Al Jazirah NewsPaper Saturday  30/05/2009 G Issue 13393
السبت 06 جمادىالآخرة 1430   العدد  13393
عقاريونا تقليديون وليسوا مطورين!
د. توفيق عبد العزيز السويلم

 

سبق أن ذكرت في المقال السابق منتصف الشهر الماضي أنه كثر الحديث عن الإسكان ومشكلة العجز الواضح في المعروض منه سواء للتملك أو للإيجار وإلى الآن المبادرات التي تتخذ لحل هذه المشكلة ليست على مستوى الواقع وما به من حقائق تبين الفجوة الكبيرة بين العرض والطلب والأمر مرتبط بعدة عناصر مؤثرة مثل تنظيم العلاقة القانونية والتعاقدية بقطاع الاستثمار العقاري، والتمويل طويل الأجل وحماية أموال البنوك وبطء إجراءات التقاضي والمحاكم وغيرها.. ومع تنامي الطلب على السكن في المملكة والحاجة المتزايدة إلى مشاريع عقارية لسد الفجوة الموجودة بالسوق العقاري.. يلاحظ عدم وجود حلول جذرية تستطيع تلبية حاجة شرائح المجتمع إلى المسكن ويظل الإسكان هو الهاجس الأول لدى المجتمع.

إن هذا الموضوع لا بد من طرحه كقضية اجتماعية وليست اقتصادية أو تنظيمية فقط ومن المهم إبرازه والتركيز عليه لدى الجهات ذات العلاقة والغرف التجارية والعمل على احتضان المطورين العقاريين ودعمهم وتشجيعهم للقيام بمبادرات مبتكرة تساعد في حل المشكلة وابتكار أساليب للتمويل حيث إن التمويل العقاري يلعب دوراً واضحاً في دعم المشروعات العقارية المختلفة.. ولكن هل الدور الذي تقوم به الجهات التمويلية في دعم هذه المشروعات هو الدور المتوقع منها؟!.. وما هو الدور الحقيقي للجهات التمويلية الذي يمكن أن تلعبه في تمويل المشروعات العقارية؟.. إن هذه القضية بحاجة إلى البحث والتحليل بشكل علمي ومهني لأنها مشكلة طويلة الأجل وتمس شريحة كبيرة من المواطنين.

أصبح الآن الحصول على تمويل لبناء المسكن معضلة تستنزف جزءاً كبيراً من ميزانية المواطنين ذوي الدخل المتوسط، فما بالنا بالمواطنين الذين لا يستطيعون مجرد التفكير في امتلاك وحدة سكنية ومع صعوبة الحصول على قرض صندوق التنمية العقاري وارتفاع أسعار الأراضي تظل المعضلة الإسكانية بحاجة إلى حلول جذرية يستطيع من خلالها جميع أفراد المجتمع الحصول على سكن ملائم، وحلول غير تقليدية.

والراصد لأهم المعوقات التي تواجه المواطنين في الحصول على سكن يجد أنها تتركز في مجموعة من المعوقات الرئيسة التي منها على سبيل المثال لا الحصر: ارتفاع أسعار الأراضي وعدم وجود برامج وحلول عقارية غير تقليدية تستطيع تلبية كافة رغبات المجتمع وشرائحه بالإضافة إلى انخفاض متوسط دخل الفرد وارتفاع تكاليف البناء وعدم توافر وسائل تمويل لبناء المساكن.

الجدول التالي يبيّن عدد المساكن المشغولة بأسر سعودية، وذلك في جميع مناطق المملكة حيث تتوزع هذه المساكن على المدن حسب عدد السكان بنسب متفاوتة نتيجة لعدد سكان كل منطقة.

إن هذا التوزيع لعدد المساكن في المملكة يبيِّن حجم هذه المساكن حسب عدد سكان كل منطقة ولكن تبقى هناك حاجة كبيرة لزيادة عدد هذه المساكن لتواكب الزيادة الواضحة في عدد السكان والأسر وتبقى مشكلة التمويل عائقاً أساسياً أمام مشكلة الحصول على سكن.. وقد كان تفكير الجهات ذات العلاقة بضرورة وجود جهات تقوم بعمليات تمويل الإسكان منذ زمن بعيد ففي الخطة الخمسية من عام 1975م إلى 1980م تم وضع بعض البنود المساعدة في عملية التمويل ونتج عنها إعطاء دور أكبر لصندوق التنمية العقاري لتمويل المشروعات العقارية وإعطاء قروض للمواطنين، وبمرور السنوات ظهرت الحاجة إلى توسيع أشكال التمويل فظهرت بعض الجهات التمويلية:

1- صندوق التنمية العقاري الذي لا يزال يعمل بشكل تقليدي وروتيني، وكان هذا الصندوق في البداية يتجه إلى تمويل الأسر ثم توسع فيما بعد وقام بتمويل المستثمرين حتى ينشط السوق العقاري وقام بتمويل كثير من المدن والقرى ولكن لا يزال الآن بطيئاً ويحتاج المواطن لمدة طويلة حتى يصله دوره بالقرض.. نتمنى معالجة ذلك.

2- البنوك التجارية: لا شك أن البنوك يقع عليها حمل كبير لدعم اقتصاد أي دولة وتمويل مشروعاتها، لكن البنوك تختلف فيما بينها في سياستها التمويلية للمشروعات الاقتصادية بالنسبة للأطراف التي تتعامل معها، فبعض البنوك يركز على دعم المنشآت والشركات الضخمة.. والآخر يركز على دعم المنشآت الصغيرة كل ذلك بما يتلاءم مع كواردها ووضعها المالي وانتشارها والهياكل البشرية بها، ولكن دورها في دعم المشاريع العقارية ليس على المستوى المأمول نتيجة لمشاكل الرهن العقاري الكثيرة.. منها عدم السماح للبنوك برهن العقارات وبطء التقاضي بالمحاكم.

3- صناديق الاستثمار العقارية التي تشرف عليها هيئة السوق المالية والتي صدرت لوائحها نتيجة بعض السلبيات في نظام المساهمة العقارية ومع ذلك فالبطء الشديد في الحصول على موافقات الصناديق العقارية يؤثر على السوق العقاري.

نتمنى من الغرف التجارية والهيئة العامة للإسكان وكل الجهات ذات العلاقة وضع حلول جذرية لهذه المعضلة الإسكانية والتغلب على مشكلة ارتفاع أسعار مواد البناء، ومعالجة البطء في اعتماد المخططات السكنية، ودعم المطورين العقاريين وشركات التمويل العقاري، وزيادة ارتفاعات المباني على الشوارع الرئيسة مما يخفض التكلفة وبالتالي انخفاض الأسعار، وإيجاد مرجعية موحدة للجهات المسؤولة عن العقار في المملكة.. ولا شك أن هذه الإجراءات لو اتخذت سوف تخفف من هذه المعضلة الإسكانية في المملكة.. أماني كبيرة ومتطلبات كثيرة تفرضها الضرورة حيث أصبح الإسكان هاجس كل مواطن.. أسأل الله تعالى أن تتضافر الجهود في خدمة وطننا المعطاء.. وفق الله كل مخلص للمساهمة في هذا الموضوع.

* مدير دار الخليج للبحوث والاستشارات الاقتصادية



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد