Al Jazirah NewsPaper Tuesday  02/06/2009 G Issue 13396
الثلاثاء 09 جمادىالآخرة 1430   العدد  13396
معالي المحافظ
فضل بن سعد البوعينين

 

ضمن تحقيق صحفي عابر بُعيد تعيين الدكتور محمد الجاسر محافظاً لمؤسسة النقد العربي السعودي، أشرت إلى أن (الدكتور الجاسر يمتلك حساً إعلامياً يمكن أن يضاف إلى قدراته وخبراته العلمية والعملية المميزة، وكل ما أتمناه أن يُستَغل هذا الجانب لزيادة شفافية المؤسسة ولتكريس التواصل مع وسائل الإعلام المختلفة). أعترف بأن الدكتور الجاسر كان كريماً مع الإعلام السعودي والغربي في الأشهر القليلة الماضية. تواصل الدكتور الجاسر الإعلامي جاء أعلى من التوقعات، ويمكن القول إن حجم ظهوره الإعلامي والموضوعات التي تناولها في الشهرين الماضيين فاق ما صدر عن المؤسسة في عامين.

القطاعات المصرفية، والشؤون المالية، والنقدية تعتمد في الأساس على الثقة التي لا يمكن خلقها وتنميتها بمعزل عن وسائل الإعلام. (سري للغاية) سياسة ينتهجها بعض المسؤولين في غير محلها، فتأتي نتائجها عكسية، كما أن الصمت غير المبرر قد يقود إلى نتائج حرجة وغير متوقعة، في الوقت الذي تطفئ فيه المعلومات الرسمية الدقيقة نار الشائعات المُحرقة، وتروي نهم الباحثين عن المعلومة الرسمية الموثوقة.

الدكتور الجاسر كان إيجابياً فيما يتعلق بالحضور الإعلامي، والمعلومات الواسعة، وطرحه المقنع الذي تجلت فيه كفاءته المهنية، وخبرته المالية، النقدية، والاقتصادية، وربما كان خطابه الذي ألقاه خلال فعاليات مؤتمر (يورموني السعودية 2009) الأكثر شفافية وتحليلا للواقع.

إلا أنه ينبغي القول إن استراتيجية الدكتور الجاسر الإعلامية تحتاج إلى مراجعة في جانبها الهجومي على منتقدي أداء مؤسسة النقد، وبعض قراراتها الحساسة، خاصة أن بعض الانتقادات التي يعتقد الدكتور الجاسر عدم واقعيتها كانت منطقية ولها ما يبررها، إلا أن الأزمة الاقتصادية العالمية، التي لم تتوقعها المؤسسة، ولم يتوقعها العالم، ساهمت في تغيير الظروف وبالتالي العوامل المؤثرة في صياغة الرؤى السابقة، ومع ذلك ما زالت بعض تلك الانتقادات في محلها حتى الساعة، إلا أن التعامل المسؤول مع ظروف الأزمة استدعى التركيز على الجانب الإيجابي الذي يعزز الثقة في الاقتصاد الوطني، بعيداً عن السلبيات.

سياسة الإقناع من خلال الطرح المتوازن، وعرض الحقائق، وربطها بمتغيرات الظروف لرسم صورة متكاملة أمام المتلقي يمكن أن تكون أكثر نفعاً من الجدل، والتجاذبات الإعلامية. لكل عمل بغض النظر عن مستوى نجاعته جوانب ضعف وقوة، ولكل سياسة نقدية أو مالية جوانب إيجابية وسلبية، والعبرة في تغليب الجانب الإيجابي الذي يمكن من خلاله تحقيق المصلحة العامة.

من السهل للباحثين عن مكامن الخلل الحصول على مبتغاهم داخل أروقة المؤسسة، خاصة في القضايا (التاريخية)، التي كنت أتمنى ألا تكون حاضرة في تصريحات الدكتور الجاسر؛ فبعض تلك القضايا إنما حلّت لأسباب خارجية لا علاقة لجهود المؤسسة بها، وبعضها توافقت متغيرات المستقبل ونتائج الأزمة الاقتصادية مع الأهداف التي تمنت المؤسسة تحقيقها، وبعضها ما زال قائماً حتى الساعة. المرحلة الجديدة يُفترض أن تكون بعيدة كل البُعد عن اجتهادات الماضي التي تسببت في كثير من التجاذبات، والتي يمكن أن تحد من سرعة الانطلاقة، وكفاءة المخرجات.

الفصل بين (الرئاستين) أمر مفيد وصحي لمستقبل مؤسسة النقد، ولمسيرة المحافظ الجديد، والقناعة التامة بصحة مجمل القرارات السابقة، وبما قُدم من عمل في السنوات الماضية، قد تُعيق الجهود الرامية إلى التطوير والبناء ورفع كفاءة العمل. النظر إلى الأمام خير وأسلم من الالتفاتة إلى الوراء، ومن يمتلك الكفاءة المهنية، العلمية، والخبرة الواسعة ربما كان أكثر حرصاً على البدء من حيث انتهى الآخرون، متحرراً من تبعات الماضي، مطوراً للإيجابيات، ومعالجاً السلبيات، ومتطلعاً إلى هبات المستقبل، وعاقداً العزم على خلق التغيير والتميز لمصلحة الوطن والمواطنين.

***



f.albuainain@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد