في ظل الثقافات المستوردة، وتيارات الانحراف الفكري الجارفة التي أنتجتها الأحداث الإرهابية - خلال العقود الثلاثة الماضية -، وشكَّلت خطراً يهدد أمن المجتمعات وفكرها.. وجهت القاعدة - قبل أيام - رسائل تحريضية تستهدف المرأة، وتحرضها على الأزواج والأبناء، وتدعوها للانخراط في صفوف التنظيم من دون موافقة ولي الأمر.. وأوضحت الرسالة التي نُشرت بمسمى (سلفية جهادية): (أن رجال اليوم كبروا فضعفت هممهم، وابتعدوا عن الانضمام إلى صفوف الخلايا النائمة).. وأضافت: (أن الجهاد فرض عين، وأن المنتمي إلى تنظيم القاعدة في (الجزيرة) العربية على حق).. وطالب البيان: (النساء بتحريض أزواجهن وأبنائهن ومن هم في محيط أسرهن على الانضمام إلى صفوف الجهاد).
وكان ما يُسمى تنظيم القاعدة في (الجزيرة) العربية، قد أعلن - خلال الأيام الماضية - عن هروب زوجة نائب التنظيم، والمطلوب الأمني رقم (31) في قائمة المطلوبين ال (85) - سعيد الشهري - إلى اليمن بطريقة غير مشروعة، وذلك لانضمامها مع زوجها المطلوب لدى السلطات الأمنية في السعودية واليمن.
ورغم الإجماع على أهمية التصدي للأسباب التي يتغذى منها العنف، والذي تختلط أدبياته الإرهابية بالأدبيات الإسلامية.. والتأكيد على أن المسؤولية في ذلك مشتركة، إلا أن الخطاب الموجه من تنظيم القاعدة لاستهداف المرأة - هذه المرة - يمثل ظاهرة سلبية، من أجل إشراكها في عمليات إرهابية، ودعمها المعنوي لتلك العمليات بعد التضييق الأمني الذي واجهه تنظيم القاعدة.
إننا في الوقت الذي نعيش فيه رفضاً ومقتاً لأعمال الإرهاب ونستنكرها وندينها، والتي تمثلت في (30) تفجيراً، و(160) عملية إرهابية، فإن استثارة المرأة في المجتمع لتحريض الزوج والابن ومن هم في محيط الأسرة للانضمام إلى صفوف القاعدة، وتحويلهم إلى فئة متابعة، ثم إلى فئة متعاطفة، وتجنيد فئات جديدة من المجتمع بعد ذلك، هو هدف من أهداف التنظيمات الإرهابية.
هذه الرؤية في التكتيك الجديد لتنظيم القاعدة من أجل إعادة ترتيب أوراقه، وإنتاج حضوره مرة أخرى من جديد، تلح على تكرار تأكيد أن حجم العناية بتفعيل الوعي بالمسؤولية الفردية والجماعية للحفاظ على الأمن ومقدراته، وأنها لم تزل مقصداً شرعياً وحضارياً، والغيرة على الوطن واجب ذو مسؤولية حقيقية إيجابية في درء الخطر عنه، هو مطلب مهم ولا شك.
من جانب آخر، فإن أهمية متابعة واقع الوسائل الإعلامية لتنظيم القاعدة، وما تبثه من حرب دعائية، والعمل على منع ما يُسهم في تغذية الفكر التكفيري من خلال تبني إستراتيجية - وقائية وعلاجية - تتمثَّل في نشر الفكر الوسطي، والوعي بخطر مجافاة الحقيقة عن طريق نشر العلم، وفك الاشتباك بين التدين والغلو - حقيقةً ومنهجاً -، وتعظيم أوامر الله ونواهيه، عوامل مهمة في الحد من ظاهرة التعاطف - المادي والمعنوي -، والتجنيد في المجتمع لتنظيم القاعدة.
drsasq@gmail.com