Al Jazirah NewsPaper Thursday  18/06/2009 G Issue 13412
الخميس 25 جمادىالآخرة 1430   العدد  13412
قراءة لواقع ومستقبل الشراكة المجتمعية في مجال البحث العلمي
في المملكة العربية السعودية: إرهاصات للانتقال إلى العالم الأول (1- 3)
د. زايد بن عجير الحارثي

 

لقد تشرف كاتب هذا المقال بالمشاركة في منتدى الشراكة المجتمعية في مجال البحث العلمي في المملكة العربية السعودية بورقة عمل بعنوان: (بعض المعوقات والتحديات للشراكات البحثية في الجامعات السعودية)...

... الذي عقد في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض الجامعة الرائدة، بتنظيم عمادة البحث العلمي بالجامعة. وقد رعى حفل افتتاح المنتدى صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية مما أعطى للمنتدى زخماً وقيمة وحضوراً عالياً ومميزاً وقد كان من أهم أهداف المنتدى:

1- رصد واقع الشراكة المجتمعية في مجال البحث العلمي في المملكة العربية السعودية.

2- تقويم التوجهات الجديدة للجامعات السعودية الهادفة لتعزيز الشراكة المجتمعية في مجال البحث العلمي.

3- بحث السياسات والإجراءات الكفيلة بإيجاد بيئة تدفع بقيام شراكة مجتمعية تدعم البحث العلمي.

4- دراسة أبرز المعوقات والتحديات التي تواجه الشراكة المجتمعية الفاعلة في مجال البحث العلمي.

5- استشراف الفرص المتاحة أمام القطاع الخاص للاستثمار في مجال البحث العلمي.

6- استشراف الأدوار المنتظرة في مؤسسات المجتمع المدني لدعم البحث العلمي.

7- التعرف على التجارب الرائدة إقليمياً ودولياً للشراكة المجتمعية في مجال البحث العلمي.

وقبل الدخول في تفاصيل أعمال المنتدى ونتائجه أود أن أسجل اعتزازي بهذه الجريدة التي كانت ولا تزال حاضرة في المناسبات العلمية ومنها المشاركة في رعاية المنتدى كما هي داعمة لكرسي الصحافة في جامعة الملك سعود. كما أود تسجيل اعتزازي وفخري بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الصرح السعودي الصاعد إلى الآفاق في ظل القيادة والتنظيم المميز من معالي مدير الجامعة وعميد البحث العلمي الأخ العالم الأستاذ الدكتور فهد العسكر، وكذلك من عمل على إنجاح المنتدى ودفع بالجامعة للارتقاء.

أما بخصوص المنتدى فقد خرج مترجماً لحقيقة معنى الشراكة المجتمعية في مجال البحث العلمي ممثلاً في بداية الرعاية لإقامة الندوة من المؤسسات الأهلية والمؤسسات الصحفية إلى توقيع كرسيين علميين في أثناء المنتدى من قبل وزير الشئون الاجتماعية ومعالي مدير الجامعة وكذلك من قبل الشيخ الراشد ومعالي مدير الجامعة. ثم الرموز الحاضرة والفاعلة من قيادات الشركات والمؤسسات الحكومية والقطاع الخاص والوزارات القيادية ومديري الجامعات الحكومية والأساتذة الجامعيين أمثال صاحب السمو الأمير سعود بن عبدالله بن ثنيان آل سعود رئيس الهيئة الملكية للجبيل وينبع ورئيس مجلس إدارة سابك ومعالي الشيخ صالح الحصين رئيس الحرمين الشريفين ومعالي الأستاذ الدكتور محمد السويل رئيس مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية ومعالي الأستاذ الدكتور أسامة طيب مدير جامعة الملك عبدالعزيز ومعالي الأستاذ الدكتور خالد السلطان مدير جامعة الملك فهد للبترول ومعالي الأستاذ الدكتور عبدالله العثمان مدير جامعة الملك سعود ومعالي الأستاذ الدكتور ساعد العرابي الحارثي مستشار سمو وزير الداخلية الذين قدموا تقارير ورؤى أثرت المنتدى وساهمت في رسم الصورة الواضحة والدقيقة لمعنى الشراكة المجتمعية في مجال البحث العلمي وكيفية إنجاحها ورسم خارطة الطريق لها.

أما الأوراق التي قدمت من صفوة من العلماء والأكاديميين - أقلهم كاتب هذا المقال - فقد تركزت في تفاصيل أهداف ومحاور المنتدى التي تم إيرادها فيما سبق وقد وثقت هذه التقارير والأوراق والكلمات في سجل المنتدى الذي أظهر جهداً مميزاً وتاريخياً يستحق الإخوة في اللجنة العلمية للمنتدى برئاسة الأخ الدكتور عبد الكريم العبد الكريم كل إشادة وتقدير. ويمكن تقسيم هذا التقرير إلى:

1- تعريفات عامة للشراكة البحثية ومزاياها ومصادرها بالنسبة للجامعات والقطاع الخاص والشركات ومؤسسات المجتمع المدني والقطاعات الحكومية.

2- نماذج محلية ودولية من الشراكات البحثية المحلية والدولية بالنسبة للجامعات السعودية.

3- معوقات وعقبات الشراكة البحثية للجامعات السعودية.

4- مستقبل الشراكة البحثية في تطوير المجتمع السعودي ونقله إلى مجتمع منتج.

الشراكات Partnership ومستوياتها:

الشراكات هي حالة من المشاركة والعلاقة في البحوث Research أ و الأعمال Business لمدة محددة من الزمن بين طرفين أو أكثر.

وهناك عدة مستويات من الشراكات البحثية يمكن تصنيفها على النحو التالي:

1- شراكات داخل الجامعات بين مراكز ومراكز وكليات في تخصصات ومجالات مختلفة.

2- شراكات وعلاقات تعاون بين جامعات وجامعات داخل البلد الواحد.

3- شراكات بين جامعات محلية ومؤسسات المجتمع المدني وشخصيات اعتيادية.

4- علاقات وشراكات بين جامعات محلية وخارجية في مجالات تقنية وعلمية وبحثية تكاملية.

5- شراكات بين جامعات ومراكز بحثية محلية وشراكات بين الجامعات مؤسسات القطاع الخاص داخل المجتمع المحلي أو القومي.

6- وهناك شراكات بين مراكز بحثية في جامعات ومؤسسات القطاع الخاص وشركات عالمية.

مزايا الشراكات وعلاقات التعاون ونماذج منها:

إن من مزايا الشراكات البحثية بين الجامعات ممثلة في أساتذتها والقطاع الخاص ممثلاً بالمؤسسات والشركات ما يلي:

1- إن الشراكات البحثية بين مراكز البحث العلمي في الجامعات والمجتمع تتيح فرصا عظيمة ومغرية لأعضاء هيئة التدريس من ناحية التطبيق الميداني للبحوث حيث يوظف المشاركون مهاراتهم ومعارفهم لمواجهة التحديات والقضايا التي تكون محور اهتمام الشركاء خارج نطاق أبوب الجامعة.

2- إن التعاون والشراكات تتيح الفرصة كذلك للأساتذة لإعادة تأهيلهم وتحسين معرفتهم التي تتم داخل أسوار الجامعة وتنتقل بها إلى الميدان الفعلي والحقيقي الذي يقدم الفرصة للمعرفة والتعليم المعززة لما يتم في الجامعة فربما إن كثيرا أو بعضا من المناهج والأساليب التي يتبعها الأساتذة ويقومون بتدريسها للطلاب ولأنفسهم لا تتناسب والميدان بشكل متقن ومن ثم هناك حاجة إلى إعادة تعلمها وتجديد المعرفة بما يتناسب والميدان.

3- إن الشراكات البحثية بين مراكز البحث العلمي (ممثلاً في الأساتذة) وبين المجتمع ممثلاً بالقطاع الخاص والشركات الكبرى والصغرى يتيح الفرصة للطرف الثاني من تغيير وتطوير برامجه ومشاريعه ومنتجاته وفقاً للمنهجية المتبعة في ضوء مثل هذا التعاون بما يتناسب مع حاجة المستفيدين وأهداف هذه المؤسسات والشركات.

4- إن الشراكات المجتمعية البحثية تتيح الفرصة الثمينة لتبادل الخبرات بين الطرفين وكذلك من لهم علاقة بهما وهم طلاب الجامعة والمتدربون والمساعدون للباحثين في الطرف الأول وكذلك للموظفين والعمال والمهنيين في الطرف الثاني.

5- إن التعاون والشراكات البحثية بين أساتذة الجامعات على المستوى الفردي أو المؤسساتي بين مؤسسات المجتمع المختلفة من شأنها تعزيز وتقوية دخل الجامعة وسمعتها ووظيفتها وانفتاحها على قضايا المجتمع وبناء الروابط العلمية والاقتصادية معه وذلك من خلال توفير الكثير من الفرص والمجالات لتدريب الطلاب وتطوير المناهج والمقررات الجامعية وفقاً لسوق العمل وحاجات المجتمع.

6- إن الشراكات البينية أو الخارجية سواء للأساتذة الأفراد أو للجامعات ومراكز البحث العلمي وبخاصة في الدول النامية مع تلك التي سبقتها في خبرة الشراكات وعقود الشراكة مع المجتمع وقطاعاته المختلفة لا شك تؤدي إلى تطور نوعي في إثراء الخبرات وما ينتج عنها من مردود علمي واقتصادي وتكنولوجي لهذه الأطراف حيث يتم تطوير بنية المراكز البحثية ومنهجيتها وكذلك العاملين بها والآليات المتبعة لخدمة الجامعة والمجتمع.

7- إن الشراكات والعقود البحثية وبخاصة على المستوى العلمي تتيح الفرصة لاقتباس الخبرات والمهارات من الطرف الأكثر خبرة إلى الأقل خبرة وكذلك تتيح الفرصة لحل المشكلات المستعصية أو التي تحتاج إلى تعاون وتبادل الأفكار والنظريات والخلفيات المختلفة لحلها وتطويرها ولعل أحد أهداف جامعة الملك عبدالله بن عبدالعزيز للعلوم والتكنولوجيا في رابغ هو تحقيق هذه الغاية. وإن البوادر التي بدأت بها في عقود الشراكة والتعاون سواء في جلب واستقطاب التكنولوجيا والعلماء مع الجامعات والمعاهد العليا العالمية المتقدمة هي خير مثال على ذلك والمثال على ذلك (برنامج الشراكة العالمية للبحث) Global- Partnership Research Program حيث سينشأ من هذا البرنامج ثلاثة مصادر للدعم هي:

1- مراكز ومراكز تحت الإنشاء حيث ستقدم الجامعة تمويلا ومساعدة Grant لتلك المراكز متعددة الباحثين والتي يكون مقرها الجامعة مع إمكانية مشاركة المصانع بالإضافة إلى ثلاث سنوات من المكافآت والجوائز للمراكز تحت الإنشاء بالجامعة.

2- بالنسبة للباحثين فالجامعة تقدم تمويلا لمدة خمس سنوات للحصول على علماء باحثين مميزين أو مهندسين من المعامل والمعاهد العالمية العليا وكل باحث عليه أن يقضي على الأقل ثلاثة أسابيع في حرم الجامعة للمشاركة في البحوث والأعمال الأكاديمية.

3- المنح البحثية Research Fellows فالجامعة تقدم مساعدة للباحثين المميزين لما بعد الدكتوراه لمدة ثلاث سنوات

Support to exceptional postdoctoral Researcher حيث من المتوقع أن ينضموا في نهاية المطاف ليكونوا أعضاء بالجامعة.

8- إن الشراكة البحثية بكافة أنواعها ومستوياتها فرصة ومناسبة لربط أستاذ الجامعة بالمجتمع وقضاياه وهمومه ومشكلاته بل هي الفرصة الأمثل لإجلاء الصورة المشوهة لأستاذ الجامعة بأنه يعيش في برج عاجي ويقضي جل وقته في التنظير فهو إذاً على المستوى الفردي يحسن وضعه الشخصي والعلمي وعلى المستوى الوطني يسهم في تنمية المجتمع باعتباره فرداً من أفراد المجتمع الصالحين وهنا تنزل الجامعة من برجها العاجي إلى مسئوليتها الاجتماعية كما يصف ذلك بوك (1982).

وإن أفضل مثال لمثل هذه البحوث التعاقدية والشراكات مع المجتمع ومؤسساته هي ما قامت وتقوم به جامعة الملك فهد للبترول والمعادن والتي اعتبرت هذا النشاط المحرك الرئيس لنقل التقنية واستنباتها وتطوير المنتجات وابتكار طرق الإنتاج حيث إن معهد البحوث بالجامعة هو الذراع الأساسية لقيام مثل هذه الشراكات والتعاقدات التي وفرت للجامعة عشرات الملايين وأكسبتها سمعة وخبرة تعدت الآفاق.

ولعلي أختتم هذا المحور بالحديث عما قامت وتقوم به جامعة الملك سعود خلال السنوات الثلاث الماضية من فتح آفاق الشراكات مع المجتمع المحلي والعالمي ممثلاً بأفراد أو مؤسسات أو شركات حتى لا يكاد يمر يوم واحد دون أن نسمع عن توقيع عقد لشراكة بحثية أو إنشاء كراسي أو استقطاب علماء مميزين من جامعة أو معهد على مستوى عالمي ولم تكن مثل هذه النشاطات والفورة النوعية في البحث وتوسيع الخبرات وفتح المجالات للتعاون التي تقوم بها جامعة الملك سعود إلا مقدمة لما ترغبه وتخطط له الجامعة والمسئولون بها لوضعها في مصاف الجامعات العالمية الأولى وما يترتب على ذلك من خدمة للعلم والبلد ودعم وتطوير المعرفة ودعم المجتمع بمخرجاتها الفكرية والإبداعية والتكنولوجية.

مصادر الشراكات البحثية وأشكالها بالإضافة إلى الدعم المباشر من ميزانيات البحث العلمي بالجامعات فإن هناك فهي الغالب وكما وردت في أعمال المنتدى لا تخرج عما يأتي:

- المنح البحثية: Scholarships Research: وأفضل تمثيل لها ما تم ويتم عن طريق مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية التي تقدم مئات الملايين من الريالات سنوياً للباحثين في الجامعات والمعاهد في السعودية.

- الكراسي البحثية Chairs Research: ويتمثل النموذج المثالي لها لاحتوائها وتفعليها في الجامعات السعودية بجامعة الملك سعود مع تنامي دور جامعة الملك فهد والملك عبدالعزيز وجامعة الإمام في هذا السياق.

- الحاضنات البحثية Incubation Research: وتتمثل في الأدوية البحثية والتكنولوجية والتي تهدف إلى زراعة وإنتاج وتصدير المعرفة وهذه تتمثل في وادي الظهران ووادي الرياض التابعين لكل من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن وكذلك جامعة الملك سعود. وفي المستقبل القريب سوف تكون جامعة الملك عبدالله للعلوم والتكنولوجيا رائدة في المجال.

- مراكز التميز البحثي Distinguished Scientific Research Centers وهذه المراكز تمت وتتم بدعم ورعاية من مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية وبدعم مباشر من وزارة التعليم العالي التي توزعها بعدالة وبكفاءة على الجامعات السعودية وقد تم إنشاء ودعم العديد من المراكز على مر السنوات القليلة الماضية في عدد مميز من الجامعات وفق معايير عالية المستوى.

- الصناديق البحثية Research Funding Boxes: وقد بدأت أفكار وتطبيقات هذا المصدر من جامعة الملك سعود.

- الأوقاف البحثية Endowment Research Funds: وهذا المصدر من أجل وأهم المصادر للبحث العلمي ولها تاريخ مجيد في الحضارة الإسلامية وقد تم تفعيل وإحياء هذا المصدر واستعاد بريقه ممثلاً في أعظم وقف إسلامي قادم في العالم الإسلامي في جامعة الملك سعود الذي يرعاه ويدعم فكرته واستمراريته صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض وكذلك هناك مشروع وقف قائم ومميز في كل من جامعة الملك عبدالعزيز بجدة وجامعة طيبة بالمدينة المنورة.

وبالله التوفيق.



للتواصل مع الكاتب أو التعليق: zozmsh@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد