«الجزيرة» - فيصل الحميد
في سبتمبر من العام 1994 صدر قرار مجلس الوزراء رقم خمسين المتضمن إلزام القطاع الخاص بتخصيص 5% سنوياً من وظائفها للسعوديين بغية الوصول إلى نسبة سعودة لا تقل عن النصف عام 1431هـ.
ورغم مضي نحو خمسة عشر عاماً من القرار واقتراب موعد الهدف إلا أن نسبة السعودة في القطاع الخاص بنهاية العام الماضي لم تتجاوز 15% وهي نفس نسبة السعودة في العام 99.
وأثار تصريح لوزير العمل الدكتور غازي القصيبي بأن السماء لا تمطر وظائف في القطاع الحكومي حفيظة العاطلين، واعتبروا أن ذلك معاكس للوضع الاقتصادي الذي تعيشه المملكة والذي يحتاج إلى خلق فرص جديدة كل عام.
وزاد تقرير وزارة الخدمة المدنية الذي أظهر وجود أكثر من 145 ألف وظيفة شاغرة بالقطاع الحكومي، فضلاً عن وجود نحو 62 ألف وظيفة مشغولة بغير السعوديين احتقان المنادين بالقضاء على البطالة التي وصلت إلى 9.8% نهاية العام الماضي من إجمالي قوة العمل البالغة 8.40 ملايين.
ويتركز معظم العاملين السعوديين في القطاع الحكومي حيث يغطون تسعة أعشار الوظائف.
ويدافع القطاع الخاص عن عدم توظيف السعوديين كون المتقدمين قليلو الإنتاجية تارة أو لا يبقون كثيراً على الوظيفة تارة أخرى، فيما يدافع الشباب عن أنفسهم ويعزون عدم استمرارهم إلى قلة الرواتب من جهة وطول فترات العمل من جهة أخرى.
ويبلغ متوسط رواتب القطاع الخاص حسب تقرير مؤسسة النقد العربي السعودي (2008) 1354 ريالاً وبنسبة نمو سالبة مقدارها (2.2-%)، مقابل متوسط أجور القطاع الحكومي تختلف حسب الفئات ويبلغ متوسط أقلها 2530 ريالاً. وتوجد في المملكة أكبر شركة في العالم (أرامكو السعودية) وتعتمد في أغلب أعمالها من كبير إداريها التنفيذيين إلى أصغر موظف على السعوديين، كما يعتمد القطاع المصرفي على السعوديين الذين يشكلون أكثر من 90% من العاملين في القطاع، وهو ما يدافع به المنادون للسعودة عندما يطرح القطاع الخاص نظرية إن السعودي لا يعمل، ويرون أن العمل في أوقات معنية مقرونة بعائد مجز إضافة إلى تأمينات اجتماعية وصحية كفيل باستمرار الشباب في وظائف القطاع الخاص.
ويرى الاقتصادي فضل بن سعد البوعينين أن سوق العمل في المملكة من أغرب الأسواق في العالم، ويضيف: (رغم الوفرة الوظيفية، والفرص المتاحة، بل المضمونة، للعمالة الوافدة، تبقى شحيحة أمام طالب العمل السعودي).
وقال البوعينين ل(الجزيرة): (إن أكثر من سبعة ملايين عامل أجنبي تستوعبهم سوق العمل بكل يسر وسهولة، ويضاف إليهم أعداد مهولة كل عام، وتبقى الفرص موصدة أمام طالب العمل السعودي).
وبسؤال عن أن السعودي قليل الكفاءة والخبرة، قال البوعينين: إن قلة الكفاءة والخبرة ومخرجات التعليم كلها أسباب تتمترس خلفها الجهات المسؤولة عن توظيف السعوديين، وهي أسباب لا ترقى إلى الصحة، خاصة وأن النسبة الأكبر من الأجانب العاملين في سوق العمل هم من محدودي التعليم، حيث تشكل العمالة الأجنبية التي لا تجيد القراءة والكتابة في السوق السعودية نحو 40 في المائة، كما أن 70 في المائة من العمالة الوافدة لا يحملون شهادة الثانوية العامة.
وأشار البوعينين إلى أن التعليم والكفاءة لا يمكن أن يتحملا مسؤولية البطالة الحالية، فأرامكو السعودية وظفت الأميين وحولتهم مع مرور الوقت إلى مهندسين، ومحاسبين وفنيين، وإداريين أكفاء.. وأضاف: (السوق السعودية أكبر جامعة مفتوحة في العالم تستوعب أميي العمالة الأجنبية.. تدربهم وتدفع لهم أجورهم، ثم تخرجهم إلى الأسواق العالمية، ولكنها لا تستطيع أن تقبل المتعلمين السعوديين بحجة عدم امتلاكهم الخبرة الكافية).
وأرجعت دراسة لمنتدى الرياض الاقتصادي معوقات تنمية الموارد البشرية في المملكة بشكل رئيس إلى ضعف التنسيق بين الوزارات ذات العلاقة بتنمية الموارد البشرية: (التربية والتعليم، والصحة، والعمل، والاقتصاد والتخطيط، والمالية)، وغياب وجود رؤية موحدة تعمل من خلالها تلك الوزارات، ما أدى إلى وجود خلل في إدارة عملية تنمية الموارد البشرية.
وأظهرت الدراسة أن معوقات تنمية الموارد البشرية تشمل زيادة عدد خريجي التخصصات النظرية عن المطلوب منهم في سوق العمل، ووجود قدر كبير من العمالة السائبة بسوق العمل وهو ما يضر بالعمالة الوطنية، إضافة إلى قلة استقرار العمالة الوطنية في وظائف القطاع الخاص ومحدودية المجالات والفرص الوظيفية للمرأة.