات العارمة التي اجتاحت طهران وبقية المدن الإيرانية فرصة سانحة ليعبر عن غضبه، وتبرمه، وسخطه على الدولة، نتيجة لتلاشي الأمل، وتفشي (الفقر)، رغم الدخل الحكومي الكبير الذي يسمع عنه ولا يرى له أي انعكاس على معيشته، فضلا عن احتكار فئة قليلة متنفذة بالثروة والسلطة مجتمعتين.

صحيح أن الإصلاحيين نظريا أتوا من داخل رحم النظام غير أن الذي يصرخ، ويسير في المظاهرات، ويعلن غضبه، هو الشاب البسيط الذي لم ير الخميني في حياته قط، ولا يهمه ما كان يقول، ولا ما يقوله خليفته؛ هذا الشاب (يعارض)، ويشارك في المظاهرات، ويصرخ، ويزلزل الاستقرار، لا حبا في (الإصلاحيين)، ولكن بحثا عن (التغيير)، وضجرا من حياة حولها (المحافظون) إلى جهنم محاطة بالعمائم السوداء والبيضاء. إلى اللقاء




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد