Al Jazirah NewsPaper Sunday  14/06/2009 G Issue 13408
الأحد 21 جمادىالآخرة 1430   العدد  13408
قراءة في مخطوط عباس باشا الأول لأصول الخيل العربية

 

عندما أصدر الشيخ حمد الجاسر -رحمه الله- كتابه النفيس أصول الخيل العربية الحديثة، ضمّنه نصوصاً منقولة من مخطوط عباس باشا لأصول الخيل، تصرف فيه الشيخ تقديماً وتأخيراً تسهيلاً للباحثين كونه رتّب الأصول على حسب الحروف، رغم حرصه على تقديم المخطوط كما وجده، فكان لهذا الإصدار صدى واسع لدى المهتمين بدراسة الخيل العربية.. بل إن الشيخ حمد الجاسر أخبر أنه اطّلع على صورة المخطوط لدى الأستاذ خير الدين الزركلي.(1)

وعند رجوعي إلى أحد مؤلفات الأستاذ الزركلي وجدت نصاً نفيساً في هذا الجانب حيث ذكر في كتابه الجزيرة العربية في عهد الملك عبدالعزيز(.. وأمامي أوراق استخلصتها من مخطوط كُتب في إبان الفترات الأخيرة بعد قيام الدعوة... لم يصنّف للتاريخ، وإنما وضع لأنساب الخيل... إلخ) ثم ساق بعض الأخبار.(2)

في الحقيقة أن الشيخ حمد لم يكن هو أول من طبع هذا المخطوط فقد سبقته الباحثة الأمريكية جوديث فوربس حيث جمعت وترجمت كامل المخطوط من العربية إلى الإنجليزية في كتاب نشر عام 1993م.(3)

وفي عام 1428هـ، صدر عن مكتبة الملك عبدالعزيز كتاب بعنوان أصول الخيل العربية وقع في مجلدين أحدهما صورة عن المخطوط، والآخر جعل للنص مطبوعاً ومراجعاً ومعلقاً عليه من قبل ثلاثة من الباحثين هم: أ.د.عبد الله بن عبد الرحيم عسيلان، د عبد العزيز بن محمد الفريح، أ. فائز بن موسى البدراني وإن كان هذا الإصدار الأول من حيث إخراج المخطوط إلى حيّز الطباعة كاملاً ومن دون تصرّف، إلا أنهم حمّلوا العمل ما لا يحتمل، من عدّة وجوه منها:

أولاً: عندما أخرج فريق المراجعة والتعليق نسخة مطبوعة إلى جانب نسخة مصورة من المخطوط، كان ذاك من الضرر أكثر من الفائدة من عدّة جوانب منها:

1 - زيادة حجم العمل فكلّف في الطباعة وزاد في ثمن البيع، حتى إن المكتبة لجأت إلى التنويع في الطباعة فهناك نسخة فاخرة بـ1200 ريال، وأخرى أقل جودة بـ 800 ريال، وهذا في زمن يشكو فيه الكتاب من ندرة القارئين، وتتسابق فيه دور النشر والمكتبات العالمية إلى كل ما يجذب القرّاء، ومكتباتنا تتسابق في وضع العراقيل...!

2 - سقط من المطبوع ثلاث صفحات بعد المقدمة جاءت كفهرس لأبواب الكتاب كما في المصورة, لم أجد مبرراً لحذفها.

3 - إن المعتنين والمعلقين تجاهلوا اللغة التي كتب بها الكتاب وهي اللغة العامية المعروفة بلغة: أكلوني البراغيث، فكان الأجدى بهم أن يبقوا عليها، ويعلقوا في الهوامش ما يريدون.

4 - غيّر المراجعون كثيراً من الكلمات ما كان لهم أن يغيروها مثل:

أ - صفحة 42 الفقرة الثانية، السطر الثاني كلمة مفاخر بدّلت ل فاخر!

ب - صفحة 44 كلمة بيك كتبت (بك).

ج - ص 46 ذهب المراجعون إلى ترقيم بعض الفقرات 1، 2، 3 مع أن المخطوط ليس فيه ترقيم..!

د - ص 46 الهامش الأخير جعل عليه (1)، مع أن حقه يكون في الصفحة اللاحقة تعريفاً للهدب.

هـ - من ص 52 إلى ص 60، من الملاحظ على هذه الصفحات أن ليس هناك سطر إلا وأحدثوا فيه تغييراً.

و - ص 61 الشعر في هذه الصفحة، صحّف كثيراً، ولعل نظرة مقارنة بين النصين تظهر صحّة قولي.

ز - ص 61، ورد في عجز البيت الثاني من المطبوع: (ومثلك صاحب الطيبات يطيع), رغم أن العجز ورد في المخطوط ص 8: (ومثلك راعي الطيبات يطيع), راعي جعلت صاحب!.

ح - ص 61 في عجز البيت الثالث ورد في المطبوع: (للجموع تزبر أو للطياس لميع)!؟، رغم وجودها في المخطوط هكذا: (للجموع تزبا وللطياس لميع), بدو (أو).

ط - ص 61، في عجز البيت الأخير من هذه الصفحة ورد المطبوع كلمة (الحزمة)!, ثم جعل لها هامش رقم 2، وقال المعلقون قد تكون الخرمة!، رغم أنها واضحة في المخطوط بأنها الخرمة.

وغير ذلك من الملاحظات التي يطول المقام عند سردها.. الخلاصة لو أن المعلقين اكتفوا بالنسخة المصوّرة وجعلوا تعليقاتهم في هوامش على حاشية الصفحات لكان أولى.

ثانياً - عندما قارن المعلقون بين نسختيّ الجاسر وما بين أيديهم, ذكروا أن نسخة الجاسر تنقص في البداية ورقة، وتزيد في النهاية أربعاً أقول.! ثم ساقوا الأقوال الأربعة..!

وقد فات المراجعون أن نسخة الجاسر تنفرد عن نسختهم بأكثر من ذلك منها ما استطعت حصره في التالي:

1 - قول حمد الجرو عن الحمدانيات صفحة 23 .

2 - قول محمد بن قرملة عن دهم شهوان 237 .

3 - قول زمّام العلي من بني خالد، وقول محمد بن قرملة عم دهماء العماير 249 .

4 - قول زمّام العلي عن العبيّة الشراكيّة 317 .

5 - قول حمّاد بن دليم من آل صبيح، ومحمد بن قرملة، ومحمد بن خليفة عن كحيلة بن فجري 357.

6 - قول ثعلب بن شري عن كحيلة بن نومة 358 .

7 - قول سيف بن مضيّان، وشافي بن شبعان، ومحمد بن قرملة، وبداح اليتيم، وثويني بن دميثة عن كحيلة الزهيّة 390 - 392.

8 - قول محمد بن قرملة عن كحيلة خنفر 384 .

9 - قول فلاح بن وبرة، وعصيمان الضويلع عن كحيلة الرعيل 387 - 388.

10 - قول محمد بن خليفة، وسعد بن سحوب عن كحيلة الطرّافيّة 402.

11 - قول شافي بن شبعان عن كحيلة العمودة 411 .

12 - قول محمد بن خليفة وجريّان العيّاش عن كحيلة المحسني 414 .

13 - قول خالد بن حشر عن كحيلة مشيريق 417.

14 - قول عثمان بن صعنون عن هدباء المنسرقة 466.

بينما انفرد المخطوط عن نسخة الجاسر من خلال قراءتي له، بقولٍ واحد هو ما استمع إليه مصطفى بيك صفحة 227 من المخطوط.

لم يكتف الفريق بسرد المخطوط كما هو, إنما أضافوا له الأقوال الأربعة، فأًلزموا بما لا يلزم.. بل إنه عند المقارنة بين نسختيّ المخطوط، نجد أن نسخة الجاسر هي الأكمل وذلك إذا نظرنا أنها انتهت بصفحة 402 أما نسخة عسيلان فآخر المكتوب فيها صفحة 506 لكن مع وجود عدد كبير من الصفحات فارغة، لكن نسخة الجاسر زادت بأقوال وضمّت الصفحات إلى بعضها فكانت أكمل(4).

بل جاء في بعض ما انفرد به الجاسر إشارات مهمة حول المخطوط، كقول محمد بن خليفة في كحيلة بن فجري: (.. لم يخرج منها سوى فرس صفراء أبوها كحيلان المحني، أعطيتها الإمام فيصل، في العام الماضي، قبل حضور بهجة عندنا)(5).

وحضور بهجة آغا أفندي إلى البحرين كان في رمضان عام 1269هـ (6).

ومما يفيد أيضاً في هذا الموضوع وثيقة مؤرخة بـ 19 شوال 1268هـ.. تمثل رسالة حول التحقق من خبر الرجال الذين جاؤوا من مصر لمقابلة أمير أيالة نجد فيصل بن تركي.. جاء في ترجمتها: (... أن الرجال كانوا قد توجهوا إلى نجد بالمال من أجل شراء الجياد منها..).(7).

هذه بعض الملاحظات على هذا العمل، وقبل أن أختم كنت أتمنى على المكتبة والقائمين عليها أن يكونوا أكثر جديّة في إظهار هذا الكنز بصورة أكمل وأجمل، لكن: ما كل ما يتمنى المرء يدركه...

الهامش:

(1) - أصول الخيل العربية الحديثة، حمد الجاسر, ط 1،1415هـ، ص 14.

(2) - شبه الجزيرة العربية في عهد الملك عبدالعزيز, الزركلي، 1 - 103, ط 9.

(3) - لدى الباحث صورة من الكتاب، أرفق بالبحث صورة الغلاف.

(4) - أصول الخيل، الجاسر، ص 15.

(5) - أصول الخيل، الجاسر, 357.

(6) - محمد بن خليفة الأسطورة والتاريخ الموازي، ميّ محمد الخليفة، ط 2، 1999م،461 - 462.

(7) - إرادة داخلية رقم: 16102، دارة الملك عبدالعزيز، عثمانية 383.

بدر بن نجر الردعي





 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد