Al Jazirah NewsPaper Thursday  18/06/2009 G Issue 13412
الخميس 25 جمادىالآخرة 1430   العدد  13412
لما هو آت
أول (السَّلق).. نقطة!!
د. خيرية إبراهيم السقاف

 

من الذي يقول إن سلق البيض مهمة ثانوية لا أهمية لها، فيشبهون كل أداء سهل ونتيجة عابرة بها..؟ وهذه البيضة إن قُدِّر لها أن تُسلق, فهي تحتاج من عشر إلى اثنتي عشرة دقيقة كي تنضج، وتحتاج إلى كمية من الماء الذي سيفقد جزء منه في التبخير، وتحتاج إلى إناء وقدر من الغاز، وإلى ثقاب أو قداح غازي، وإلى من يطهرها من عوالق لحظة خروجها للأرض.. ثم هي البيضة ذاتها ستفقد خواصها لتتحول من مزيج سائل إلى متجمد، وعند استخدامها سينفصل عنها غطاؤها الخارجي، وتحتاج إلى تقديم, فالتهام أو تقطيع، ومزج بعناصر أخرى، وعندما تنزل مستقرة في معدة متناوِلها, ستتحول بعد المضغ إلى عناصر دموية تغذي العروق وتهبها من خواصها ما يفيدها، كيف إذن تكون عملية سلق البيض عديمة الأهمية، ويضرب بها المثل عند الاستخفاف بأداء ما؟.

هذا المفهوم يسود في كل شأن صغير دون الالتفات إلى ما وراءه من أمور, قد تكبر حد العظمة، فالمخترعون، وصلوا لأكثر من نتائج ومنجزات عن الأمور الصغيرة التي تعتور مساراتهم البحثية، أو التجريبية أو حتى التأملية، فكل كبير بدأ عن صغير، وكل حرف هو جملة نقاط متلاصقة، وكل سطر مبدأه نقطة، وكل مطر يبدأ بقطرة، وكل شجرة أساسها بذرة، وكل جملة أساسها كلمة، وكل كلمة أساسها حرف، والجبل من صغار الحجارة..

ولأن الناس الذين يتعاملون مع يسير الأفكار على ألسنة صغارهم، ومبادئ الأفعال عن سذجهم، وقليل العبارات من تلامذتهم، وعابر الخواطر عن حالميهم بقانون سلق البيض لا يدركون أهمية الأمور الصغيرة تلك، فإن الناشئة تطمس أفكارهم، وتتراجع مناسيب الذكاء فيهم، وتغلق مداركهم، وتلجم طموحاتهم، وتتبلد أفكارهم، ويتحولون كالآلة، يتحركون بتلقائية جامدة يضعون البيضة في الماء ويقدمونها ساخنة دون أن يمروا بتلك المراحل التي تحتاج إليها البيضة منذ تُعقد النية لسلقها وحتى تمتزج بدم الإنسان عناصرها..

ومع ذلك، نجيد التساؤل: لماذا لا يوجد الخلاقون المبدعون على مستويات إنجاز الإنسان في العالم من حولنا..؟.

و... حاشا لله أن يكون في هذا الذي قلت تماثل مع مفهوم (سلق بيض)، عند من لا يدركون أن السطر أوله نقطة.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد