الجزيرة - فهد الشملاني
أجمع عقاريون على ضرورة دعم تمويل المساكن وفتح منافذ تمويلية جديدة تعضد الجهود الذاتية وتحفز مسيرة تنمية القطاع.
وأكدوا في تصاريح لـ(الجزيرة) أنّ غياب النظرة الشاملة للإسكان في اعتمادها على المبادرات الفردية التي لا تحقق التوازن في العرض والطلب، قد أسهم في تفاقم مشكلة الإسكان وعمل على إيجاد فجوة في السوق بين العرض والطلب.
وأكد عقاري متخصص أهمية قيام سوق ثانوي يساهم في توفير التمويل اللازم للعقار من خلال إتاحة الفرصة للمستثمرين لتكوين شركات تمويل عقاري جديدة، أو شركات تمويل متخصصة وأنّ هذا الاتجاه أصبح ضرورة ملحة لتلبية الطلب المتزايد على الوحدات السكنية، في ظل النمو الكبير في عدد السكان، وقلة المعروض من الوحدات السكنية.
وأبان العقاري إبراهيم بن سعيدان أنّ عدم اكتمال المنظومة العقارية، والتركيز السكاني في المناطق الرئيسية، وضعف الوعي بآليات التمويل العقاري تعتبر من أبرز العوامل وراء عدم تمكن الكثير من المواطنين من امتلاك منازل خاصة بهم، لذا فإنّ تطبيق الرهن العقاري يزيد حصة القطاع العقاري من الناتج الإجمالي، ويوفر فرصاً وظيفية، ويحرك نشاط التطوير العقاري وما تتبعه من أنشطة مرتبطة به مثل قطاع المقاولات بكل ما يحتاجه من مواد وكوادر بشرية. ويرى أنّ مسؤولية زيادة الوعي بآليات التمويل العقاري تقع على عاتق شركات التمويل العقاري لتوضيح كيفية استخدامه في تحقيق هدف امتلاك مسكن خاص.
وأضاف بن سعيدان أنّ هناك معاناة من شح الوحدات السكنية الناجم عن ضعف التمويل، مما أدى إلى ارتفاع الطلب وقلة العرض، وهو نتيجة مباشرة لغياب الجهات التمويلية التي يمكنها بالتعاون مع المستثمرين في القطاع العقاري النمو كثيراً بهذا القطاع للوصول إلى موازنة العرض والطلب وبالتالي انخفاض الأسعار.
ويرى إبراهيم بن سعيدان أن إقرار نظام الرهن العقاري والعمل به سيساهم كثيراً في التغلب على مشكلة الإسكان في المملكة، وفي نفس الوقت سيقدم منتجات تلبي حاجة المواطن ويضمن حقوق الجهات التمويلية في نفس الوقت، وبالتالي استقرار الأسعار.
تمويل الإسكان يحتاج 117 مليار ريال حتى عام 2020م
بيّن إبراهيم بن سعيدان أنّ قطاع البناء والتشييد في المملكة سيشهد خلال المرحلة المقبلة نمواً متواصلاً يتوافق ومعدل النمو السكاني، حيث تعتقد الدراسات العقارية أن تمويل الإسكان في المملكة يحتاج إلى 117 مليار ريال حتى عام 2020م، الأمر الذي يستلزم زيادة الاستثمارات وإعطاء هذا القطاع أهمية كبرى، خاصة أنّ النمو السكاني يتطلّب توفير 110 ملايين متر مربع من الأراضي السكنية.
وقال إنّ الدراسات توقعت حاجة القطاع العقاري لأكثر من 65 مليار ريال في عام 2010م, بعد صدور عدد من الأنظمة والقوانين المتعلقة بالتمويل والرهن العقاري والإيجار التمويل، وأن نظام الرهن العقاري في تملك الوحدات السكنية من أهم النظم التي تساعد المؤشر الاقتصادي العقاري على النمو، الأمر الذي يدعو إلى ضرورة تفعيل هذا النظام، حيث سيساهم التمويل العقاري بمساندة الرهون العقارية لتنمية قدرة المواطن على شراء مسكنه الخاص، والمساعدة على سد الفجوة الإسكانية الكبيرة التي تشهدها السعودية نتيجة ازدياد الطلب على المساكن والنمو السكاني الذي تشهده البلاد، والذي تمثل فيه فئة الشباب أكثر من 60 في المائة من المواطنين، إذ تحتاج البلاد ما يقارب 200 ألف وحدة سكنية سنوياً بقيمة تصل إلى 100 مليار ريال، بحساب متوسط للوحدة السكنية بقيمة 500 ألف ريال، وأيضا يساعد في تسهيل الإجراءات المعقدة في برنامج التمويل, والعمل وفق آلية عمل واضحة يتزامن فيه الرهن العقاري بالحصول على التمويل, لأن هناك بنوكاً تأخذ فوائد كبيرة تتراوح بين 7% و10% في برنامج التمويل لعدم وجود ضمانات أو تشريعات، وبالتالي فإنها تلجأ لرفع نسبة الفوائد كبديل للمخاطرة وتفاديا للخسارة، وبالتالي فإن التشريعات تساعد على تزايد الشركات الخاصة بعمليات التمويل من جانب، ومن جانب آخر يسهم في تسهيل الإجراءات وتخلق ضمانة قانونية للطرفين (الممول - المستفيد).
وتوقع ابن سعيدان أن يساعد إقرار قانون الرهن العقاري في الإسراع من بدء التنفيذ في منظومة التمويل العقاري في المملكة.
وأضاف أن العوائق الاستثمارية في القطاع العقاري الإسكاني تتمثل في ثلاثة محاور رئيسية الأول ندرة الشركات الكبرى العاملة في مجال التطوير الإسكاني الحقيقي، نظراً لكبر حجم القطاع العقاري مالياً. والثاني شح آليات التمويل الإسكاني (تمويل المشاريع الإسكانية، تمويل شراء الوحدات الإسكانية), بالإضافة إلى عدم اكتمال البنية التشريعية والإجرائية وما ترتب على ذلك من غياب لبعض المتعاملين في السوق العقارية الإسكانية.
وأبان أنّ غياب التشريعات القانونية بالرهن العقاري والتنظيمات المساعدة مثل التنفيذ على الرهون أفضت إلى دفع البنوك والشركات لإيجاد أنظمة، فالكل يجتهد ويضع شروطاً ليضمن حقه، إلاّ أنّ صدور تشريعات قانونية موحدة يسهم في إحداث تحول كبير في عمليات التمويل العقاري، سواء من حيث الحجم أو السهولة في الحصول عليها، وانعدام القنوات الاستثمارية دفع السيولة الكبيرة الموجودة في المملكة نحو الاستثمار في القطاع العقاري، مما ساهم في زيادة أسعار الأراضي بصورة كبيرة خلال الفترة الماضية، كما أن ارتفاع نسبة ما يؤخذ من الأراضي عند اعتماد المخطط من 33% إلى ما يقارب 45% رفع تكلفة الأرض, بالإضافة إلى تحمل المستثمرين في القطاع جميع أعمال البنية التحتية من (كهرباء, وماء, ومجاري, وهاتف، وأرصفة, وإنارة، وزراعة)، لذا فإنّ إنشاء المزيد من شركات التمويل العقاري سيحرك السوق ويخلق نوعاً من التوازن بين العرض والطلب مما يدفع الأسعار نحو التراجع النسبي، وتوجه المستثمرين في مجال العقار إلى البحث عن قنوات استثمارية أخرى أو العزوف عن البناء لغرض التأجير.
وأوضح إبراهيم بن سعيدان أن الإمكانات والفرص العقارية المحتملة والمستمرة التي يوفرها قطاع الاستثمار والتطوير العقاري في المملكة، تحتاج إلى معرفة بطبيعة السوق السعودي واحتياجاته العقارية، فمع استمرار النمو السكاني بمعدل 2.5 في المئة سنوياً، فإنه من المتوقع أن يتضاعف عدد السكان في المملكة، خلال الـ28 عاما القادمة ليصل إلى نحو 50 مليون نسمةً.. كما أن الحاجة الإسكانية في المملكة لن تتوقف لأن أغلبية السكان فيها من الفئات الشابة 40% تحت العشرين سنة، 70% تحت الثلاثين سنة، علاوة على 65% من العائلات لا يملكون سكناً خاصاً بهم في الوقت الحاضر، وهذا يجعل الفرص العقارية المتوقعة في المملكة كبيرة جداً (بخلاف دول مجلس التعاون الخليجي)، وهناك أعداد هائلة من الناس يتطلعون للاستفادة من هذه الفرص بما فيها شراء المباني. ويقدر الطلب على الوحدات السكنية بـ200 ألف وحدة سنوياً.
وحول نظرة المستقبل لسوق العقار في المملكة وتأثره بالأزمة الاقتصادية العالمية قال: إن الاقتصاد السعودي يتمتع بحصانة كبيرة ومن أقوى الاقتصاديات في العالم. فالمستثمر السعودي أو المساهم لن يتأثر بالأزمة، لكن التركيز يقتصر في التداول العقاري للمشاريع السكنية بحسب المواقع المحتاجة، وقد ينتعش السوق العقاري بصور أكثر متأثراً بعوامل عدة منها إقرار وتفعيل أنظمة وضوابط مهمة للقطاع العقاري، وأهمها نظام الرهن العقاري، وخصوصا في قطاع مثل قطاع العقارات في المملكة، وانخفاض أسعار المواد الخام التي تدخل في تشييد المشاريع العقارية حيث بدأ المتابعون يلاحظون رخص المواد الخام التي يتوقع أن تنخفض بشكل أكبر خلال الأشهر المقبلة، مما سيخفض من تكاليف الإنشاء ويحفز المستهلكين النهائيين للشراء، بالإضافة إلى ارتفاع الطلب الداخلي على مشاريع الإسكان والمشاريع التجارية وهو ما يعني وجود طلب كبير ومتزايد على المنتجات العقارية، وهذا الطلب داخلي ولا يعتمد على مشترين خارجيين، كما هو الحال في القطاع العقاري لبعض الدول المجاورة، وهو ما سيغري كثيراً من المستثمرين للاستثمار في قطاع العقارات.
وأضاف أن من ضمن الأمور التي تدعم القطاع رخص قيمة العقارات في المملكة حيث إن جميع الإحصاءات التي أجريت أخيراً بعد دراسة أسعار جميع دول المنطقة، أجمعت على أن قيمة العقارات في المملكة تُعد الأرخص في المنطقة، وهذا يجعلها آمنة من أي تصحيح قد يحصل مستقبلاً. وأيضاً دخول بعض شركات التمويل العقاري التي ستوفر منتجات جذابة لتمويل العقارات وبأفضل العروض، وهذا سيحفز المستثمرين على توفير مشاريع عقارية لتلك الشركات. كما أن انهيار نظام الرهن العقاري الأمريكي وكثير من الصناديق العقارية والاستثمارية جعل هناك فراغاً وحاجة لتوفير بدائل لها، حيث إن كثيراً من الاستثمارات العالمية الحكومية والخاصة التي كانت تستثمر فيها ستبحث عن بدائل في أسواق جديدة، ومن أهمها السوق العقارية الخليجية بشكل عام والسعودية بشكل خاص.
وأكد ابن سعيدان أن جميع العوامل السابقة تنبئ عن طفرة مشاريع عقارية قادمة ستؤدي إلى انتعاش كبير لقطاع الاستثمار العقاري، وأن التخوف السائد وقتي فقط.
توسيع مصادر تمويل بناء المساكن ضرورة ملحة:
رأى العقاري فهد السعود أن القطاع السكني في السوق العقاري يحتاج إلى لفتة نظر من الجهات الحكومية والخاصة من أجل توسيع مصادر تمويل بناء المساكن كإيجاد صناديق أو مؤسسات تقوم بإقراض بناء المساكن بفوائد معقولة لا تثقل كاهل المواطنين، مقترحاً أن تساهم الدولة في جزء كبير من رأس مال هذه المؤسسات حتى تكون داعماً قوياً لها.
وأشار السعود إلى أن صندوق التنمية العقارية غير كاف خاصة وأن الانتظار في الحصول على قروض عقارية يصل إلى آلاف الأشخاص بسبب قلة التمويل، موضحاً أن شح آليات التمويل هي العائق الأكبر بالتوسع في قطاع الإسكان، فمن دون وجود مؤسسات مرخصة لتمويل المساكن لن تتمكن الأغلبية من الحصول على مسكن، وأضاف أن أكثر من 80 مؤسسة تمويل مساكن تقدمت بطلب لمؤسسة النقد العربي السعودي للسماح لها بالعمل في السوق السعودي وتتمنى تسهيل إجراءاتها.
وطالب السعود بزيادة حجم التمويل الذي يقدمه صندوق التنمية العقاري للمواطنين خصوصاً في المدن الرئيسة لدعم شريحة أكبر لتملك العقار وتخفيف الضغط على البنوك لحجم مخاطر التمويل العقاري.