حوار - فهد الغريري
منذ إحدى عشرة سنة تقريباً (وتحديداً في عام 1419هـ) بدأت فكرة إنشاء جمعية لحماية المستهلك لدى رئيسها حالياً الدكتور محمد الحمد بعد عدة مواقف استهلاكية مرت عليه خرج منها بالتعاطف مع أي مستهلك يقع ضحية لتلاعب التجار وخصوصاً فيما يتعلق بخدمة ما بعد البيع. الآن بعد تحقق هذا الحلم يجلس الحمد في مكتبه بمقر الجمعية بين الأوراق والفاكسات والاتصالات لا يعاونه إلا ثلاثة موظفين (وهو الأمر الذي دفعه لتجهيز (الشاي) بنفسه، معللاً بأن إمكانات الجمعية لا تسمح بتوظيف عامل للمشروبات أو حتى النظافة) ليتصفح ويقرأ هجوم المستهلكين عليه.. وعلى حلمه!
(نحن المستهلكين نملك القوة ولولا وجودنا لما وجد التاجر) يقول الحمد هذه الجملة بحسرة مشيراً إلى عدم وعي المستهلكين بقيمتهم وقدرتهم على إحداث الفرق لامتلاكهم المال الذي يبحث عنه مقدم السلعة، وهو يؤكد أن هدف الجمعية الأهم هو توعية المستهلك حتى يستطيع أن يفرض احترامه على رجل الأعمال، وأنها ليست جهة تنفيذية كما يتوقع البعض حتى تخفض الأسعار أو تعاقب المخالفين.
وفي هذا الحوار مع (الجزيرة) يوضح الحمد أن الكرة أصبحت الآن في ملعب المستهلك وأنه كما التجار يجتمعون ليبحثون عن مصالحهم في الغرف التجارية فإن على المستهلكين الاجتماع للبحث عن مصالحهم في الجمعية التي بدأت بداية قوية بإصدار بيانين عن أسعار السيارات والاسمنت، حيث أثار الأخير ضجة إعلامية وردود فعل عالية المستوى، يحدث هذا رغم أن الجمعية مازالت تعاني من صعوبة الخطوات الأولى خاصة مع عدم وصول الدعم المادي المخصص لها من الحكومة حتى الآن، بالإضافة إلى قلة اليد العاملة وتغيب نائب الرئيس لظروفه الوظيفية (رغم أن نظام الجمعية ينص على وجوب تفرغ الرئيس ونائبه!).
* تناول المواطنون الجمعية بنقد جارح اعتقاداً منهم بأنها جهة تنفيذية وليست كما هي في الحقيقة خيرية توعوية، ألا ترى أن اللوم في سوء الفهم هذا يقع على الجمعية لعدم توضيح الفكرة وامتناعها عن طلب المساعدة التطوعية من المستهلكين لخدمة أهدافها؟
- نحن الآن ليس لدينا البنية الأساسية، لكن إن شاء الله إذا بدأ موقع الجمعية الالكتروني بالعمل سنقدم الكثير من الأفكار الموجودة لدينا وسيجد الناس أن لديهم فرصة كبيرة في تقديم المساعدة للجمعية كل حسب استطاعته وقدراته. مثلاً نريد أن ننتج كتيبات توعوية والمساحة فيها متاحة لمشاركة الأقلام القادرة على الكتابة. كما أن لدينا ثلاثة لجان وهي لجنة تقديم البلاغات والشكاوى، ولجنة إعداد الدراسات والبحوث، ولجنة التوعية والنشر. وهذه كلها ستقوم على جهود الناس الذين سيتواصلون معنا عبر موقعنا. وأنقل لك من محضر اجتماع الأعضاء الأخير هذا القرار: إعلان داخل الموقع بنية الجمعية إنشاء اللجان وحاجتها لشخصيات متطوعة للعمل فيها ومن ثم تقوم بفرز السير الذاتية. إعلان داخل الموقع بنية الجمعية عمل كتيبات يحتاجها المستهلك وتحتاج لمتطوعين يساهمون فيها بمكافأة رمزية مقطوعة.
لا نريد أن يصبح عملنا ارتجالياًً وفوضوياً بحيث نقول للناس: تعالوا إلينا بدون إمكانات وعمل نقوم به معهم.
الجمعية أهلية تتمتع بشخصية اعتبارية للمستهلكين ومفتوحة لهم لتعبر عن وجهة نظرهم وتتبنى أفكارهم ومشاكلهم وتوصل صوتهم للجهات الحكومية، ويجب ألا يستهين الناس بهذا الدور لأننا نهدف إلى توجيه المستهلك وتوعيته والذي بدوره يتحكم بالسوق لأنه هو من يدفع المال، وهذا ما حصل مع الاسمنت حيث بدأت الآن بعض الشركات تخفض أسعارها.
* ما دوركم فيما يتعلق بالغلاء؟
- نظام البلد لا يحدد الأسعار فنحن في اقتصاد حر ومع ذلك فإن نظام الجمعية ينص على التحرك ضد (المبالغة في رفع الأسعار) وذلك بتوجيه خطاب استفسار للتاجر وأيضا بالتبليغ عنه للجهات المسؤولة.
* ألا ترى أن هناك احتكاراً لبعض السلع مثل السيارات من قبل بعض التجار مما قد يضر المستهلك؟ ما موقف الجمعية من ذلك؟
- ما نعرفه أن انضمام المملكة لمنظمة التجارة العالمية يمنع الوكالات أو الاحتكارات. وبالمناسبة يوجد لدينا مجلس حماية المنافسة وهو يمنع التكتلات والاندماجات والاحتكارات الضارة بالمستهلك. ومن المفروض تفعيل دور هذا المجلس وهذا التفعيل يتم عن طريق المستهلكين أنفسهم وذلك برفع خطاب عن طريق الجمعية لهذا المجلس ونشير فيه إلى وجود احتكار لسلعة ما وهنا يقوم المجلس بالتحقيق حول هذا الموضوع ثم يصدر قراره.
مصالح التجار وهموم المستهلك
* ما رأيك في أن يكون المجلس الوطني لسلعة ما يقوم عليها تجار هذه السلعة أنفسهم وبالتالي فهم يجتمعون ويقررون بما يخدم مصالحهم دون النظر للمستهلك؟
- هذا هو الوضع الطبيعي فمجلس الغرف ينشئ لجاناً تجتمع للبحث عن مصالحها وحل مشكلاتها مثلما اعطتنا الدولة جمعية حماية المستهلك ليجتمع المستهلكون ويبحثون في مشكلاتهم ومصالحهم ويطالبون بها. نحن الآن - كمستهلكين - الكرة في مرمانا والنظام يسمح لنا بإنشاء أي لجنة نحتاجها، فمثلاً نخصص واحدة للسيارات نناقش فيها أسعار السيارات وقطع الغيار والغش وكل ما يتعلق بهذا الموضوع.
* ذكرت أن هناك نية لنشر كتيبات توعوية وإقامة ندوات ومحاضرات وورش عمل، ما هي الموضوعات التي ترون أنها في مقدمة اهتمامات الناس؟
- أهم نقطة يحتاجها الناس أن يعرفوا قيمتهم، مشكلتنا أن المستهلك لا يعرف أنه هو القوة وهو الورقة المغيرة لأنه هو الشخص الذي يملك السيولة وهو المستهدف من قبل التاجر، المستهلك لا يعي أنه لولا وجوده لما وجد التاجر. نحن نريد توعية المستهلك بهذه النقاط فرجل الأعمال لو وجد مستهلكاً واعياً لعمل له حساباً وأعطاه قيمته الحقيقية.
المستهلك لا يعرف كيفية التصرف إذا واجهته مشكلة مع تاجر، مثلا: اشترى بضاعة تجده لا يعرف كيفية الشراء فهو لا يحتفظ بالفواتير وهو بذلك لا يحفظ حقه في خدمة ما بعد البيع. مثال آخر بحث المستهلك عن البضائع الرخيصة التي قد تكون خسارة عليه لما فيها من ضرر على صحته وماله. أيضاً المستهلك لا يعرف كيف يفرق بين البضاعة الأصلية والمغشوشة أو المقلدة وهدفنا هو توعيته في هذا الجانب وذلك عن طريق منشوراتنا التي ننوي توزيعها في الأسواق وأماكن تجمع الناس.
* ما هي المساعدة التي يمكن للمواطن رجل أو امرأة تقديمها للجمعية؟
- إلى ما لا نهاية! أول مساعدة أن يتقدم بطلب عضوية الجمعية وهو يحصل بالمقابل على رسائل متواصلة عن أنشطتها ومطبوعاتها وندواتها. ثانياً إيصال أفكاره للجمعية التي تعد منبراً لتنفيذ هذه الفكرة. بالإضافة إلى تقديم الآراء والخبرات التي بالتأكيد تحتاجها وتستفيد منها الجمعية. أي شخص لديه شيء يقدمه يتصل على الجمعية ويأتي إلينا حتى نعمل سوياً.
* ثارت ضجة كبيرة حول أسعار الاسمنت بعد بيان الجمعية وردود فعل التجار، بينما لم نشاهد مثل هذه الضجة فيما يتعلق بأسعار السيارات، ما رؤيتك لهذا التفاوت في ردة الفعل؟
- لكل صناعة ظروفها فالأسمنت يصنع محلياً أما السيارات فهي تستورد وهي خاضعة للعرض والطلب. لكننا قمنا بواجبنا حيث أصدرنا بياناً عن السيارات خاطبنا فيه الشركات والجهات المسؤولة كما طالبنا مجلس حماية المنافس بالتحقيق في أسعار السيارات بين بلد المنشأ وهنا في المملكة ولكن لم يأت رد حتى الآن.
* ما رأيك بدور وسائل الإعلام تجاه الجمعية؟
- إن كان هناك تقصير فهو من الجمعية. الإعلام بجميع أنواعه: المقروء والمرئي والمسموع والالكتروني تواصلوا معنا وأتوا إلينا مشكورين.