الكهرباء اليوم تمثل شرايين الحياة في كل ما يحيط بنا، والاتجاه العالمي نحو تطوير استعمالات الميكنة وتعظيمها في حياة الإنسان جعلنا مقيدين إلى أسلاكها بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، هذا الواقع يجعل من التخطيط لمستقبل هذه الخدمة وتأمينها على رأس الأولويات في المجتمعات وخصوصاً المتسارعة النمو منها كما هو حال المملكة، والصيف بات محطة لوم دائمة للحديث عن واقع الكهرباء في بلادنا، والحق هنا لابد وأن يقال بأن الجهود الحكومية التي بذلتها المملكة لإيصال هذه الخدمة إلى المواطن تترجم حقيقة العمل الحكومي الذي تنتهجه القيادة (المواطن أولاً)، إذ من الصعوبة في العرف الاقتصادي إقناع مقدم خدمة تتضمن تكلفة اقتصادية بإيصالها بأقل من قيمة التكلفة، ومع ذلك فإن قرى كثيرة في المملكة وصلت الكهرباء بيوت المواطنين فيها بالرغم من أنها لا تغطي تكلفة قراءة العداد!
اليوم ومع سخونة الصيف وتزايد الأحمال اعترفت الشركة السعودية الموحدة للكهرباء بصعوبة مهمتها وقسوة واقعها الذي فرضته التنمية وتوسع المشاريع والعمران بشكل غير متوقع، هذه الظروف تتزامن مع حقيقة أن الشركة لا تملك من احتياطيات التوليد ما يساعدها على تحمل العبء الكهربائي وتوزيعه في وقت الذروة، ومع شكاوى المواطنين حول الانقطاعات المتكررة والفجائية والخسائر الاقتصادية التي يتكبدها المواطنون وأصحاب المشروعات بات لزاماً الحديث عن التنسيق المباشر بين الشركة وعملائها من المواطنين والشركات والمصانع لصياغة خطط وقنوات اتصال استباقية تخفف من حدة اللوم والخسائر بين الطرفين، كما أصبح من الضروري توسيع دائرة الحلول للتعجيل بمشروعات التوسع الكهربائي وخلق احتياطيات توليد فعَّالة، وفي الوقت الذي نتحدث فيه عن دور الشركة لا يمكن إغفال حقيقة الترشيد التي لم تعد ترفاً تربوياً يتهم الداعين له بتشتيت مراكز المسؤولية في القضية؛ فالمواطن وصاحب المنشأة والمصنع أصبح يدرك اليوم وأكثر من أي يوم مضى أن هذا الترشيد سيصب في مصلحته أولاً وأخيراً وسيساهم في المحافظة على تدفق الخدمة إليه في أحوج وقت في السنة ودون استشعار هذه الحقيقة سينطبق المثل العربي الشهير (في الصيف ضيعت اللبن) ليكون (في الصيف ضيعت الكهرباء)!