Al Jazirah NewsPaper Monday  15/06/2009 G Issue 13409
الأثنين 22 جمادىالآخرة 1430   العدد  13409
ديمقراطية الملالي تنتصر لمرشحها
د. وحيد بن حمزة عبد الله هاشم

 

بعد أن وصلت الانتخابات الإيرانية ذروتها من التسخين السياسي والإعلامي غير المسبوق في تاريخ الانتخابات الإيرانية بين كل من الرئيس محمود أحمدي نجاد ومنافسه مير حسين موسوي، فاز الأول بالانتخابات الإيرانية، فيما انتهى دور الثاني السياسي بشكل دراماتيكي محبوك بدقة.

النتيجة التي أذهلت البعض، ولم تذهل البعض الآخر، لم تكن غير متوقعة إطلاقاً، فالنظام السياسي الإيراني بني على حكم الفرد، حكم المرشد الأعلى للجمهورية، أو للثورة، أو للدولة، علي خامئني، العراب السياسي والديني الذي تبنى محمود أحمدي نجاد ودفع به إلى السلطة في أول الأمر، وهاهو يثبته في سدة الحكم مرة أخرى لإكمال ما بدأه من سياسات ومخططات إقليمية ودولية.

الصراع الذي بدا واضحاً بين محمود أحمدي نجاد ومنافسه مير حسين موسوي، كان في الحقيقة صراعاً حاداً بين الرموز الكبرى في السلطة الدينية الإيرانية، تحديداً بين القائد الأعلى ومرشد الجمهورية علي خامئني وبين رئيس تشخيص مصلحة النظام هاشمي رفسنجاني، الأول تبنى محمود أحمدي نجاد، والثاني تبنى مير حسين موسوي، وكانت الغلبة للأقوى والأكثر تمكناً ونفوذاً وسلطة في منظومة الدولة الإيرانية.

المؤشرات كانت واضحة، فسكوت علي خامئني ورسالة هاشمي رفسنجاني له، تقطع الشك باليقين وخصوصاً تصريحات رئيس المكتب السياسي للحرس الثوري (يد الله جواني) الذي حذر مما أسماه (ثورة مخملية) كانت على وشك أن تواكب مسارها في الداخل الإيراني، وجرى قمعها سلماً وبقفاز مخملي بالوسيلة الديمقراطية على الطريقة الإيرانية.

الذي أود قوله أن الديمقراطية الإيرانية، هي بالفعل ديمقراطية إيرانية فريدة من نوعها، مخصصة بالفعل ومفصلة على الجسد العقدي والسياسي الإيراني، ولا يمكن تبعاً لذلك أن تنتمي إلى نظام الديمقراطية المعروف بواقعه التعددي وبخلفيته المفتوحة والحرة. فالنتيجة التي ظهرت بشكل درامي وشابها نوع من الغموض، وشيء من الشكك، صرح بها المرشح المهزوم موسوي، لا توجد مؤسسة سياسية أو قضائية إيرانية عليا مستقلة يمكن أن تقول كلمة الفصل الأخيرة فيها.

من هنا فإن إيران لن تنقسم على نغمات الانتخابات الأخيرة، وما يجري على الساحة الشعبية ما هي إلا مجرد فقاعات سياسية شعبية لا غير، لا ولن تلبث إلا وأن تنتهي إلى غير رجعة دون أن تترك أي أثر يذكر.

فالنظام السياسي الإيراني نظام محكم ومحكوم اتخذ قراره مسبقاً بمنطق إيران الثورة، وإن تدثر في الوقت الراهن بدثار إيران الدولة الديمقراطية.

إذ هناك ثوابت تاريخية إيرانية، وأخرى واقعية، وثالثة عقدية يصعب التكهن بتغيرها مع تغير الأشخاص في سدة الرئاسة الإيرانية التي توجه بشكل مباشر وبقرار نهائي من (آية الله خامئني) المرشد الأعلى للجمهورية الذي يعد القائد الأعلى للدولة الإيرانية، فهو الرجل الوحيد الذي يملك كلمة الفصل الأخيرة في كافة القضايا الإستراتيجية على كافة المستويات الداخلية والخارجية.

السؤال هل تدخل المنطقة في واقع جديد بعد الانتخابات الإيرانية؟ والسؤال هل من الممكن أن تتغير أو تستمر السياسة الخارجية الإيرانية الإقليمية والدولية بموجب استحقاقات المخرجات الانتخابية الأخيرة؟ تلكم أسئلة لابد وأن نطرحها بصراحة في خضم ما ظهر من تجاذبات سياسية وعقدية إيرانية، التي اعتقد البعض بأن فيها شيء من التغيير والتعديل والتقويم، ولربما التطوير الإيجابي، فيما تؤكد المؤشرات الحقيقية أن السياسة الداخلية والخارجية الإيرانية ثابتة لن تغير من منهجها ولن تعدل في أهدافها ومصالحها، ولا حتى في أساليبها وطرق تعاملها مع دول المنطقة، وبناء على ذلك مع دول العالم.

الدور الإيراني في المنطقة سيمضي في مساره التمددي لتحقيق هيمنة إيرانية سياسية من خلال الأدوات والوسائل والتنظيمات التي بنتها ونظمتها إيران في العقدين الماضيين. والملف النووي الإيراني سيطغى على كافة الملفات الأخرى في المنطقة بعد أن أعطي محمود أحمدي نجاد الضوء الأخضر للمضي قدماً في تفعيله. تبعاً لذلك سترتفع حدة وسخونة وبالتالي خطورة المواجهات الإيرانية مع دول المنطقة ومع دول العالم الكبرى.

محصلة القول ونافلته أن إيران لم تكن على مفترق طرق، ولم تشهد حراك سياسي ديمقراطي حقيقي يمكن أن يحقق لسياساتها الخارجية شيء من الاعتدال والوسطية، كان من الممكن أن يغير من مسارها التصادمي مع دول المنطقة والعالم. هذه حقائق دامغة يجب أن نعيشها بواقعية ونتعايش معها بشيء من الأهبة والاستعداد بالاعتماد على القدرات الذاتية التي توجد القوة الوطنية الفعلية لمواجهة كافة التحديات والمستجدات خصوصاً ما لا يمكن أن يحمد عقباه من مخرجات السياسة الخارجية الإيرانية في السنوات الأربع القادمة.

www.almantiq.orq



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد