وجدت العذر للزملاء مقدمي البرامج وقارئي نشرات الأخبار في المحطات الفضائية التي تمول من قبل النظام الإيراني، فهؤلاء المذيعون ومقدمو البرامج ظهروا مرتبكين ومتلعثمين وهم ينقلون الأحداث التي تشهدها إيران عقب انتخابات الرئاسة الإيرانية التي قسمت معسكر النظام الإيراني إلى قسمين رئيسيين، فقد اصطف المحافظون خلف أحمدي نجاد، فيما تبع الإصلاحيون مير حسين موسوي، وهذا اصطفاف ما كان له أن يكون خطيراً لولا الفضائح التي تكشفت والتي اتهم بارتكابها (حماة النظام) فالمظاهرات التي عمت شوارع طهران والمدن الإيرانية الأخرى وإطلاق الحرس الثوري النار على المتظاهرين وقتل سبعة من المتظاهرين على الأقل يكشف مدى التأزم الذي وصل إليه نظام طهران؛ إذ يتهمه المتظاهرون والذين كانوا محسوبين على المؤمنين بنظرية ولاية الفقيه، يتهمون المشرفين على تنظيم الانتخابات بالتزوير الفاضح.
فبعد انتهاء الانتخابات وبعد فرز أكثر من عشرة ملايين صوت ظهر أن المرشح الإصلاحي مير حسين موسوي يتجه للفوز مكرراً (لطمة) خاتمي للمحافظين، وقد أجرى أحد المسؤولين الكبار بنظام طهران اتصالاً هاتفياً بمير حسين موسوي مهنئاً وطالباً منه أن يعد خطاباً هادئا حتى لا يثير القوى المحافظة، ولهذا، وبعد هذه المكالمة التي جاءت قبل منتصف صلاة العشاء، أعلن موسوي فوزه بالانتخابات ونزل أنصاره إلى شوارع طهران للاحتفال، وهنا تحرك المحافظون -وبالذات- الحرس الثوري الذي يقدم قادته وعناصره أنفسهم بأنهم حماة النظام، ويرون في فوز إصلاحي برئاسة الدولة هدم للنظام.
وجاء تحرك المحافظين يقودهم الملا محتشمي ابن مرشد الثورة الإيرانية الذي تقول مصادر الإصلاحيين بأنه أشرف على نقل آلاف صناديق الاقتراع الممتلئة بالأوراق التي تختار أحمدي نجاد، وقد وجهت تلك الصناديق للأحياء الفقيرة في المدن التي ظهرت الكفة تميل إلى موسوي وبعد ضخ أوراق محتشمي بدأت كفة أحمدي نجاد تتعالى متجاوزة كفة موسوي، ثم تصاعدت حتى أصبحت في المدن التي كانت تهدد إعادة انتخاب نجاد، مثل تبريز وشيراز والأحواز وحتى طهران، إذ كانت استطلاعات الرأي تشير إلى تخلي الناخبين عن أحمدي نجاد، خاصة في طهران التي يعاني مثقفوها وطلابها من إجراءات القمع والتضييق على الحريات، كما المناطق التي يغلب على سكانها غير الفرس، مثل: البلوش جنوب شرق وغرب إيران والأذريين في شمال غرب إيران، والعرب في جنوب غرب إيران، جميعهم يحملون عداءً لأحمدي نجاد الذي شهدت ولايته عمليات قمع واضطهاد وخاصة البلوش والعرب في الأحواز.. ومع هذا رفعت صناديق (محتشمي) حصة أحمد نجاد وجعلته يفوز بأصوات من لا يحبونه بالضعف..!!
وهكذا، فإن أحمدي نجاد -كما يقول أنصار موسوي- وبعد منتصف الليل بدأت وزارة الداخلية الإيرانية تسرب أرقام فوز أحمدي نجاد، ولوحظ أن الأرقام التي أعلنت أظهرت فوز نجاد في المناطق التي تشهد نقمة على حكومته، هذا أثار ثائرة الإصلاحيين والمعارضين لنجاد على حد سواء، وأشعل التظاهرات وسالت الدماء في شوارع طهران والمدن الإيرانية؛ فيما يعد من نظم عمليات التزوير وفرض أسلوب الحكم دون اعتبار لإرادة الجماهير، وهذا الذي أربك المروجين لنظام طهران.