كنا نسمع اسمه عبر وسائل الإعلام بوصفه رقماً فاعلاً في رابطة العالم الإسلامي، ثم غاب عن المشهد فغبنا عنه، ولا غرابة؛ فنحن قوم بلا ذاكرة؛ نرى مَن أمامنا، ولا يعنينا السؤال عمّن مضى لشأنه حتى يمضي إلى ربه؛ فنستمطر عليه رحمة الله.
* وقد خصّص صاحبكم مقاله (ذات سبت) لمرض (الزهايمر والمجتمع المدني)؛ ففاجأته رسالة جوال صباحية مبكرة من الشيخ الجليل (محمد صفوت السقا أميني) الأمين العام المساعد لرابطة العالم الإسلامي - سابقاً - أتبعها برسالة بريد آلي يؤكد فيها دور مؤسسات المجتمع المدني في التوعية بهذا المرض الصعب.
* ما لا يعرفه الأكثرون أنّ الشيخ السقا (1347 -) تقاعد من عمله القيادي في الرابطة ليتفرّغ لرعاية زوجته التي أصيبت بالمرض؛ فتولّى تطبيبها وخدمتها حتى اختارها المولى سبحانه فرضي بالبلاء، واحتسب القضاء، وهكذا هي سنّة الحياة ومصير الأحياء.
* الشيخ السقا صاحب المؤلّفات الخمسة عن أحوال المسلمين في الاتحاد السوفيتي، وغينيا، وقبرص، والهند، ويوغوسلافيا، ضرب مثلاً نحتاجه في التواصي بالصبر والمرحمة؛ فقد ترك العمل قبل بلوغ الستين، وكم هم وهن من يتمترسون بفضل الوفاء وفضيلة العطاء؟!.
* غداً تشهر الجمعية السعودية الخيرية لمرض الزهايمر في احتفال مهم تضاف فيه مؤسسة جديدة إلى مؤسسات المجتمع المدني التي بدأت تأخذ مكانها في الدائرة التنموية المتسعة بمساحة الوطن، وبالمؤمنين بالعمل التطوعي الخالص لوجه الله ومن أجل عباد الله.
* غداً ستقول الجمعية: لا بأس لمن وبمن فقدوا عقارب ساعاتهم؛ فالأهم ألاّ يفقد سواهم الساعة نفسها؛ فالوقت إنجاز لا ارتجاز، والكلام لا يصل بل العمل، واليأس لا يجدي وإنما الأمل.
* في الحفل سيتحدث الخطباء والبلغاء، ثم نمضي ويمضون؛ لتبقى نماذج مضيئة قدمت وتقدم دروساً عملية في الإيثار سيكون لها دورها في التأثير، وبها سيكون الاحتفال خطوة أولى تتبعها خطوات، وهنا سيسعد المؤسِّسون والداعمون والمتكلمون، ويدركون قيمة السهر في النهار.
* مأسسة المجتمع ضرورة، والقدوة ضرورة، والفعل ضرورة، والحراك المجتمعي المنتج هو النائي عن اللغط والشطط، والاستعداء والاستعلاء، والوقوف في محطة عدم المبالاة، والسلبية أمام العمل التطوعي؛ فهذا الوطن هو القيمة والقامة، ومن أجله تكد الأذهان والأبدان.
* شكراً للشيخ السقا؛ فقد أدى رسالته، وما يزال، وتوفيت زوجته - رحمها الله - فوصل سعيه بوعيه، وثم نماذج مماثلة ليتها تقص حكاياتها؛ لندرك أنّ التسليم لا يعني الاستسلام.
* الجماعية قدرٌ ومقدرة.
