Al Jazirah NewsPaper Saturday  30/05/2009 G Issue 13393
السبت 06 جمادىالآخرة 1430   العدد  13393
الليبرالية والعولمة وجهان لعملة واحدة
خالد الخضري

 

سؤال كبير يطرحه العديد من المفكرين في الولايات المتحدة ودول أوروبا، خاصة واننا نتحول الآن تحولات تنبأ بها الكثيرون من المفكرين قبل عقود من الزمان، وربما أسهم بعض هؤلاء المفكرين.....

.....في إنشاء البنية الأساسية للعالم الجديد الذي نعيشه الآن، هل نحن في مفترق طرق، أم أننا على وشك الوصول؟

تساؤل آخر، يجعلنا نعود إلى قراءة واقعنا، فقبل عقدين من الزمن كان العالم يعيش في ظل معسكرين: المعسكر الشرقي، والمعسكر الغربي، اللذان كانا يحكمان العالم، ويتقاسمان كعكته السياسية والاقتصادية، وعلى وجه الخصوص التبادل التجاري الذي أدى إلى سيطرتهم على موارد المواد الخام، وضمان الولاء السياسي للدول ودعم برامجهما السياسية، خلال ضمان التصويت في الأمم المتحدة.

الآن يتغير الأمر، لم يعد هناك معسكر شرقي، وأصبحت القيادة في يد معسكر واحد، يريد أن يحول العالم إلى قرية كونية واحدة، والسؤال المهم، هل فكرة تحويل العالم إلى قرية كونية واحدة هي فكرة جديدة، أم صاحبها العديد من المراحل؟.

الكلام حول بداية العولمة كثير، فمنهم من ربطها ببداية نشأة الدولة القومية ذاتها وبداية القرن الخامس عشر، أو أنها ارتبطت بالنهضة الأوروبية الحديثة، أو كما يثير بعض الباحثين في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، والنصف الأول من القرن العشرين، إلا أنها في السنوات الأخيرة شهدت تنامياً سريعاً.

الأمر سيان يا سادتي، فإن العولمة من وجهة نظري، بدأت مع تلاقي أبناء الكرة الأرضية في استخدام التقنيات الحديثة منذ اخترع المحرك البخاري، إلى أول مذياع استمع إليه في العام 1940 إلى انتشار التلفاز 1950 وصولاً إلى البث الفضائي وشبكة الإنترنت وإلى غير ذلك من الاستخدامات التقنية التي تفاجئنا كل يوم، ثم التلاقي على مستوى اللغات العامية التي تبرز في لغة الإشارة، سواء أكانت إشارات تنظيمية أو لغات تسمح بالتخاطب الجمعي لكل الناس مع اختلاف لغاتهم وتباين وجهاتهم، كالإعلان، وإن كانت العولمة كما يؤكد البعض تم تعريفها من وجهة نظر اقتصادية، فالاقتصاد عموماً هو المحرك الرئيس لكافة العلاقات الإنسانية بين البشر، فالأنظمة والسياسات كلها مرتبطة بالاقتصاد، فهو الباني والهادم في نفس الوقت، لأقوام على حساب آخرين، وإن كان الاقتصاد معول هدم، وبناء منذ زمن بعيد فإنه في حياتنا المعاصرة بات هو المحرك لكل شيء، وهو القادر على صياغة الحياة الجديدة، كما هو الحال في النظام الرأسمالي الذي بات هو النظام الذي يسود العالم حالياً، عدا النزر اليسير من دول لا تزال في عزلتها الأيديولوجية، ويبدو أن سيادة النظام الرأسمالي، مرتبطة بالنظام الليبرالي، وهما يمثلان وجهي عملة واحدة، وهذا ما يجعلنا نعود للتأكيد على أن العالم الجديد، والعولمة التي باتت تغزو كل بقعة من بقاع الأرض ستتجاوز حدودها الاقتصادية والسياسية لتخيم على كل مستويات حياتنا، أيدولوجيا واجتماعيا، حيث بدأت تتشكل ملامحنا الاجتماعية في هذا الاتجاه الذي لن يسلم أحد تأثيره، لأنه في نهاية الأمر لن يستطيع أحد العيش في عزلة متقيا تأثير العولمة على حياته.

إذن هل العالم الجديد هو الآن في طور الخروج من الشرنقة، أم هو يعيش الآن حالة مخاض، أم أنه ينساق نحو الهاوية؟

إن التحولات التي تشهدها مناطق كثيرة في العالم وبخاصة مجتمعات العالم الثالث في مواجهتها للعولمة، هي ذات التحولات التي حصلت في القرن السادس عشر في أوروبا أو أنها تكاد تكون مشابهة لها، فهل تستطيع الليبرالية الجديدة أن تحكم قبضتها على العالم، ومع أن سنة الحياة تؤكد أن الدنيا دول، إلا أن كل المؤشرات توحي بهذه الهيمنة، وتشير إليها، وهو ما كان يحلم به كثير من القادة في يوم من الأيام ولم يسعفهم الحظ بمعاصرته، كما قال هتلر يوما في خطابه أمام الرايخ (سوف تستخدم الاشتراكية الدولية ثورتها لاقامة نظام عالمي جديد). وجاء في إعلان حقوق الإنسان الثاني عام 1973م (إننا نأسف بشدة لتقسيم الجنس البشري على أسس قومية لقد وصلنا إلى نقطة تحول في التاريخ البشري حيث يكون أحسن اختيار هو تجاوز حدود السياسة القومية، والتحرك نحو بناء نظام عالمي مبني على أساس إقامة حكومة فدرالية تتخطى حدود القومية، فماذا تحقق في هذا السياق منذ ذلك الوقت، سؤال كبير؟.

أسألك اللهم السلامة والسلام.

مستشار تدريب - معهد الأمير أحمد بن سلمان للإعلام التطبيقي، باحث في الشؤون الإعلامية.


kald_2345@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد