Al Jazirah NewsPaper Thursday  18/06/2009 G Issue 13412
الخميس 25 جمادىالآخرة 1430   العدد  13412
قال إنه يقرأ تحت ضوء فانوس هندي في غرفة من لبن..
عبدالفتاح أبو مدين: أمة اقرأ.. (لا تقرأ)..

 

الجزيرة - الرياض:

أكد عبدالفتاح أبو مدين رئيس مجلس إدارة النادي الأدبي بجدة أن ضعفه في مادة التعبير في المرحلة الابتدائية كان حافزا له للقراءة ولأن ترى مؤلفاته النور، جاء ذلك خلال المحاضرة التي ألقاها عبدالفتاح أبو مدين في مكتبة الملك عبدالعزيز العامة ضمن مشروع مكتبة الملك عبدالعزيز العامة العامة (تجاربهم مع القراءة).

وقال عبدالفتاح أبو مدين: في المرحلة الابتدائية أخبرني شيخي محمد الحافظ رحمه الله أن إتقان مادة التعبير تكسب بالمرانة عبر القراءة وذلك حين رأى ضعفي في مادة التعبير كان دافعاً لي إلى السعي نحو القراءة؛ وشكرت في نفسي ذلك النصح، وحين تم تعييني في مديرية جمارك جدة وكانت الرسائل التي أخطها لا يتم إجازتها من قبل أمين الجمارك لأنه لا يتم قراءتها، وقد أتيح لي التعرف على الشاعر الأديب الأستاذ محمود عارف رحمه الله، فرجوته عوني في احتياجي، فنصحني باقتناء - نظرات المنفلوطي - ففعلت، وكنت أقرأ عليه كل يوم مقالة من مقالات النظرات، وكان يكلفني بتلخيص ما قرأت، والمحصلة أنني أنقل من النص أكثر مما ينبغي عليّ أداؤه، لأن محصولي من بدائيات التعبير صفر، وبدأت حال القراءة بعد إدراكي أنه حاجة ملحة، فشرعت أقرأ كل ما يتاح لي وهو قليل في تلك الأيام المبكرة، يضاف إلى ذلك الفقر المدقع، لأني عملت تسعة أشهر ملازماً في الجمارك بدون مرتب، أما نسبة فهم ما اقرأ فإنه متواضع جداً إلى حد الضعف والهزال، غير أني لم أيأس ولم أتراجع، ذلك أنني عرفت قيمة القراءة، لكن فهمي لم يرق إلى التقدم بشيء من الكفاية، وفي طفولتي حفظت ما يقرب من نصف الكتاب العزيز (القرآن الكريم)؛ غير أن التعليم لم يتح لي مبكراً، وتحصيلي المحدود الضيّق المتأخر لم يهيئني لشيء من العمل، ويقول أوب مدين: منذ أول مرتب من وظيفتي الجمركية، شرعت أنفق شطراً منه على شراء الكتب.. فقتّرت على نفسي بحيث أني كنت أشتري الكتاب على حساب طعامي، وكنت سعيداً بذلك لأن نهمي إلى القراءة لا يقاس عليه في تلك الأيام البعيدة.. لقد كنت اقرأ على فانوس (هندي) في حجرة من لبن، فإذا تعبت أستلقي على ظهري اقرأ والفانوس على صفيحة فاضيهَ خلف رأسي، وفي أكثر الأحيان أنام والكتاب على صدري، وأصحو لا أدري متى، فأضع الكتاب جانباً وأطفئ الفانوس؛ وأكمل نومي.. تلك حقبة كانت قبل عقود، ويضيف: إن التعلّق بالكتاب يصبح عادة من خلال استمرار هذه الصحبة المثمرة الجميلة، وقد تؤدي هذه المداومة إلى كثير من الغبطة حين يصبح الإنسان ويمسي، وبيده كتاب متجدد العناوين، وحوله كنوز من هذه المعارف التي لا حدود لها.. وقد أسعدتني هذه الصحبة الثرية فصارت ديدني، فكنت اقرأ في بعض الأيام مئة صفحة في اليوم والليلة بجانب عملي الوظيفي، إن البدء من البداية، بمعني أن قضية القراءة بعامة تبدأ من بداية التعليم العام، فإذا أصبح الطالب والطالبة ذوي علاقة قوية بالقراءة العامة والقراءة الحرة، أمكن لهذه الصحبة أن تثمر، وأمامنا الغرب بعامة وحتى بعض البلاد العربية، نرى أن القراءة عندهم عادة ورغبة قوية، لأنهم تدربوا وتعلقوا بالقراءة من البداية، فتوثقت الصلة بهذا الكنز.. ولو عدنا إلى أكثر من أربعة عشر قرناً، فإننا واجدون أن أول ما نزل من الكتاب العزيز على خاتم رسل الله صلى الله عليه وسلم كلمة - اقرأ - وحين تصبح أمة اقرأ لا تقرأ، فإنها إشكالية خطيرة؛ فأنا لا أهوّل القضية، ذلك أنه واقع مرير ولكنه ليس عاماً.. وعن الكتب التي يقرأها يقول أبو مدين: لا يوجد كتب معينه بحد ذاتها، ولكن الكتب التي تحاكي العقل هي التي أحرص على قراءتها، وعن الوقت المناسب للقراءة يقول أبو مدين: إن القراءة الجادة المفيدة تتطلب مكاناً هادئاً من كل المؤثرات؛ ليتحقق من ورائها الجدوى المبتغاة، وتتساوى عندي القراءة ليلاً أو نهاراً..

وفي عمر الشباب والقوة البدنية، ربما تواصلت القراءة ليلاً إلى ما بعد منتصف الليل.

الجدير بالذكر أن الأستاذ عبدالفتاح محمد أبو مدين له العديد من الكتابات في الصحافة السعودية وتأليفه للعديد من الكتب في النقد الأدبي ومن مؤلفاته - أمواج وأثباج في النقد الأدبي، وحكاية الفتى مفتاح والتي تحوي سيرة ذاتية له، وكتابة - الصخر والأظافر.ويهدف ملتقى (تجاربهم مع القراءة) إلى استعراض تجارب عدد من مثقفي المملكة في المملكة في القراءة ورحلتهم مع الكتاب، لتكون نبراساً لشباب وشابات هذا البلد المعطاء.

الجدير بالذكر المشروع الوطني الثقافي لتجديد الصلة بالكتاب التي ترعاه المكتبة يهدف إلى نشر الوعي القرائي نظراً لأهمية الحراك الثقافي في المجتمع وضرورة توجيه اهتمامات وشرائح المجتمع المختلفة إلى القراءة بوصفها مطلباً أساسياً في مسيرة بناء الإنسان السعودي.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد