«الجزيرة» - الرياض
اقترحت دراسة سعودية حديثة إستراتيجية لرعاية وتنمية الموهوبين في مرحلة رياض الأطفال، وقال تقرير صادر عن مركز رؤية للدراسات الاجتماعية اعتمد على رسالة دكتوراة للباحثة فاطمة بنت عايض بن فواز السلمي: إن أول منطلقات الإستراتيجية المقترحة الاستناد على الثوابت التي تشكل ثقافة المجتمع السعودي وسياساته التعليمية، وفي مقدمتها الثوابت الدينية التي تقدر الطفولة وتنظر إلى تعليم وتربية الطفل باعتباره حقًا مصونًا أكدته المصادر الأصلية في الكتاب والسنة وأعمال المربين المسلمين من بعد، وتطابق مع هذا الحق كذلك الوثائق الحديثة المنظمة لحقوق الطفل وحقوق الإنسان عمومًا.
إن الإستراتيجية المقترحة أقرَّت مبدأً تربويًا يرى في رعاية الطفل الموهوب في مرحلة رياض الأطفال أساسًا ضروريًا لاستمرار هذه الرعاية وتناميها على مدى المراحل الدراسية التالية التي يلتحق فيها الطفل. وتستند الإستراتيجية على مبدأ شمول عملية رعاية وتنمية الموهبة واستمراريتها في المجتمع بدءًا من مرحلة رياض الأطفال وحتى المراحل المتقدمة من التعليم، ويعني ذلك المشاركة الهادفة والمقصودة والمخططة من قبل كافة مؤسسات المجتمع وفي مقدمتها الأسرة. وتركز الإستراتيجية على ضرورة تخطيط البرامج والأنشطة التعليمية المؤدية إلى الكشف عن الأطفال الموهوبين ورعايتهم بناء على الاحتياجات الحقيقية لهؤلاء الأطفال، والتي غالبًا ما تختلف عن احتياجات ومطالب الفئات العمرية الأخرى.
وأظهرت نتائج الدراسة التي تصدر خلال الشهر الجاري ضمن سلسلة ملخصات الرسائل الجامعية المختارة عن مركز رؤية للدراسات الاجتماعية أن أهم الإستراتيجيات المتعلقة برعاية الأطفال الموهوبين في رياض الأطفال - حسب الأهمية- الإثراء، وهي بمعنى تدعيم المنهج وإثرائه بخبرات وأنشطة معمقة، تليها التسريع وهي بمعنى السماح للأطفال الموهوبين بتخطي البرامج العادية والانتقال إلى برامج ذات مستوى عال تتفق مع أعمارهم العقلية وليس الزمنية، وأخيرًا التجميع، وهي بمعنى تجميع الأطفال الموهوبين داخل مجموعات متجانسة من الأنداد، ذوي الاستعدادات أو الميول المتشابهة أو المتكافئة. ويرى معظم أفراد عينة الدراسة أن إستراتيجية التجميع غير مناسبة للأطفال الموهوبين في مرحلة رياض الأطفال، لأنها تؤدي إلى عزل الموهوبين عن أقرانهم العاديين مما يؤدي إلى آثار تربوية ونفسية سيئة.
وتؤكد الإستراتيجية المقترحة على أن برامج رعاية وتنمية الأطفال الموهوبين - وإن تعددت وتنوعت - فإنها يجب أن تصمم بناء على الأهداف التالية: التعرف على الأطفال الموهوبين وكشف موهبتهم وفقًا لأساليب وطرائق علمية. وأن تسهم هذه البرامج في تعزيز الإنجاز العالي للأطفال الموهوبين وخاصة فيما يتعلق بتعزيز المواطنة، والمهارات الأساسية، وفهم البيئة، والتفكير الفعَّال. وأن تسهم هذه البرامج في توفير الاستثارة البيئية المتحدية للموهوبين، بما يتجاوز تلك الأسئلة المطروحة على الأطفال العاديين. وأن تسهم هذه البرامج في الوصول بالأطفال الموهوبين إلى أقصى حد تسمح به قدراتهم المعرفية والوجدانية والاجتماعية. كما تؤكد الإستراتيجية المقترحة على أنه إن تعددت طرائق تنمية الأطفال الموهوبين داخل مؤسسات التربية المختلفة، فلا ينبغي عزل هؤلاء الموهوبين وإحاطتهم بجو مصطنع، بل يجب بذل كل الجهود الممكنة للسماح لهؤلاء بأن يعيشوا حياتهم الطبيعية داخل سياق المؤسسة التربوية الاجتماعي العادي، وذلك لتعزيز نموهم النفسي وتوافقهم الاجتماعي والانفعالي.